• بالحديث عن الإرهاصات الأولى نحو الكتابة الإبداعية متى بدأت؟

Ad

- تشكلت الإرهاصات الأولى في تجربتي الإبداعية منذ وقت مبكر جدا، وتحديدا في سن الثانية عشرة من خلال مشاركتي في نشاط مسرح أحد أندية الحي، ثم الانتقال إلى ناد رسمي في مدينة الأحساء بالمملكة العربية السعودية، وبدأت ممثلا ثم اتجهت للكتابة ثم للإخراج المسرحي، ثم بدأت أكتب الشعر.

• هل شكلت دراستك الجامعية دوراً في صقل موهبتك؟

- بلا شك كان لدراستي الجامعية دور بارز في صقلي وتثقيفي، خصوصا بعد التحاقي بقسم الأدب بجامعة الملك فيصل، وحصولي على درجة البكالوريوس فيه، مما منحني فرصة التثقف الأكاديمي في مجال الفنون والآداب عامة.

• المسرحي ليس بعيدا عن قضايا أمته، ماذا عن التفاعل بين إبداعاتك وتلك القضايا؟

- كأي مبدع يعيش وسط مجتمع ينتمي إلى هوية، هذه الهوية العربية الإسلامية تمدني بطاقة الانتماء الذي يصبح جزءاً من شخصيتي، ويدفعني للتفاعل المستمر معه في سرائه وضرائه، وهذا ما جعلني مبدعا منتجا لمسرح ناقش وحاور قضاياه، الوطنية والقومية، وعلى سبيل المثال حملت مسرحية «القافلة تسير» صوت الحق تجاه قضية فلسطين، وموقفنا منها، أيضا مسرحية «جراح بن ساطي» كانت صدى للصراع اليهودي مع الفلسطينيين واحتلال الأرض بلا وجه حق، وهكذا باقي الأعمال.

الرواية النسائية

• في دراستكم البحثية «خطاب الرواية النسائية السعودية» رصدتم منعرجات وتحولات خطاب الكاتبات السعوديات عبر نافذة الرواية، برأيك هل استطاعت الروائية السعودية أن تأخذ مكانها ودورها في مخاطبة الحاضر واستشراف المستقبل؟

- ما لا يعرفه البعض أن التجربة الروائية السعودية عامة متفردة وثرية ولافتة للنظر، وفي ثناياها تجربة روائية نسائية متقدمة أنجزت فيها الكاتبة السعودية إبداعا روائيا يستحق التوقف، وهذا ما دفعني لإنجاز أطروحة الدكتوراه في تحولات الخطاب الروائي النسائي السعودي، الذي خرجت من خلالها بنتائج علمية أستطيع أن أقول: إنها دقيقة خاصة بالمفاصل التي اشتملت عليها رحلة هذا الخطاب الذي انطلق عام 1959 من خلال بنت الجزيرة العربية سميرة خاشقجي، وأستمر حتى اللحظة بوهج إبداعي مثمر ولافت، فكانت رجاء عالم، وبدرية البشر، وأميمة الخميس، وغيرهن الكثير.

• يقول الرائد المسرحي مارك توين عن مسرح الطفل: «إنه أعظم الاختراعات في القرن العشرين، وهو أكبر معلم للأخلاق»... هل تتفق معه؟ وماذا عن أعمالكم الموجهة للطفل؟

- أنجزت في هذا المجال أعمالا كثيرة سواء كممثل أو كمؤلف أو كمخرج، بل حققت أعمالي الموجهة للطفل جوائز عديدة، ثم انني نشرت عددا من نصوصي الموجهة للطفل كمسرحية «باب الحياة»، و«الجوهرة الذهبية»، و«اضحك»، و«عالم الرسوم المتحركة، و«دق الجرس»، فضلا عن مسرحيات الطفل المتعلقة بالتراث السعودي الشعبي، وكيف حاولت مسرحة هذا التراث فقدمت فيه تجربة اعتقد أنها ثرية كمسرحة القرقيعات ومسرحة الحكايات الشعبية، فتجربتي في مسرح الطفل السعودي غنية إلى الحد الذي اعتبرها من أهم وأبرز ما أنجزته.

• كأكاديمي ومبدع، كيف تنظر إلى فضاء الثقافة في المملكة العربية السعودية؟

- الثقافة السعودية ثقافة عميقة وممتدة ولها جذورها الضاربة في التاريخ، وهي لم تكن طارئا أو حدثا، بل فيها من التراكم الكثير، وهي الآن تعيش مرحلة غاية في الأهمية نتيجة التحول الذي تعيشه المملكة على شتى المستويات، لذلك نحو على باب أمل كبير بما يحدث وسيحدث ثقافيا في وطننا.

