أسترجع هذه الأيام كيف كان المزاج الشعبي أثناء الغزو وبعده تجاه المؤسسة العسكرية الكويتية، إذ كان وقع الغزو الغادر عظيماً على نفوس الجميع واهتزت ثقة الناس بالمؤسسات العسكرية والأمنية وكان من الطبيعي الاعتقاد بأنها جزء أساسي مما وقع على الوطن من كارثة عمياء، واستمر الشعور بالسخط الشعبي من الجيش الكويتي تحديداً حتى ما بعد التحرير بسنوات.

بعد 31 عاماً من الغزو العراقي يستحق ضباط وأفراد الجيش الكويتي أن نكرر لهم الشكر والتقدير على ما قاموا به من بطولات وتضحيات وأسر وقتل بعد مواجهتهم الغادرة مع الغزاة العراقيين، وكان أثر القرار السياسي بعدم الاستعداد القتالي للجيش الكويتي لإتاحة الفرصة للحلول الدبلوماسية الأخيرة سبباً رئيساً في الربكة العظيمة التي حلت يوم الغزو، فإذا أضفنا له الفروقات الهائلة بين العدة والعتاد والعدد والأفراد والاستعداد بين الجيشين المتقابلين فسنجد أن ما حققه ضباط وأفراد الجيش الكويتي بكل فروعه والحرس الوطني والداخلية لهي ملحمة وطنية وقصص بطولية يحق لنا ولأبناء الكويت الافتخار بها دائماً وأبداً كلما تكررت ذكرى الغزو العراقي الغادر وذكرى التحرير الغالية.

Ad

في 2-8 لم يتخل أبناء المؤسسة العسكرية عن واجباتهم ولم يلقوا بأسلحتهم، ورغم افتقاد المرجعية لإدارة ساعات المواجهة الأولى وتمتع أكثر من نصف طاقة الجيش بالإجازات السنوية المعتادة، تحمل كثير من الضباط والأفراد في مواقعهم المختلفة وبكل شجاعة قرار مواجهة جحافل الغزاة والعمل على تعطيل تسللهم للبلاد، فكانت الأعمال الجبارة والمناورات الارتجالية التي قامت بها القوات البرية والسلاح الجوي في القواعد المختلفة، وفاجأت القوات العراقية الغازية بما أصابها من خسائر غير متوقعة، ولم يتوقف الآخر عند هذا الحد لأبناء المؤسسة العسكرية والأمنية بل انتقل رجالها إلى العمل الميداني والمقاومة السرية، وإدارة شؤون الدولة داخلياً مع إخوانهم الصامدين، فكان منهم الأسرى والشهداء بإذن الله، حتى جاء يوم التحرير المبارك.

لقد أحسن بعض ضباط الجيش الكويتي توثيق أحداث الغزو والمواجهة العسكرية التي وقعت في 2-8 في كتب ومؤلفات ومقابلات مسجلة لتبقى ذكرى للأجيال المتعاقبة بإذن الله عن شجاعة وبسالة أبناء الكويت في الدفاع عن أمنهم وأرضهم وأهلهم ومجتمعهم وحقهم، وما زلت أكرر المطالبة لمجلس الوزراء ووزارة الدفاع والداخلية بإقامة متحف دائم لتوثيق هذه الأعمال ووقائع تلك الأيام وحفظ تاريخ الوطن، والله الموفق.

‏‫وليد عبدالله الغانم