سأل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عن رجل بشأن ما إذا كان أحد الحاضرين يعرفه، فقام رجل وقال: أنا أعرفه يا أمير المؤمنين، فقال عمر: لعلك جاره، فالجار أعلم الناس بأخلاق جيرانه؟ فقال الرجل: لا، فقال عمر لعلك صاحبته في سفر، فالأسفار مكشفة للطباع؟ فقال الرجل: لا، فقال عمر: لعلك تاجرت معه فعاملته بالدرهم والدينار، فالدرهم والدينار يكشفان معادن الرجال؟ فقال الرجل: لا، فقال عمر: لعلك رأيته في المسجد يهز رأسه قائما وقاعداً؟ فقال الرجل: أجل، فقال عمر اجلس فإنك لا تعرفه».

الصديق في زماننا «عملة نادرة» وقد قالوا في الأمثال: «الصديق وقت الضيق»، فقد كان لي صديق أعرفه منذ عشر سنوات أو أكثر، أكلت معه عيش وملح على رأي أهل النيل، وقد حصل لي موقف مع هذا الصديق يوم السبت 24/ 7/ 2021م، حيث ذهبتُ في وقت الظهيرة إلى حولي لتصليح اللابتوب، وأخبرني صديقي العزيز بأنه ذاهب إلى المحل نفسه وسنلتقي هناك.

Ad

فحص المهندس جهاز اللاتبوب وقال لي: إنه يحتاج إلى «هاردسك» سعره 40 ديناراً فوافقت، وتم تبديل القطعة، وفتحت محفظتي وللأسف لم تكن بطاقة السحب الآلي معي فقد نسيتها في البيت، فقال لي صاحبي: اترك اللابتوب في المحل وتعال العصر لدفع المبلغ! بصراحة استغربت من كلام صديقي، فقد ظننت أنه سيدفع عني المبلغ لأعيده له لاحقا، لكن للأسف خاب ظني فيه.

ذهبت إلى بيتي وأنا أقود سيارتي مسرعا وأحضرت المبلغ وسلمته لصاحب المحل، وأنا أشعر بضيق من تصرف صديقي معي، وتذكرت موقف عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، مع الرجل الذي ذكرته لكم آنفا.

«الصديق وقت الضيق» مقولة تعني أن الصديق الحق هو الذي يظهر وقت الضيق والشدة والحاجة، فكم من صديق تظن أنه سيقف معك عندما تقع في مصيبة أو شدة أو ضيق لكن للأسف لا تجده بجانبك بل يتخلى عنك تماما، فهذا الإنسان لا يمكن اعتباره صديقا، بل إنه لا يستحق لقب الصديق لأن الصديق الحقيقي وقت الضيق.

* آخر المقال:

صدق الإمام الشافعي حين قال:

ما أكثر الإخوان حين تعدهم

ولكنهم في النائبات قليلُ

محمد العويصي