أيدت محكمة الاستئناف الحكم الصادر من محكمة أول درجة برفض دعوى موظفة في وزارة العدل تطالب بتعويضها عن الأضرار التي أصابتها خلال فترة جائحة كورونا، نتيجة إصابتها بالفيروس.

وقالت محكمة أول درجة، بشأن طلب المدعية، ومسؤولية المدعى عليه بصفته، إنه لما كان مقرراً وفق قضاء محكمة التمييز أن محكمة ‏الموضوع لا تتقيد في تحديد طبيعة المسؤولية بما استند إليه المضرور في طلب التعويض أو النص القانوني ‏الذي اعتمد عليه في ذلك، بل يتعين عليها من تلقاء نفسها أن تحدد الأساس الصحيح للمسؤولية، وأن تتقصى الحكم ‏القانوني المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض وأن تنزله على الواقعة المطروحة عليها دون أن يعد ‏ذلك منها تغييراً لسبب الدعوى أو موضوعها باعتبار أن كل ما تولد للمضرور من حق في التعويض عما ‏أصابه من ضرر من قبل من أحدثه أو تسبب فيه هو السبب المباشر لدعوى التعويض مهما اختلف أسانيده.‏ ‏

Ad

تكييف الدعوى

وأضافت أنه لما كان ذلك، وكان على المحكمة تكييف الدعوى التكييف الصحيح دون التقيد بما يضفيه عليها الخصوم من ‏تكييف، ذلك أن الوقائع القانونية المعروضة على المحكمة لأي دعوى كانت لا تخرج عن كونها أحد مصادر ‏الالتزام والمحكمة وفق سبب الدعوى المتمثل في الوقائع القانونية تضفي التكييف الصحيح عليها باعتبار أنه ‏المنوط بها العلم المفترض بأحكام القانون وليس على الخصوم سوى عرض ما يستندون عليه من حق وسبب ‏نشوئه ومطالبتهم به حتى يتسنى للمحكمة معرفة نطاق الدعوى والتقيد به وليس لهم أن يتنقلوا بين نصوص ‏القانون ليجدوا ضالتهم التي تصب في مصلحة دفاعهم بالمخالفة لما ينشئ حقهم من وقائع.

وأوضحت أن واجب المحكمة في ‏تكييف الدعوى لا ينال من حق المدعى عليهما في الدفاع والإخلال بحقهما في الدفاع، إذ إن ما يبديه من دفاع ‏يستلزم عليه أن يكون وفق الوقائع القانونية المعروضة في الدعوى وإذا كان ما تستند إليه المدعية في دعواها ‏الماثلة هو قيام مسؤولية المدعى عليه بصفته القانونية تبعاً للمسؤولية التقصيرية تأسيساً على مسؤولية التابع عن ‏أعمال المتبوع والمحكمة تمضي للفصل في هذا النزاع على هذا الأساس.‏

وذكرت «وحيث أن المحكمة تشير تمهيداً لقضائها؛ أن المدّعية قد أسست بطلبها للتعويض بعنصريه الأدبي والمادي لما ‏أقدم عليه المدعى عليه بصفته بسبب إهمال المختصين عن اتخاذ الإجراءات الاحترازية داخل مجمع ‏المحاكم، وكانت المراجعة التي نقلت الدعوى للمدعية قد قررت لهم أنها مخالطة للآخرين تمت إصابتهم ‏بذات الفيروس، وأن إصابتها كانت نتيجة القصور في اتخاذ الإجراءات الاحتياطية والاحترازية، مما تستحق ‏معه التعويض المادي والأدبي، والمحكمة، إذ تتصدى لهذه الدعوى فإنها تتناولها على هدي من مجمل ذلك.‏

رابطة السببية

وتابعت: «حيث انه وعن موضوع الدعوى ولما كان من المقرّر قانوناً وعملاً بنصّ المادة 227 من القانون المدني أن «1- كل من أحدث بفعله ‏الخاطئ ضرراً بغيره يلتزم بتعويضه، سواءً أكان في إحداثه للضرر مباشراً أو متسبّباً. 2-...» وقد أوردت المذكر الإيضاحية شرح ‏أحكام تلك المادة – ص 215 – ومفادها أن المسؤولية عن الأعمال الشخصيّة وفي إطار حالات المسؤولية عن العمل غير المشروع لا ‏يكتمل عِقدها إلا بثلاثة ملزمات، الخطأ، والضرر، ورابطة السببيّة، فإن زال أو غاب عنها ركنٌ منهم انفرط عِقدها وارتفعت أقلام ‏القضاء عن تناولها أو الحديث عنها.‏

وقالت المحكمة إنه «لما كان من المقرر قانوناً عملاً بنص المادة 240 من القانون المدني أنه يكون المتبوع مسؤولاً، في مواجهة ‏المضرور، عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع، متى كان واقعاً منه، في أداء وظيفته أو ‏بسببها، وتقوم رابطة التبعية، ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار تابعه، متى كان من شأن المهمة المكلف بها ‏التابع أن تثبت للمتبوع سلطة فعليه في رقابته وتوجيهه.‏

