قال تعالى: "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً". (الكهف: 103، 104).

يخاطب الله رسوله صلى الله عليه وسلم قائلاً له يا محمد يا أيها النبي قل للبشر جميعا: هل تريدون معرفة من هم أشر الناس وأخسرهم عند الله، إنهم أولئك البشر الذين يقومون بالأعمال السيئة والقبيحة، ويعتقدون في أنفسهم أنهم يقومون بالأعمال الصالحة والحسنة. إنهم جماعة يصفهم القرآن بالجماعة الضالة الضائعة، الذين فقدوا الإحساس بالواقع فلا يملكون القدرة على التمييز بين الحسن والقبيح، وقد ينطبق مضمون هذه الآية الكريمة على ما يقوم به بعض نواب هذا المجلس من أعمال صبيانية عبثية لتعطيل جلسات المجلس وإضرار بمصلحة الدولة، ثم يدّعون أنهم يقومون بأعمال لمصلحة الدولة. لقد زين لهم الشيطان سيئ أعمالهم وأعمى بصيرتهم فأصبحوا عاجزين عن التمييز بين الصالح والطالح.

Ad

وهناك أمثلة كثيرة من التاريخ القريب والبعيد، تؤكد أن مجتمعات كثيرة كانت تتمتع بالحرية والرفاهية ورغد العيش، فلما تمكنت جماعة شريرة ضالة من حكم تلك المجتمعات قادتها إلى الخراب والدمار، لذا نريد أن نقول لأولئك النواب الذين عطلوا جلسات المجلس لأكثر من 6 شهور، لما قاموا به من أعمال صبيانية وعبث، لا يليق أن يقوم بها حتى الأطفال، نقول لهم: أيها النواب نريد أن نحافظ على دولتنا من الخراب والدمار والفتنة التي يريد أن يجرنا إليها بعضكم، نريد أن نسلمها إلى أبنائنا وأحفادنا نظيفة خالية من الفتن والأحقاد والفوضى.

كثير منا يعلم أن من بين أولئك النواب الذي يدعي اليوم أنه إصلاحي وينادي بالإصلاح كان قبل سنوات وزيراً وألحق الفساد والعبث والدمار بالمؤسسة التي كان على رأسها، ولما أُبعد عن تلك المؤسسة لحمايتها من عبثه ونزغه، تحول إلى عضو حاقد سليط اللسان وينادي بالإصلاح، فمن المحال أن يأتي الإصلاح من شخصية كهذه، كما نعرف أن من بينكم شبابا في مقتبل العمر يلتحقون بالمجلس أول مرة، وكان على هؤلاء الشباب أن يتريثوا ليتعرفوا على الطريق السليم الذي يتمكنون من خلاله اكتساب خبرة برلمانية ومهارات سياسية تمكنهم من خدمة وطنهم وناخبيهم ودائرتهم الانتخابية بصورة أفضل، بدلا من التسرع والدخول في صراعات ونزاع قد لا يعرفون كيف يخرجون منها، كما نعرف أن من بينكم جماعة الإسلام السياسي التي تخضغ لقيادة كارهة للوطن وتسعى إلى هدمه وقيام دولة الخلافة، وتجيد نشر خطاب الكراهية والفتنة بين أبناء الوطن الواحد.

يتضح من هذا كله أن من ينادي بالشغب والفوضى في هذا المجلس لا ينتمون إلى فكر أو تيار واحد، بل هم جماعات متعددة، وسيكون الخاسر في هذه الأزمة نظامنا الديمقراطي وهذا المجلس بالتحديد. لقد تمكن المشاغبون في هذا المجلس من تشويه سمعة مجتمعنا وتشويه سمعة نظامنا الديمقراطي بصورة أخص، لا يستطيع ألد أعدائنا أن يقوم بمثل ما قام به أولئك النواب، وبعد فترة قصيرة سيصدر مرسوم بإنهاء انعقاد الفصل التشريعي، وسيصدر خلال الإجازة البرلمانية مرسوم ضرورة بميزانية الدولة وسيتم عرضه على المجلس في أول جلسة عمل، فمجلس الوزراء لم تتعطل أعماله، قام بها ولكن بدون مشاركة ولا رقابة من مجلس الأمة، والمشاغبون مازالوا يحلمون أنهم سيفرضون آراءهم المتخلفة على الدولة، فلا نريد أن تصبح دولتنا ضعيفة، تتراجع أمام صراخ المشاغبين وعويلهم وتجمعاتهم في دواوينهم، فأنتم بحاجة إلى الدولة ومصلحتها ومستقبلها فوق الجميع.

● د. عبدالمحسن حمادة