عادت المؤسسات الحكومية للعمل بالأنظمة المعتادة بعد جائحة كورونا، وكان ديوان الخدمة المدنية قد أصدر في بداية الجائحة دليلا إرشادياً لأنظمة العمل أسماه (دليل سياسات وإجراءات وقواعد العودة التدريجية للعمل في الجهات الحكومية) تضمن قرارات استثنائية في تخفيف ساعات العمل ونسبة الموظفين في كل وحدة إدارية والعمل عن بعد ونظام الإعفاء وإلغاء البصمة وتفصيلات أخرى استدعتها الظروف الصحية الطارئة في البلاد.

اليوم وبعد سنة ونصف السنة تقريباً على تطبيق الدليل الإرشادي للدوام ثم العودة للأوضاع الطبيعية من ١٥ أغسطس الجاري أعتقد أن من المناسب على الإخوة في ديوان الخدمة المدنية إعادة دراسة أنظمة الدوام في مؤسسات الدولة وتطويرها لتحقق الخدمات المطلوبة من الدولة وتوفر البيئة المناسبة للموظفين، وتوائم ظروف المجتمع، وذلك قياساً بهذه التجربة الاستثنائية التي مرت بها البلاد، ويمكن للديوان في هذا الجانب الاستعانة بتقييم الأجهزة الحكومية لهذه الفترة ووجهة نظرها تجاه نوعية الدوام وآلياته خلال الجائحة.

Ad

التوسع في الخدمات الإلكترونية مطلب فائق الأهمية لكل عملاء الجهات الحكومية سواء الأفراد أو المؤسسات، والنجاح في التوسع في هذا المجال دلالة فارقة على تطور الدولة واحترامها لمواطنيها وكفاءة قياداتها وبنيتها التكنولوجية، اللجوء إلى الدوام الفعال المرتبط بكمية الإنجاز ونوعيته بدلاً من التمسك بالدوام المحدد بساعات الوجود في مقر العمل، والذي يستوي فيه المجتهد والبليد، وربط التقييمات السنوية والمكافآت بالإنجاز الحقيقي لا بكشف البصمة، وإتاحة اختيارات للدوام المرن بحيث تمكن الموظف من القيام بوظيفته في مجال أوسع من حصره بين ساعة ابتداء وساعة انتهاء وتلبي ظروف عملاء الجهات الحكومية في إنجاز معاملاتهم طوال اليوم بدلاً من تخصيص النهار فقط.

أطالب الديوان أيضاً بإعادة النظر بشكل كامل في نظام التغيب الجزئي الذي قرره مجلس الخدمة المدنية في قراره ٤١ لسنة ٢٠٠٦ وأنا أكاد أجزم أن هذا النظام لم ينجح لصعوبة تطبيقه وتكلفته العالية على الموظفين وعدم جدواه، ويمكن معرفة ذلك بنشر إحصائية من استفاد منه من موظفي الدولة خلال ١٥ عاماً من إقراره، وسنكتشف أنه نظام شكلي ووضع حبراً على ورق لم يحقق الفائدة المرجوة منه للموظف ولا الدولة.

الدوام الحكومي في الكويت مرتبط بعناصر الدولة ارتباطاً عظيماً سواء الأشخاص والشركات أو المواطن والمقيم أو الأسرة بكل أفرادها، وأبسط الأمثلة على ذلك الزحمة المرورية اليومية أو مشاكل أولياء الأمور في التوفيق بين دوامهم ودوام مدارس التربية، ولذلك أناشد رئيسي مجلس وديوان الخدمة المدنية إعادة دراسة الأنظمة المعمول بها للدوام وتطويرها بما يحقق الفائدة للوطن والمجتمع، والله الموفق.

● ‏‫وليد عبدالله الغانم