انتهى أو أوشك على الانتهاء دور الانعقاد الأول للمجلس الحالي، ومع الإقرار بما تعرضت له الحكومة من استجوابات غير دستورية فور تشكيلها واستفزازها بالجلوس على مقاعدها لتعطيل الجلسات إلا إنها اجتازت هذه العقبات وكان لها بعض الإيجابيات، ولكنها في المقابل وقعت في أخطاء لابد من ذكرها ليتم تلافيها في المستقبل ومنها عدم الذهاب إلى المحكمة الدستورية لاستخلاص حقيقة تلك الاستجوابات واستبدلت بذلك صدور قرار بتأجيل الاستجوابات المزمع تقديمها وهو ما أثير بشأنه شبهة دستورية.

وكذلك من الأخطاء تصريح الحكومة بالموافقة على أن تعرض اقتراحات إحدى الكتل النيابية ويتم الموافقة عليها في الجلسة الأولى، وهذا ما لا يجوز أن تقوم به أي حكومة في العالم، ولكن الحكومة عادت وأوضحت أن هذا التصريح لا يعني الموافقة النهائية على تلك القوانين قبل مناقشتها في لجان المجلس، ولكن المعارضة ما زالت متمسكة بالتصريح الأول.

Ad

ومن أجل تحقيق الأغلبية في جلسة القسم وافقت الحكومة على قوانين بالمليارات بعد أن كانت ترفضها في اللجان، وهذا التصرف يثير المخاوف من قيام الحكومة بعمل مشابه في دور الانعقاد القادم إذا وقعت مشكلة معينة وأرادت الحصول على أغلبية نيابية لمعالجتها باستخدام المال العام.

ومن أخطاء الحكومة أيضاً أنها تركت لرئيس المجلس مسؤولية الرد والتصدي للهجوم الهائل عليها كما حدث في موضوع انسحابها من الجلسات نتيجة جلوس النواب على مقاعد الحكومة ومدى صحة انعقاد الجلسات دون حضور الحكومة، وكذلك الدفاع عن صحة جلسة الميزانية، رغم أن الحكومة تملك ستة عشر وزيراً، وكان من المفترض أن يدافعوا بالتضامن عن أعمال وتصرفات الحكومة بقوة وفصاحة، يعني أن يكونوا (مبلتعين)، ولكن الحكومة التزمت الصمت إزاء هذه الهجمات وتركت الرد على عاتق الرئيس.

ولعل هذا يقودنا إلى أكبر الإخفاقات الحكومية وهو صمتها الرهيب إزاء ما يثار في وسائل التواصل الإلكتروني من إشاعات وأكاذيب ومبالغات وهجوم دون رد أو توضيح من الوزارات المعنية حتى أصبحت هذه الوسائل خاصة الوهمية منها تهدد الاستقرار والأمن الاجتماعي والتنمية نتيجة تصديق جموع كبيرة من المواطنين لكل ما يكتب في هذه الوسائل، مثل قضايا الفساد والاستيلاء على المال العام والخاص والتنفيع والتعيينات بالواسطة، وأن إقرار الميزانية خطأ ودمار على المال العام والاتهام بمحاباة إحدى الدول العربية على حساب مصلحة الكويت، وغير ذلك الكثير من الأخبار التي تنشر بحسن أو بسوء نية خاصة في المنصات الوهمية التي لا نرى أي ردود مقنعة عليها، وبيان صحتها أو كذبها، كما لم تفعل الحكومة أي شيء بشأن الحسابات الوهمية المسيئة حتى الآن، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المؤتمرات الصحافية التفصيلية التي أدلى بها بعض النواب لم نسمع رداً واحداً تفصيلياً أو مؤتمراً صحافياً من الوزراء يشرح قانونية عمل الحكومة أو ينفي صحة ما صرح به النواب من أرقام أو مخاوف بعد جلسة الميزانية.

وهذ إخفاق كبير لأن الحكومة يجب أن يكون لها التأثير الأكبر في قيادة الشارع وتوجيهه مع الردود الحاسمة على ما يثير اللغط حول عملها وأمانتها،

ويستثنى من ذلك موقف الحكومة الممتاز من التغييرات التي قامت بها اللجنة الإعلامية في المجلس لقانوني المطبوعات والمرئي والمسموع والتي تخالف الشريعة الإسلامية والمصلحة العامة، كما يحسب للحكومة إصرارها على الامتحانات الورقية وتصديها لتوصية اللجنة التعليمية التي كانت ستؤدي إلى استفحال الغش في الامتحانات، وبحمد الله لم تحدث الأضرار الصحية التي كانت اللجنة تتوعد بها.

كما أرى أن وزارة الصحة تحتاج الى مزيد من الردود والإيضاحات العامة في مقابل ما ينشر من أخبار كثيرة حول إجراءاتها، خصوصا أهمية وسلامة التطعيم وقرارات الدخول الى البلاد، كما أرى ضرورة عودة الديوانيات مع الالتزام بالاشتراطات الصحية بعد السماح بالسينما والأسواق والمطاعم (راجع الصور المنشورة) خاصة أن الديوانيات محدودة الرواد وتقوم بترشيد كبير للوضع السياسي وعمل مجلس الأمة.

أما برنامج الحكومة فقد خلا من أهم ما كان ينتظره المواطن وهو مساهمة الكبار في إيرادات الدولة وعوضاً عن ذلك ذهبت الى ضريبة القيمة المضافة (المشتريات) التي سيعانيها كل مواطن صغيرا كان أو كبيرا، مخالفة بذلك أصلا جوهريا في الإسلام وهو مساهمة الكبار قبل الصغار والمتمثل في الزكاة، خصوصاً أن حصيلتها يمكن أن تستخدم في كثير من مصروفات الدولة وليس على الفقراء فقط، مما ينعكس إيجابياً على الميزانية ومعنوياً على المواطنين عندما يرون مساهمة الكبار في بلدهم الذي استفادوا منه الكثير.

هذه بعض ملاحظاتي على أداء الحكومة أضيفها إلى الملاحظات التي كتبتها في المقالات السابقة عن أداء النواب، والله يستر على الكويت من دور الانعقاد الثاني.

أحمد يعقوب باقر