أثبتت الحرب الأخيرة على غزة وعلى الثورة السلمية لنصرة القدس أن القضية الفلسطينية بحاجة إلى قيادة جديدة، بعد أن أثبت القادة الأقدمون فشلهم وأن معظمهم يتاجر بالقضية الفلسطينية وأثرى من ورائها، وأن بعضهم موالٍ للقيادة الإيرانية الحالية، وهي قيادة تعلن بصراحة عداءها لأمتنا، وتريد احتلال أراضينا، وشكلت ميليشيات مسلحة لتساعدها في إعادة الإمبراطورية الفارسية التي تحلم بها، وألحقت دمارا هائلا في أربع دول عربية لتحقيق هذا الحلم، ألحقت دمارا هائلا في العراق وسورية ولبنان واليمن، وقتلت وشردت من شعوبها أضعاف ما قتلت وشردت إسرائيل في حروبها في فلسطين.

لما تظاهر شباب القدس احتجاجا على ما تنوي أن تقوم به إسرائيل من اعتداء على ممتلكاتهم الخاصة في القدس وعلى وجه الخصوص في حي الشيخ جراح، لتهجيرهم منه بقوة السلاح، وإحلال مهاجرين يهود بدلا منهم، هبّت شعوب العالم لنصرة الشعب الفلسطيني الأعزل، وتحركت المظاهرات في مختلف العواصم الأوروبية وأميركا تطالب بوقف الاعتداء على الشعب الفلسطيني الأعزل وتهجيره من ممتلكاته، ولتطالب لأول مرة بحل الدولتين.

Ad

هنا تحركت حركة حماس الإخوانية لتطلق الصواريخ الإيرانية التي سقط أكثر من نصفها في الأراضي الفلسطينية، ويمكن أن تكون قد تسببت بقتل عشرة من الإسرائيليين، لكنها أعطت مبرراً لإسرائيل لتحرك سلاحها الجوي الفتاك لتقتل أكثر من 240 من الشعب الفلسطيني، معظمهم من الشباب والأطفال والنساء، وتدمر ممتلكاته، وليقول العالم إن إسرائيل تدافع عن نفسها.

من هنا بدأت القيادة المصرية بالتحرك، وكان بفضل الجهود التي بذلها الرئيس السيسي، وعلاقاته المتميزة مع الدول الكبرى، وذات التأثير على القرار الإسرائيلي، فأمكن وقف تلك الحرب بعد أحد عشر يوما من اندلاعها، وشكرت دول العالم وخاصة القيادة الأميركية والدول الكبرى الجهود التي بذلها الرئيس السيسي لوقف ذلك النزيف.

في هذا الوقت انبرى قادة "حماس" لشكر القيادة الإيرانية، فعلى أي أساس توجه "حماس" الشكر لتلك القيادة؟ على الدمار الذي حل بالأراضي الفلسطينية؟ أم على الدمار الذي لحق بالأراضي العربية التي تعاونت مع ذلك النظام؟ أم لأنها كأول دولة راعية للإرهاب في نظر كثير من الدول؟

لذا نرى أن الشعب الفلسطيني في ظل هذه الظروف والمستجدات التي طرأت على هذه القضية، سواء عربية أو عالمية، بحاجة إلى قيادة فلسطينية جديدة، وعليها ألا تتأثر بالفكر القديم، خصوصاً فكر الإخوان، فهو فكر قديم مر عليه قرن من الزمن ويرفض التجديد، وهو معادٍ للدولة الوطنية ويريد هدم ها ليعيد الخلافة العثمانية، التي أسقطتها الثورة العربية.

الفلسطينيون بحاجة إلى قيادة تؤمن بفلسطين أولاً، والتي تعترف بحدودها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ويهتم شعبها ببناء تلك الدولة، متعاونين مع الدول الشقيقة والصديقة، ولا تعلن العداء لأحد.

● د. عبدالمحسن حمادة