وسط ترجيحات بأن تشهد الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية الإيرانية بعد غد نسبة عزوف تاريخية عن التصويت، بسبب تنامي الغضب الشعبي، لا تزال إيران تشهد تحركات سياسية من قبل كل الأطراف.

ورغم أن فوز رئيس السلطة القضائية الاصولي المتشدد إبراهيم رئيسي، المدعوم ضمناً من المرشد الأعلى علي خامنئي، بات أكثر من مؤكد بإجماع المراقبين واستطلاعات الرأي، لا يستبعد البعض حدوث أمر غير متوقع، مثل احتمال تقدّم سعيد جليلي، كبير المفاوضين السابقين وبلوغه الدورة الثانية، المقررة في 25 الجاري، في حال فشل أحد المرشحين الـ7 في الحصول على النسبة الكافية للفوز من الدورة الأولى.

Ad

وأكد مصدر مقرّب من رئيسي لـ «الجريدة» أن الأخير هدد «جبهة الثوريين»، وهي ائتلاف الأصوليين للانتخابات الرئاسية ومجالس البلدية، بالانسحاب إذا لم ينسحب 4 مرشحين أصوليين متبقين في السباق لمصلحته، كي يستطيع حسم الانتخابات في الجولة الأولى.

وحسب المصدر، فإن المرشحين علي رضا زاكاني وأمير حسين قاضي زاده هاشمي أبلغوا الجبهة أنهم مستعدون للانسحاب، لكنّ جليلي قال إنه سينتظر حتى آخر لحظة، خوفاً من خطوة مفاجئة من الإصلاحيين، بينما لا يزال محسن رضائي يرفض الانسحاب من الانتخابات.

وحسب آخر الإحصاءات التي أجرتها مؤسسة ايسبا التابعة لجامعة طهران، فإن رضائي سينال 6 بالمئة من الأصوات، وهمتي حوالي 4 بالمئة ورئيسي 63 بالمئة، وجليلي 4 بالمئة.

وعلى الرغم من أن أعضاء الحرس الثوري سيصوتون لرئيسي على العموم، فإن بعض قادة «الحرس» يدعمون رضائي، قائدهم السابق، بهدف إبراز ثقل القاعدة الانتخابية للحرس، وهم مصرّون على الإبقاء على رضائي حتى النهاية لهذا السبب.

قبضة خامنئي

رغم ذلك، يتوقع مراقبون أن تسفر الانتخابات الرئاسية عن إحكام المرشد الأعلى علي خامنئي قبضته على السلطة في البلاد التي تخوض مفاوضات حساسة مع الغرب من أجل رفع العقوبات وإحياء العمل بالاتفاق النووي المبرم عام 2015.

ورئيسي الذي يُنظر له على أنه المرشح الأبرز في السباق، بعد إقصاء مجلس «صيانة الدستور» أبرز منافسيه من مختلف التيارات، يمثّل الوجه الأشد إثارة للرهبة في المؤسسة الأمنية.

ومن غير المرجح أن تحدث الانتخابات تغيّراً كبيراً في سياسات طهران الخارجية أو النووية التي يحددها خامنئي بالفعل، لكنّ انتخاب رئيس متشدد قد يعزّز قبضة المرشد على الداخل الإيراني.

واتهم المرشح الإصلاحي محسن مهر علي زادة، خلال مناظرة انتخابية، مؤسسات النظام بـ «جمع الشمس والقمر والسماوات لجعل شخص واحد محدد رئيساً»، في إشارة على ما يبدو إلى رئيسي.

وإذا فاز رئيسي في انتخابات الجمعة، فقد يعزز ذلك فرص رجال الدين من المرتبة الوسطى في خلافة خامنئي في نهاية المطاف.

