في خطوة هي الثانية له منذ أبريل الماضي، أكدت مصادر سياسية عراقية أنّ زعيم "فيلق القدس" الإيراني إسماعيل قآني وصل إلى العاصمة بغداد، في زيارة تجرى بتنسيق مع حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بهدف تثبيت تفاهم بين الأخير وفصائل في "الحشد الشعبي" تضمن إطلاق سراح قيادي بفصيل مرتبط بطهران بعد توقيفه على خلفية شبهات باغتيال نشطاء مدنيين وشن هجمات على المصالح الأميركية.

وعقد المسؤول الإيراني اجتماعات مع الكاظمي وشخصيات حكومية أخرى، لبحث "التصعيد الأمني الأخير بين الحكومة والفصائل المسلحة، خاصة بعد اعتقال القيادي في الحشد الشعبي قاسم مصلح".

Ad

كما التقى قآني قوى سياسية عراقية موالية ومدعومة من طهران، لبحث استعدادات تلك القوى للانتخابات البرلمانية العراقية المبكرة المقررة في أكتوبر المقبل.

وبحث قآني مع قادة الفصائل المسلحة التصعيد ضد الحكومة و"العمل العسكري ضد الأهداف والمصالح الأميركية في العراق" مع تصاعد وتيرة ونوعية الهجمات التي تستهدف القواعد العسكرية التي تستخدمها قوات "التحالف" المناهض لـ"داعش" بقيادة واشنطن.

وأشارت مصادر إلى أنّ "قآني سبق أن أعرب عن رفض طهران تصرفات الفصائل في الاستعراض المسلّح ضد الحكومة العراقية، وكذلك رفض عمليات القصف الصاروخي التي تجرى بين حين وآخر في عدد من المدن العراقية، كما أكد للكاظمي أن بعض تصرفات الفصائل تتم بشكل منفرد، رغم الطلب منها عدم القيام بأعمال أو تصرفات كهذه، والزيارة ستكون تأكيداً لهذا الموقف".

وتوقعت المصادر حمل قآني رسائل جديدة لبغداد بشأن "الضغط على الحكومة في ملف انسحاب القوات الأميركية من العراق".

ويأتي التحرك الإيراني بعد ساعات من تأكيد مصادر أمنية إطلاق سراح قائد عمليات الأنبار في "الحشد الشعبي" قاسم مصلح، لـ"عدم كفاية الأدلة".

وأوقفت القوات الأمنية قاسم مصلح في 26 مايو الماضي بشبهة "اغتيال ناشطين"، في خطوة غير مسبوقة. ورداً على اعتقاله، طوّقت فصائل "الحشد" المنطقة الخضراء التي تضم مقرات دبلوماسية وحكومية وسط بغداد، ومنعت الدخول إليها.

في غضون ذلك، وافق مجلس الوزراء الإيراني على إصدار لوائح تتعلق بإلغاء متبادل لتأشيرات الدخول لحملة الجوازات العادية بين إيران والعراق.

راب و«التحالف»

إلى ذلك، دعا وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني إلى زيارة لندن.

وأكد وزير الخارجية البريطاني خلال مؤتمر مشترك مع بارزاني في أربيل دعم "لندن وحلفائها مواصلة قوات البيشمركة الكردية والجيش العراقي الاتحادي مكافحة الإرهاب ومخاطر داعش وتهديداته".

وكان راب وصل إلى بغداد أمس الأول واستقبله نظيره العراقي فؤاد حسين والتقى لاحقاً بكل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان.

وذكر مكتب الكاظمي أن راب أكد أن المملكة المتحدة تدعم "توجه العراق في فرض سيادة القانون ودوره الإقليمي المتنامي في تخفيف الصراعات وتغليب منطق الحكمة".

ولدى المملكة المتحدة الآن حوالي 100 جندي ومستشار في كردستان ضمن قوات التحالف المناهض لـ"داعش".

في سياق قريب، أعلنت وزارة الدفاع العراقية، أن "التحالف الدولي" باشر بتزويد طائرات "F16" وطائرات "سي ون ثرتي" بقطع الغيار.

ويأتي ذلك الإجراء بعد شهر على سحب شركة "لوكهيد مارتن" الأميركية، فرق الصيانة الخاصة بطائرات "F16" المتمركزة في "قاعدة بلد" الجوية شمالي العراق لأسباب أمنية بعد تعرضها لهجمات صاروخية.

في هذه الأثناء، حذرت القنصلية الأميركية في أربيل، من السفر إلى باقي أنحاء العراق لعدة أسباب، أبرزها الإرهاب والصراع المسلح.

وجاء في بيان أصدرته القنصلية أمس: "لا تسافر إلى العراق بسبب فيروس كورونا، والإرهاب والاختطاف والصراع المسلح والقدرة المحدودة للعراق على تقديم الدعم للمواطنين الأميركيين".

البيشمركة و«العمال»

من جهة أخرى، صرح مسؤول محلي في إقليم كردستان العراق شمالي البلاد، بأن الاشتباكات مع مسلحي حزب "العمال الكردستاني"، المناوئ لأنقرة، في مناطق تابعة للإقليم بالقرب من الحدود مع تركيا، فرض قيوداً على الحركة في 169 قرية، بالإضافة إلى المناطق التي أفرغت من سكانها في أوقات سابقة بسبب القتال .

من جهة ثانية، تسبب القصف التركي، الذي بدأ في أبريل الماضي، على نقاط عدة بالمناطق الحدودية التي ينتشر بها عناصر "العمال الكردستاني" في تهجير سكان عدة قرى.

وتستخدم أنقرة في هجماتها ضد الحزب الذي يخوض تمرداً منذ 1984، الطائرات المسيرة، التي تصل إلى منطقة سنجار جنوب دهوك القريبة من الحدود مع سورية ما حال دون عودة آلاف النازحين الأيزيديين الذين تهجروا نتيجة ممارسات "داعش" بين 2014 و2017، إلى منازلهم. من جانب آخر، أعلنت الاستخبارات العسكرية العراقية تفجير سيارة مفخخة كانت معدة لعملية "إرهابية" في محافظة الأنبار غربي البلاد.

استعادة الأموال

على صعيد منفصل، كشفت وزارة العدل العراقية، أمس، عن اتخاذها خطوات متسارعة لاستعادة أموال البلاد المجمدة في الخارج والتي تعود إلى عهد الدكتاتور صدام حسين (1979 ـ 2003).

وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد لعيبي، إن "العراق رفع دعاوى قضائية بحق العديد من الشركات والأشخاص خارج البلاد، لاستيلائهم على الأموال المجمدة".

وأضاف لعيبي: "إن الكيانات والأفراد الآن، يرفضون تسليم الأموال رغم أنها تعود للدولة العراقية".

ورغم مرور 19 عاماً على إسقاط النظام السابق على يد قوات دولية قادتها الولايات المتحدة، ورفع العقوبات عن العراق، تجاهد بغداد لمعرفة حجم تلك الأموال واستعادتها.

ويعيش العراق حالياً، أزمة مالية ناجمة عن تراجع مداخيل النفط وارتفاع النفقات التطويرية، لإعادة إعمار البلاد، بعد سنوات من التوترات، كان أشدها بين 2014 - 2017 في محاربة تنظيم "داعش".