وسط تشاؤم غربي بشأن إمكانية إحياء الاتفاق النووي وتصاعد موجة انتقادات دولية تشير بأصابع الاتهام إلى إيران بالوقوف وراء اعتداء مميت استهدف ناقلة نفط مملوكة لشركة إسرائيلية قبالة عمان، صادق المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس، على «حكم رئاسة الجمهورية» للرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي ليَنقل إليه السلطة التنفيذية من سلفه المعتدل حسن روحاني، مؤكداً أن إدارة الرئيس الجديد ستكون «جهادية وحكيمة وشجاعة».

وجاء في مرسوم مصادقة خامنئي على رئاسة رئيسي، أنه ينفذ رأي الشعب في اختياره رئيساً «وأعيّنه رئيساً للجمهورية الإسلامية الإيرانية»، مشيداً بشخصية رئيسي بوصفه «عالماً حكيماً ومخضرماً وشعبياً مثابراً لا يعرف التعب».

Ad

وقال خامنئي، في كلمة له بعد مصادقته رئاسة رئيسي، إن بلاده بحاجة إلى «قفزة على جميع المجالات، وإدارة كفوءة وجهادية وحكيمة وشجاعة».

ورغم تسجيل أقل نسبة تصويت بتاريخ الجمهورية في الاستحقاق الذي حرم العديد من الشخصيات البارزة من خوضه، اعتبر المرشد أن «الشعب واجه مؤامرة الأعداء لخفض نسبة المشاركة في الانتخابات من خلال حضوره الكثيف».

وقال إن «سلاسة انتقال السلطة تبعث الأمل فهناك وجوه جديدة تأتي إلى الساحة وتتيح الفرصة خاصة للشباب كما تعطي الفرصة لذوي الخبرة أن يستفادوا من دروس تجاربهم السابقة».

وأشاد خامنئي بتصريحات الرئيس الجديد الأصولي المتشدد خلال حملته الانتخابية وتأكيده على «القيم الثورية والعدالة ومكافحة الفساد».

ودعا الرئيس الجديد إلى التسريع في تشكيل الحكومة وتقديمها إلى البرلمان، الذي من المقرر أن يحلف اليمين أمامه غداً قبل مباشرة عمله، مؤكداً أن «ظروف البلاد لا تقتضي التأخير في تشكيل الحكومة».

وأشار خامنئي إلى أن «تحركات العدو اليوم تتركز على التحركات الإعلامية والدعائية أكثر من الأمنية والاقتصادية»، مطالباً بتعزيز العمل الإعلامي الإيراني وتقويته في مواجهة «الأعداء».

تعهدات وانتقادات

من جهته، أكد رئيسي، أن القضايا الاقتصادية تشكل «الأولوية العاجلة» للحكومة، مشيراً إلى أنه سيعمل على إعداد حلول لقضايا عجز الموازنة واستقرار سوق البورصة وكبح الغلاء والتضخم وكورونا ومشكلات المياه والخدمات وقضايا أخرى.

وشدد رئيسي على أنه سيعمل على رفع «العقوبات الغاشمة» التي فرضتها الولايات المتحدة على بلاده، «لكننا لا نربط الملفات الاقتصادية بالعقوبات».

وتعهد الرئيس الجديد، الذي يواجه هو شخصياً عقوبات أميركية بسبب مزاعم عن انتهاك حقوق الإنسان خلال عمله قاضياً، بتحسين الأوضاع المعيشية التي تدهورت منذ 2018 عندما انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي وأعاد فرض العقوبات على طهران.

ولم يشر رئيسي (60 عاماً) إلى موقفه من مفاوضات فيينا، غير المباشرة مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الرامية لإحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات والتي لم يحدد موعد استئنافها بعد توقفها أواخر يونيو الماضي.

كما انتقد رئيسي سياسات سلفه، الرئيس السابق حسن روحاني، الذي كان حاضرا في مراسم التنصيب.

تحركات وتشدد

وفي وقت تسعى أطراف إقليمية لفتح قنوات دبلوماسية تساعد في حلحلة الخلافات بين طهران والقوى الغربية، أفادت وكالة «مهر» للأنباء، بأن الرئيس الإيراني الجديد التقى في أول لقاء دبلوماسي له بعد مصادقة المرشد، وزير الخارجية القطري محمد عبدالرحمن آل ثاني، وبحثا العلاقات الثنائية بين البلدين.

ولاحقاً، التقى رئيسي وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي الذي لعبت بلاده دوراً كبيراً خلال مباحثات سرية أفضت إلى إبرام الاتفاق النووي عام 2015. وقبل اجتماعه مع الرئيس الجديد عقد البوسعيدي مباحثات مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في طهران، عقب حضوره حفل التنصيب.

من جانب آخر، وفي مؤشر على احتمال انتهاج طهران المزيد من التشدد على الساحة الدولية، قال مسؤول إيراني لوكالة «نور نيوز» شبه الرسمية، إن إيران لن تواصل خططها لتبادل السجناء مع الولايات المتحدة، متهماً واشنطن بارتكاب مخالفات تتعارض مع جهود الإفراج عن المحتجزين.

وفي يوليو الماضي، قالت طهران إنه تم التوصل لاتفاق لتبادل السجناء، لكن واشنطن نفت ذلك.

انتقاد إسرائيل

في هذه الأثناء، انتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ليئور هايات قرار الاتحاد الأوروبي إرسال ممثل «رفيع المستوى» للمشاركة في مراسم أداء اليمين الدستورية للرئيس الإيراني المنتخب، معتبرا أنه «أمرٌ محير ويظهر سوء تقدير».

ووصف هايات عبر «تويتر» الرئيس الإيراني المنتخب بـ«جزار طهران»، مشيراً إلى أن القرار الأوروبي يأتي «بعد أيام قليلة فقط من مقتل مدنيين اثنين، أحدهما من دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، رومانيا، في عمل إرهابي ضد الملاحة المدنية».

ورأى أن «مشاركة أوروبا تضفي شرعية على الهجوم الإيراني».

ورداً على تعهد الولايات المتحدة بـ«رد جماعي» مع حلفائها ضد إيران المتهمة بالتخطيط للهجوم على الناقلة الذي تسبب بمقتل حارس بريطاني ورماني، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، إن إسرائيل قادرة على التحرك بمفردها ضد إيران.

وقال بينيت خلال جولة على الحدود الشمالية: «نعمل على حشد العالم، لكن في الوقت نفسه نعرف كيف نتحرك بمفردنا».

في السياق، دان الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي الهجوم الدامي على ناقلة النفط في بحر عمان، لكن بروكسل دعت إلى «تفادي أي تحرك قد يضر بالسلام والاستقرار في المنطقة».

وقالت نبيلة مصرالي المتحدثة باسم وزير خارجية الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل: «ندين هذا الهجوم. نأخذ في الاعتبار تقييمات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل وندعو إلى تجنب أي عمل يضر بالسلام والاستقرار في المنطقة».

في غضون ذلك، رجحت مصادر بريطانية، أن تردّ لندن على «تورط» طهران في استهداف الناقلة عبر هجوم إلكتروني، مشيرة إلى أن «هناك خياراً آخر تدرسه لندن، وهو أن تقوم القوات الخاصة البريطانية بشن هجوم ضد الفريق الإيراني، الذي ينفذ الهجمات للطائرات بدون طيار».