وانتقدت جماعات مدافعة عن الحقوق رئيسي الذي خسر الانتخابات أمام روحاني في 2017، وذلك لدوره في الحكم بإعدام آلاف المعتقلين السياسيين عام 1988. وقد اختاره خامنئي في 2019 ليرأس السلطة القضائية.

طهران

في غضون ذلك، فشلت «جبهة الإصلاح» في التوصل إلى توافق في الآراء بشأن دعم المرشح الرئاسي المستقل رئيس البنك المركزي المستقيل عبدالناصر همّتي، بعد اجتماع طويل مع الأعضاء المصوّتين أمس.

وانعقد مجلس تنسيق الجبهة بعد طلب رجل الدين البارز مهدي كروبي الموضوع في الإقامة الجبرية من الإصلاحيين عدم المقاطعة وتأييد المرشح «الأكثر قبولًا» على عكس زميله مير حسين موسوي الذي يخضع إيضا للاقامة الجبرية، ودعا منذ ايام الى المقاطعة.

وأفادت تقارير بأنه من أصل 46 عضواً في مجلس الجبهة الإصلاحية، صوّت 23 عضوا لمصلحة دعم همتي، وهو ما يقل عن النصاب المطلوب لدعمه، أي 31 صوتا. من جهته، قال همتي، إن من الممكن أن تجري إيران محادثات مع الولايات المتحدة إذا التزمت واشنطن بـ «التعايش الإيجابي» مع طهران.

وخلافاً لتحريم خامنئي أيّ تفاوض مباشر مع الولايات المتحدة، رأى همتي، في مؤتمر انتخابي أمس: «يجب أن نرى ما الذي ستفعله أميركا بشأن الاتفاق النووي، بعد ذلك نرى ما إذا كانت تريد مواصلة التدخل في المنطقة من خلال إسرائيل وعناصرها».

نجاد والسعودية

إلى ذلك، أثارت تصريحات أدلى أحمدي نجاد، حول العلاقات بين السعودية وإيران، تفاعلاً واسعاً بين نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.

تصريحات نجاد جاءت في مقابلة على قناة «العربية» السعودية، قال فيها: «ينبغي أن نعود للصداقة والإخاء، يجب أن نرى تطوّر أي واحد منّا هو تطور للآخر، والعكس صحيح، وأن نعتبر أمن الآخر هو أمننا».

ابنة سليماني

الى ذلك، أكد مصدر مقرب من غلام علي حداد عادل رئيس «جبهة الثوريين» ائتلاف الأصوليين للانتخابات الرئاسية ومجالس البلدية، أن أعضاء هذه الجبهة منزعجون جدا من إصرار نرجس سليماني، ابنة قائد «فيلق القدس» الراحل قاسم سليماني على خوض غمار انتخابات مجالس البلدية.

وقال المصدر إن الأصوليين فشلوا في ثني سليماني عن الترشح وأجبروا في نهاية الأمر على إضافة اسمها على لوائحهم، مضيفاً أن بعض إصلاحيين ينوون ايضا إضافة اسمها لكي يستغلوا اسم والدها في الانتخابات، وعليه فإن حداد عادل اتصل بالمرشد، وطلب منه التدخل في هذا الموضوع، كما تدخّل في موضوع ترشّح حسن الخميني.

وأضاف المصدر أن المرشد وعد حداد عادل بمحاولة إقناع سليماني بالتنحي حفاظا على موقع والدها.

ونرجس سليماني هي الابنة الكبرى لسليماني، وتوصف بالمتمردة، حيث إنها خرجت من إيران وأقامت في ماليزيا لتعيش حياة مستقلة، عادت الى إيران بعد اغتيال والدها وأعلنت أنها تريد تخليد اسمه عبر الدخول في الحياة السياسية. ويفضل الأصوليون زينب (الابنة الأصغر لسليماني)، التي يلقّبها الأصوليون بـ «عروسة حزب الله»، وعادة ما يقومون بإبرازها في وسائل الإعلام.

● طهران - فرزاد قاسمي