أكد مصدر مقرب من الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، أن عدداً من الشخصيات الإصلاحية بدأت اتصالات معه؛ لكسب دعمه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 يونيو الجاري، في محاولة لتشكيل ائتلاف لمواجهة قرار مجلس "صيانة الدستور" الذي استبعد أبرز المرشحين من الاقتراع، وأفسح المجال أمام تحقيق رئيس السلطة القضائية الأصولي إبراهيم رئيسي، الموصوف بأنه اختيار المرشد الأعلى علي خامنئي المفضل، فوزاً سهلاً من دون أي منافسة حقيقية.

وقال المصدر، لـ"الجريدة"، إن هذه الشخصيات عرضت على نجاد تقاسم الحكومة إذا تمكن الائتلاف بينهما من هزيمة رئيسي. وأشار إلى أن الإصلاحيين لم يقترحوا اسم المرشح المحتمل، الذي سينال دعم الائتلاف بينهم وبين نجاد، لكن على الأرجح أن يكون الإصلاحي محسن مهر علي زاده، أو رئيس المصرف المركزي السابق المستقل عبدالناصر همتي.

Ad

في المقابل، أكد المصدر أن نجاد وعد بدراسة العرض الإصلاحي، رغم إعلانه سابقاً أنه لن يشارك في الانتخابات، ولن يدعم أي مرشح، خصوصاً أنه يعتبر أن علي زاده وهمتي ليسا بمستوى من الجرأة أو القدرة يمكنهما من الوقوف أمام الأصوليين.

وأشار إلى أن الأصوليين باتوا على قناعة بأن الوضع الصحي لخامنئي غير مستقر، ويريدون الاستئثار بالسلطة بأي شكل أو ثمن، وبالتالي فإن باقي الأطياف السياسية باتت تعتبر أنه من الضروري أن تتحد ضدهم لإنقاذ البلد.

وختم المصدر بأن موافقة نجاد على مقترح الإصلاحيين قد يكون القنبلة، التي لم يتوقعها الأصوليون، وستفجر الانتخابات، مشيراً إلى أن أمراً شبيهاً بذلك حصل في عام 2005، بين الإصلاحيين وجماعة الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني، عندما حصلت اتصالات بين الطرفين لتشكيل اتئلاف انتخابي ضد نجاد.

وحينئذ ماطل الإصلاحيون في قبول العرض، الذي قدمه رفسنجاني حتى انتهاء الدورة الأولى، وفي الدورة الثانية وجدوا أنفسهم مجبرين على قبوله، لكن كان الأوان قد فات لتعبئة الناخبين بالشكل الصحيح، وتمكن نجاد من الفوز بولاية ثانية قبل أن ينقلب لاحقاً على التيار المتشدد والأصولي عقب مغادرته السلطة.

ويبدو أن بعض المقربين من نجاد قد استوعبوا جيداً درس عام 2005، وفهموا مكامن الخطأ، الذي ارتكبه الإصلاحيون، واليوم ينصحون زعيمهم بعدم التردد وحسم أمره بشكل سريع، واتخاذ قرار إذا كان سيقدم على هذه المغامرة السياسية أم لا.

في غضون ذلك، أصدرت وزارة الاستخبارات الإيرانية بياناً مقتضباً ردت فيه على التصريحات الأخيرة، التي أطلقها نجاد وحملت تلميحات تدعو إلى مقاطعة الانتخابات المقبلة بسبب منع "صيانة الدستور" ترشيحه، هددته فيه ضمنياً بالملاحقة.

واتهم نجاد، في تصريحات غير مسبوقة، عبر تطبيق "كلوب هاوس"، أجهزة الاستخبارات بالضلوع في أحداث عام 1988 وقمع احتجاجات "الحركة الخضراء"، التي خرجت ضد "إعادة انتخابه بالتزوير".

من جانب آخر، علمت "الجريدة" أن رئيسي استقبل بعض الشخصيات الإصلاحية المعتدلة، التي تعتبر مقربة من خامنئي في مكتبه، السبت الماضي، ودعاهم لدعمه في الانتخابات ووعد بضمهم إلى حكومته.

وأضاف المصدر أن هؤلاء الإصلاحيين كانو وراء إعلان تشكيل جبهة إصلاحية تدعم رئيس السلطة القضائية في خطوة وصفها مقربون من الرئيس السابق محمد خاتمي، الأب الروحي للتيار الإصلاحي، بـ"محاولة شق صف"، مؤكداً أن هذه الشخصيات لا علاقة لها بالتيار.

في غضون ذلك، أعلن المرشح الأوفر حظاً للفوز بالانتخابات الرئاسية أن أهم خصائص المديرين الذي سيتولون الأمور في حكومته، في حال فوزه هي التحلي بـ"الطابع الشعبي والثوري ومناهضتهم للفساد". وشدد على أن بيان "الخطوة الثانية للثورة" الذي أصدره خامنئي يشكل وثيقة للحكومة المقبلة.

في هذه الأثناء، دافع عضو "صيانة الدستور"، آية الله أحمد خاتمي، عن قرارات الإقصاء التي اتخذها المجلس بحق أبرز المرشحين من التيارات المختلفة، نافياً أن يكون الأمر قد انطوى على "هندسة الانتخابات" لمصلحة شخص بعينه.

وأشار خاتمي إلى أن هناك فرقا بين عدم تأكيد الأهلية وبين رفض الأهلية، حيث لا تعني الأولى عدم أهلية الشخص لشغل مناصب كبيرة في الدولة وهو ما استقر عليه رأي المجلس بشأن أسماء بارزة. في سياق منفصل، ذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية الرسمية أن طيارين اثنين قتلا بعد تعرض طائرتهما المقاتلة لعطل فني قبل إقلاعها في جنوب غرب البلاد، أمس.

● طهران- فرزاد قاسمي