بحكم متابعتي للأقلام المبدعة في وطني العربي، كان لابد لي من الوقوف أمام شريفة الشملان، التي كانت موسوعة قراءات للثقافات الإنسانية، حيث كانت تتعايش مع كل ما تقرأ، ثم تحلله وتلخصه وتقدمه بأسلوبها الممتع لقرائها. ولكي أضرب مثلاً عملياً، أجتزئ تلخيصها لرواية "الحب في زمن الكوليرا".

***

Ad

• "رواية الكاتب الكولومبي الرائع ماركيز تحكي عن حبيبين مراهقين، لتصورهما بتصوير مشوق جداً..

ثم تلعب الأقدار لعبتها، فتتزوَّج الحبيبة من طبيب شاب، وتترك حبيب مراهقتها، لكن الحبيب لم يتركها، وظل مُتمسكاً بعشقه لها، لدرجة أنها فوجئت به يوماً بعد سنين طويلة، حاملاً باقة ورد في جنازة زوجها. ولما اقترب منها نهرته، لكنه ظل مصمماً على التمسك بها، ولا يريد أن يتركها، حتى إنها وجدت نفسها لا تملك إلا الخضوع لهذه العاطفة المتأججة، وهما في السبعين من العُمر. والجميل أن أولادها كانوا يباركون لها زواجها من عاشقها قبل أبيهم. وبينما هما في رحلة بحرية، ينتشر وباء الكوليرا في الباخرة، التي كانا يركبانها، لكنهما لا يباليان، لأن ظلال الحب أقوى بكثير من وباء الكوليرا".

***

هكذا، وبهذه السطور القليلة لخصت شريفة الشملان رواية احتلت تفاصيلها مئات الصفحات، أعطت فكرة كاملة عن رواية حامل جائزة نوبل.

***

وتنتقل شريفة من البحث، والقصة، والمسرحية، وما تشاهده على الفضائيات إلى الشعر، فتكتب عن ديوان نازك الملائكة، فتقطع منه جزءاً من قصيدتها "الكوليرا"، التي تتوجه بها لمصر النيل العظيم، يوم تعرضت لهذا الوباء الفتاك:

يا حُزن النيل الصارخ مما فعل الموت

اسمع صوت الطفل المسكين

موتى.. موتى.. ضاع العددُ

موتى.. موتى.. لم يبقَ غدُ

ثم تُعلق شريفة: وتجاوزت مصر الأزمة، وعادت قوية وشامخة.

***

سياحة شريفة الشملان الثقافية في عالم الفلسفة، والفكر، والأدب، والإنسانيات، لن تُحصر بكلمات صحيفة سيارة، إنما على مَنْ عاصروها، وأخص بالتحديد صديقة عمرها د. فوزية أبوخالد، أن تكتب عنها ما لا يستطيع سواها أن يكتبه.

***

آخر ما قرأته لشريفة الشملان تغريدة كتبتها على "تويتر":

"وأخيراً نحن في البيت، بينما الكورونا حولنا، البيت ليس أربعة جدران، بل عالم واسع عندما نعرف كيف نجعله كذلك".

***

• ثم قرأت صديقة عمرها فوزية أبوخالد تنعيها بكلمات تكاد تتطاير منها زفرات وشهقات المدامع.

رحم الله شريفة الشملان، وتغمدها بواسع رحمته.

د.نجم عبدالكريم