حَـبَّذا العَـيـشُ حـيـنَ قَـومـي جَـمـيـعٌ

لَم تُـــفَـــرِّق أُمـــورَهـــا الأَهــواءُ

Ad

البيت لعبدالله بن قيس الرقيات من قصيدة يمدح مصعب بن الزبير، والي العراق في دولة الزبيريين التي كان يرأسها عبدالله بن الزبير، والده الزبير بن العوام أحد العشرة المبشرين في الجنة وحواري رسول الله، وأمه أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين، وسيطرت تلك الدولة على الحجاز واليمن والعراق، ونشأت بعد وفاة يزيد، وأسقطها عبدالملك بن مروان.

وبدأ القصيدة بأبيات يمدح فيها قريش ويبين أهميتها للعرب والإسلام ويحزن على تفرقها بسبب العداوات التي نشبت بين أبنائها، ويقول في مطلع القصيدة:

أَقــفَــرَت بَــعــدَ عَــبـدِ شَـمـسٍ كَـداءُ

فَـــكُـــدَيٌّ فَــالرُكــنُ فَــالبَــطــحــاءُ

فَــمِـنـىً فَـالجِـمـارُ مِـن عَـبـدِ شَـمـسٍ

مُــــقـــفِـــراتٌ فَـــبَـــلدَحٌ فَـــحِـــراءُ

فبالرغم من أن الشاعر يمدح بن الزبير، وهو في حرب مع الأمويين، فإن هذا لم يمنعه من أن يتذكر الأيام الجميلة، التي عاشها أبناء قريش موحدين لم تفرقهم الحروب، ويرى أن أرض الحجاز أصبحت موحشة بعد هجر الأمويين لها.

وعبدشمس الذي يذكره الشاعر، هو والد أمية الذي ينتسب إليه الأمويون، وهو جد أبوسفيان والد معاوية، وكذلك جد عتبة بن ربيعة أبو هند زوجة أبي سفيان وأم معاوية، والذي قتله حمزة عم النبي، صلى الله عليه وسلم، في بدر، وانتقمت له ابنته هند في غزوة أحد ومثلت في جثة حمزة بعد استشهاده في أُحُد.

وعبدشمس أيضا الأخ الشقيق والتوءم لهاشم أبي عبدالمطلب جد النبي، صلى الله عليه وسلم، فالأمويون والهاشميون أبناء عمومة أبوهم عبدمناف، والد كل من هاشم وعبدشمس، وكادت تلك الحروب أن تسقط الدولة العربية الإسلامية في بداية نشأتها لولا فضل الله والقادة المحنكين، الذين أحسنوا إدارة الأزمة والتحكم فيها.

ورأى البعض أن هناك جماعة شريرة من الشعوبيين أو الباطنيين كما يسميهم بعض المؤرخين، أسهموا في إذكاء تلك الفتن والصراع، وهم من الشعوب غير العربية الذين دخلوا الإسلام بعد فتح دولهم، ويظهرون حب العرب والإسلام كنوع من التقية.

لننظر إلى الفتن وكيف تشعل الحروب وتدمر الدول، ولنحاول بكل ما نملك أن نحمي مجتمعنا من شرورها، وكم أساءنا منظر شاب صغير في سن المراهقة وهو يخاطب وزير الداخلية بلا أدب ولا أخلاق، بكل تأكيد يقلد هذا الشاب بعض أعضاء مجلس الأمة الذين حاولوا مخاطبة الوزراء منذ بداية هذا المجلس، بلغة فيها نوع من التعالي والتهكم.

ورفضت الحكومة تلك اللغة، مما أدى إلى وجود أزمة حادة بين الطرفين نرجو أن تنتهي بخير، نتمنى من العقلاء والحكماء في المجلس والحكومة والشعب أن يبادروا في معالجة ذلك، حفاظا على نظامنا الديمقراطي وعلى مجتمعنا، وليغلقوا الباب أمام كل شرير يحاول إشعال الفتن ويزيد لهيبها.

الكويت كأي مجتمع آخر لديها مشكلات، وخير علاج لتلك المشكلات التعاون بين السلطة التشريعية والتنفذية لمعالجتها، ونتمنى من أعضاء المجلس أن يبرهنوا أنهم يحبون دولتهم وأنهم سيحافظون عليها ويحمونها من كل شرير، فأعطوا فرصة أيها الأعضاء للتاريخ ليكتب عن مساهماتكم الفعالة في تنمية الدولة وإخماد الفتن، ولا شك أن هناك جماعة شريرة تريد إشعال الفتن، وأنتم أيها الأعضاء الشرفاء أول من يجب أن يتصدى لها ويئد شرها.

• د. عبد المحسن حمادة