نجحت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري "الحكومية الجديدة"، التي طُرِحت على الطاولة بلبنان، في الحصول على مباركة من مختلف القوى السياسية والجهات الفاعلة، كالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الذي تكشف المعلومات أنه على تنسيق كامل مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري... أو "حزب الله"، الذي أعطى أمينه العام، حسن نصرالله، دفعاً قوياً لبرّي بتكليفه معالجة المشكلة الحكومية، فضلاً عن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي أوفد، قبل أيام، الوزير السابق غازي العريضي إلى "عين التينة" (مقر بري)؛ لمناقشة كل تفاصيل المبادرة، وسبل إيصالها إلى خواتيم سعيدة.

وفي خطابه بذكرى المقاومة والتحرير، أطلق نصرالله موقفاً متوازناً تجاه الحريري، ورئيس الجمهورية ميشال عون، الذي كان طُلِب منه مسبقاً، كما ذكرت "الجريدة".

Ad

وأعلن نصرالله دعمه المطلق لرئيس الجمهورية مع رفضه دعوات استقالته، في حين أكد التمسك بتكليف الحريري، وفيما كان عون يحاول تخيير نصرالله بينه وبين برّي، أبدى الأول الحرص على الطرفين، مع تفويض الأخير بحلّ المشكلة الحكومية.

وتنطلق مبادرة برّي الجديدة من التي اقترحها جنبلاط سابقاً، أي تشكيل حكومة من 24 وزيراً، بلا ثلث معطل، مع الاتفاق على اسمي الوزيرين المسيحيين، اللذين سيتوليان حقيبتي الداخلية والعدل، ليتم اختيارهما بالتوافق.

وبينما ينسق بري مع جنبلاط والراعي الخطوات، أصبحت الكرة في ملعب الحريري، الذي ينتظر الجميع عودته إلى بيروت لإعداد تشكيلة حكومية والذهاب بها إلى القصر الجمهوري وتسليمها لعون، الذي في حال رفضها، سيثبت على نفسه تهمة التعطيل.

وبحسب المعلومات، حصل تواصل بين بري والحريري، الذي وعد بالعودة خلال يومين إلى بيروت، والقيام بما يلزم.

في هذه الأثناء، يفكرّ بري في كل الخيارات التي قد تطرأ إذ فشلت مساعيه، لكن الأهم بالنسبة إليه أن يبادر الحريري ويسلم عون تشكيلة جديدة.

هذه المرّة ليست الأولى التي تحاط فيها المساعي الحكومية بهذه الجدية، خصوصاً أن موقف نصرالله ونتائج جلسة مجلس النواب الأخيرة، يمكن لبري والحريري استثمارها معاً، وتحقيق نتائج إيجابية بناء عليها، لكن الأهم ألا تضيع الفرصة فيخسر الحريري الدعم الذي يتلقاه، خصوصاً من بري، الذي يعتبر أنه لن يكون قادراً على الاستمرار بمنحه غطاء إلى ما لا نهاية.

خطوة رئيس مجلس النواب سحبت ورقة التصعيد من يد الرئيس عون، الذي كان يستعد لسلسلة تحركات ضد الحريري، وبحسب ما تقول المصادر فإن عون سيعطي مبادرة بري مهلة أسبوعين للوصول إلى نتيجة، وفي حال لم تصل فسيعود إلى التصعيد محلياً وخارجياً، كما أنه سيعود وقتها إلى اتهام الحريري بأنه يعرقل التأليف، ووقتئذ لن يكون بري قادراً على الاستمرار بدعم الرئيس المكلف، الذي سيخسر موقف الراعي.

وبينما يجري تواصل من مختلف الشخصيات السياسية مع الحريري للعودة إلى لبنان، والقيام بمبادرة جديدة، تكشف المعلومات أن لقاء تنسيقياً سرياً وبعيداً من الإعلام عُقِد بين رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة وبري أيضاً، للبحث في كيفية توفير الظروف الملائمة لتشكيل الحكومة، كما جرى اتصال هاتفي بين الحريري والراعي، بعد عتب من البطريرك بسبب مغادرة الرئيس المكلف، وعدم تسليم عون أي تشكيلة جديدة، خلافاً لما اتفق عليه الرجلان في لقاء سرّي عقد بينهما أخيراً.

أيام فاصلة على خط مساعي تشكيل الحكومة، إما أن يستفيد منها الحريري للتشكيل، أو يرمي الكرة مجدداً في ملعب عون، وربما يتعرض لحملة سياسية واسعة تحمّله المسؤولية.

• بيروت - منير الربيع