المسؤولية

وذكرت أنه لما كان من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن مسؤولية الإدارة لا تنحصر في الأضرار الناشئة عن قراراتها ‏المعيبة بل تسأل أيضاً عن الضرر الناشئ عن أي فعل خاطئ يصدر منها أو من أحد تابعيها وفقاً لقواعد ‏المسؤولية عن العمل غير المشروع وتتحقق مسؤوليتها عن فعل التابع وفقاً لما نصت عليه المادة 240 من ‏القانون الذي متى كان الضرر واقعاً منه في أداء وظيفته أو بسببها ولا يلزم في تحقق هذه المسؤولية أن يكون ‏التابع له سلطة تمثيل الجهة الإدارية التابع لها وأنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم ‏الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها واستخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى وتقدير ‏الأدلة والمستندات المقدمة فيها واستخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى دون رقابة عليها من محكمة التمييز ‏إلا أن شرط ذلك أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت ‏إليها. ‏

‏وأفادت بأنه لما كان من المقرّر قضاءً أن «استخلاص الخطأ التقصيري أو نفيه هو مما تستقل به محكمة الموضوع بما لها من سلطة تحصيل ‏فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم إليها من المستندات والأدلة والقرائن والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها متى أقامت ‏قضاءها على أسبابٍ سائغةٍ تكفي لحمله، وهي من بعد ليست ملزمة بتتبّع الخصوم في جميع مناحي أقوالهم ومختلف حججهم وأن ترد ‏استقلالاً على كل قولٍ أو حجة لأن في قيام الحقيقة التي استخلصتها واقتنعت بها الرد الضمني لكل حجة تخالفها».‏

التعويض

وبينت أنه من المقرر في قضاء التمييز أن الضرر ركن من أركان المسؤولية وثبوته شرط لازم لقيامها وعبء ‏إثباته يقع على عاتق المضرور، وأن استخلاص توافر الضرر الموجب للتعويض أو عدم توافره وكذا الخطأ ‏الموجب للمسؤولية وتقدير توافر الضرر وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر هو من مسائل الواقع التي تدخل ‏في سلطة محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استخلاصها سائغا ومستندا إلى ما هو ثابت بأوراق ‏الدعوى.

وقالت المحكمة أنه وبعد مطالعة المحكمة للأوراق الدعوى ومستنداتها المقدمة فيها من أن المدعية وهي ‏المكلفة قانوناً بإثبات دعواها وبتقديم الأدلة التي تؤيد ما تدعيه، من أن المدّعية لم تقدم في الدعوى الماثلة بما يزيد عن تلك البيّنة من ‏الأدلة، ومن ثمَّ فإن أوراق الدعوى تخلو إثر عدم اطمئنان المحكمة لتلك البيّنة من جانب خطأ تابعي المدعى عليه بصفته، كما ‏تضيف المحكمة من أن المدعى عليه بصفته قد قام بتنفيذ القرار الوزاري رقم 1039/2020 بتكليف قطاعات ‏وإدارات الوزارة بالعودة للعمل وكان هذا القرار قد نظم عملية العودة للعمل بوزارة العدل بشروط وإجراءات ‏حازمة وبإجراءات احترازية واشتراطات صحية ووقائية لضمان العودة للعمل بحسب الخطة والنسب ‏الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم 767/2020 بشأن العودة للعمل وفق الاشتراطات المحددة لخطة العودة ‏التدريجية للحياة الطبيعية».

انتفاء موجبات المسؤولية

أكدت محكمة الاستئناف أن وزير الصحة قد أصدر القرار رقم 99 لسنة 2020 الذي نظم التدابير ‏والالتزامات والاشتراطات الصحية اللازمة للأنشطة التي سيتم تشغيلها بالمرحلة الثانية والمحددة بقرار ‏مجلس الوزراء رقم 767/2020 ولما كان نص المادة رقم 166 من الدستور قد كفل حق التقاضي وحتى ‏لا يكون مرفق القضاء معطلاً لفترات أطول مما تعين على المدعى عليه بصفته استئناف العمل في وزارة ‏العدل وفي المحاكم واداراتها التابعة لها تنفيذا لقرار الوزير المختص والتابع له (القرار رقم 1039/2020 ‏سالف الذكر)، مع وجوب اتباع الإجراءات والاشتراطات الصحية التي قررها قرار وزير الصحة بكتابة ‏الموجة لرئيس المجلس الأعلى للقضاء، تنفيذاً للقرار الصادر من مجلس الوزراء بشأن العودة للعمل، ولما كانت ‏عودة المحاكم للعمل ضرورة يكفلها الدستور ومتطلبات الحياة، وكان تابعي المدعى عليه بصفته لم يثبت قبلهم ‏وجود أية نوع من أنواع التقصير والخطأ الذي يكون قد لابسهم، وهو ما خلت منه الأوراق على نحو صريح ‏جازم، إذ لم تقدم المدعية ما يثبت عدم اتباع تابعي المدعى عليه بصفته للإجراءات الاحترازية والاشتراطات ‏الصحية المطلوبة داخل مبنى المحاكم، كما لم تقدم ما يثبت من أن إصابتها كانت في مقر العمل وبسببه، كما لم ‏تقدم ما يثبت صحة واقعة دخول المراجعة لمقر عمل المدعية وأنها هي من نقلت العدوى للمدعية، مما تنتفي ‏معه موجبات المسؤولية بانتفاء قوامها وهو الخطأ وبناءً عليه.

وإذ خلصت المحكمة إلى انتفاء المسؤولية التقصيرية عن تابعي المدعى ‏عليه بصفته، وكانت المدعية قد أسَّست طلبها في التعويض على قيام تلك المسؤولية بحق تابعي المدعى عليه بصفته، «من ثم تغدو ‏دعواها الماثلة مقامة على غير ذي سندٍ أو أساس متعيناً القضاء برفضها.

حسين العبدالله