تعدّ وحدة التحريات المالية الكويتية من أهم الجهات الحكومية، لأنها معنية بالمحافظة على نظافة القطاع المالي والمصرفي ونزاهته، وحمايته من الجرائم والأنشطة الاقتصادية غير القانونية مثل غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، ومختلف الأنشطة المشبوهة.

فعلياً، باشرت الوحدة عملها نهاية شهر يونيو 2014 بعد إنشاء الوحدة الكويتية بموجب القانون رقم "106" لسنة 2013 لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، قبل أن يصدر قرار مجلس الوزراء رقم "1532" لسنة 2013 المعني بتنظيم أعمال الوحدة وتحديد تبعيتها.

Ad

ومن الواضح أن الكويت متأخرة بإنشاء وحدة التحريات المالية مقارنة بدول الخليج الأخرى، مما يطرح تساؤلاً إن كنا سنواجه تأخيراً إضافياً في تطوير أساليب التحريات لتواكب العولمة وتطور أساليب غاسلي الأموال والجرائم المالية غير المشروعة؟

التحدي كبير اليوم على وحدة التحريات؛ فبعد المشاكل والجرائم المثارة أخيراً كعمليات غسل أموال مشاهير السوشيال ميديا وقضايا الصندوق الماليزي وغيرها من الجرائم، عادت بوادر إصلاح الوحدة بقدر معين من الجدية بعد إعادة تعيين باسل الهارون رئيساً للوحدة، وهو الذي تم تعينه في سنة 2018 وقدم استقالته بعد أسبوعين من توليه المنصب؛ بسبب التدخل في عمله، ومنذ ذلك الوقت ظلت الوحدة بلا رئيس أصيل حتى تمت إعادة تعيين الهارون رئيساً للوحدة.

ولئلا يكون في الأمر مبالغة، فإن إعادة تعيين الهارون تعتبر بداية بارقة أمل في الإصلاح، لكن ذلك يستوجب اتخاذ خطوات تنفيذية تطور من آليات عمل الوحدة وتجعلها قادرة على القيام بأعمالها بشفافية وكفاءة.

هناك العديد من الملفات المفتوحة، وعلى وحدة التحريات المالية مسؤولية التعامل معها بالطريقة الصحيحة والسليمة، ففي سنة 2018 أحالت وحدة التحريات المالية 38 حالة للنيابة العامة من 110 حالات عن جرائم غسل الأموال، ومازالت هذه الحالات غير واضحة ولا معلوم إلى أين وصلت وما هي نهايتها.

هذا يقودنا إلى مسألة الشفافية في الكويت، على الرغم من أن البلاد حققت تقدماً ملحوظاً في ترتيبها بمؤشر مدركات الفساد لعام 2020 وتقدمت درجتين عن ترتيبها بالمؤشر لعام 2019.

ومع ذلك، فإن الكويت مازالت بعيدة عن مستوى جيد للشفافية، ومازال أمامنا طريق مليء بالفاسدين، وقد جاءت الكويت في المرتبة 78 عالمياً بين 180 دولة في المؤشر.

ويجب أيضاً أن تهتم الوحدة بتطوير أعمال وكفاءة موظفيها عبر الدورات

والبرامج التأهيلية لمواكبة آخر تطورات عمليات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وغيرها من العمليات المالية المشبوهة.

دائماً ما يتم تشويه سمعة الكويت من الفاسدين في جميع المجالات، لكننا أمام حساسية عالية في المجال المالي والمصرفي، فالحكومة هي من تشوه سمعة الكويت عالمياً إذ إن سكوتها عن العمليات المالية المشبوهة أثر على الكويت بطريقة مباشرة وجعل ذلك من البيئة الاستثمارية طاردة للمستثمر المحلي والأجنبي على حد سواء، وربما تصل إلى مطالبات بغرامات وتعويضات على الكويت ومؤسساتها المالية والمصرفية.

حصة المطيري