دراسات

• وماذا عن كتاباتك النقدية؟

- خلال مسيرتي العملية والإبداعية أنجزت أعمالا نقدية عديدة، فأصدرت ما يقارب الـ7 دراسات حول المسرح والرواية، كما أسهمت في العديد من المؤتمرات العلمية، ونشرت لي العديد من الأبحاث في المجلات العلمية المحكمة، وأسعى دائما للوجود لا كمبدع فحسب، بل كناقد يسهم في تقديم رؤية نقدية تخصه.

• برأيك ما الإشكاليات التي تقف عقبة في أحداث نهضة ثقافية عربية؟

- الوطن العربي يعيش في مرحلة عنق الزجاجة، ويمر بظروف استثنائية، سواء كان اقتصاديا أو سياسيا، الأمر الذي عطل عجلة النمو الثقافي المأمول، فقد انسحب الواقع الكارثي المؤلم والتغيرات السياسية الفوضوية إن صح التعبير على واقع الثقافة العربية، حتى أصبحت الجهود الفردية أكثر حضورا من الجهود والمبادرات الرسمية بكل أسف.

مهارات الأحساء

• تُعرف منطقة الأحساء بالمهارات اليدوية الموروثة والمعالم التاريخية الجميلة، كيف أثر المكان على تجربتك الإبداعية؟

- هذا سؤال استثنائي في ظني، فالبلد الذي تنتمي إليه يلقي بأثره الكبير على شخصيتك، فكيف والأحساء مدينة الريف، ومدينة البترول، ومدينة التاريخ، ومدينة الفنون، ومدينة البحر والصحراء، وملتقى الحضارات، إنها أمي الثانية التي أرضعتني الخير والصفاء والإبداع، وتركت اثرها العميق في جوانحي.

• برأيك هل لاتزال الرقابة والمحاباة تسريان في جسد مسارحنا العربية؟

- حضور الرقابة قل كثيرا، نظير انفتاح الثورة التكنولوجية التي كسرت الحدود وقلصت المسافات، لكن بقي اثر المحاباة ذلك المرض الذي لن ولم ننته منه ما حيينا، وازداد بازدياد أعداد المدعين في المسرح الذين جاؤوا من الأبواب الخلفية، بعد أن فشلوا في كل شيء، فوجد باب المسرح مفتوحا، واتخذوه مسارا لإثبات وجودهم دون منجز ودون عطاء ودون خلفية، وهذه كارثتنا في المسرح العربي حيث أصبح المعيار معرفك لا تجاربك.

• في «انتحار معلن» مزجت بين مأساة فرجينيا وولف، ومي زيادة، ما الرسالة التي أردت أن توجهها من المزج بين أنثى غربية وعربية تعيشان نفس الحالة من الألم والقهر والعذاب الذكوري؟

- الجمع بين شخصيتي مي زيادة المبدعة العربية، وفرجينيا وولف المبدعة الإنكليزية، هو جمع حضاري هدفه رفع صوت المرأة بوصفها إنسانة فحسب، حين يقع عليها ظلم الذكورة وتسلطها، وحسن تسلب حقوقها عيانا بيانا، والحقيقة أن تقاطع الخطوط في حياة هاتين الشخصيتين ألهمني هذا النص المونودرامي الذي أعتبره من أقر نصوصي إلى نفسي.

أحمد السباعي

• أصدرتم مجموعتك المسرحية «حدث في مكة... ترنيمة إلى أحمد السباعي»، ماذا تقول للسباعي «أبو التجربة المسرحية السعودية»؟

- أقول له شكراً على امتداد الأرض، لأنك رائد اقتحام مجال المسرح في السعودية، أنت أستثنائي في وعيك، وطموحك، وحبك لبلدك. حين حاولت جاهداً، وبمالك الخاص استنبات ما لم يكن مستنبتا، رحمك الله أستاذ المسرح ورائده.

• يرى بعض النقاد أن الدراما التلفزيونية طغت على السينما والمسرح فألقتهما في الظل، فما رأيك؟

- صحيح، فلم تعد المساحة المتاحة للمسرحيين تعادل المساحة المتاحة للتلفزيون، حتى ان المسرح شهد هجرة جماعية صوب الدراما التلفزيونية وتنكرا علنيا ممن بدأوا مسرحا فاتجهوا للشاشة.

• جائحة «كوفيدا – 19» أثرت على مناحي الحياة... كيف قضيتم تلك المرحلة؟

- في العطاء والإنجاز، فقد استثمرت وجودي في بلدي، وفي منزلي في إنجاز نصين، وكتاب، وأكثر من بحث، وحاولت ألا أضيع فرصة وجودي الزمني الكبير في المنزل.

• ماذا عن مشاريعكم المستقبلية؟

- أهم ما لدي الآن الاستمرار في إنجاز بعض البرامج لرابطة المسرح العربي المشترك ATPA، حيث سنتتج مسرحيتنا الثانية بنفس ما تنص عليه لائحة الرابطة، كما أنني على مشارف طباعة كتابي الجديد، ونشر عدد من النصوص الجديدة.

محمد الصادق