يبدو المشهد قاتماً عشية استئناف الجولة الرابعة من محادثات فيينا غير المباشرة بين طهران وواشنطن لإحياء الاتفاق النووي الموقّع في 2015، وسط حديث عن ثغرتين كبيرتين في التفاوض، الأولى لها علاقة بالعقوبات، والثانية بآلية عودة إيران الى التزاماتها النووية.

وشدد المتحدث باسم «الخارجية» في الولايات المتحدة، نيد برايس، على ضرورة أن تمتثل إيران بشكل كامل لبنود الاتفاق المقيد لبرنامجها النووي، وذلك على وقع تقارير تحدثت عن خلافات بين واشنطن وطهران حول مصير أجهزة الطرد المركزي المتطورة التي ركّبتها إيران أخيراً والتي تتيح تخصيب اليورانيوم بسرعة أكبر.

Ad

وزعمت قناة إيرانية تمولها الحكومة، أمس، أن واشنطن وأوروبا، طلبتا من إيران تدمير أجهزة الطرد المركزي من الجيل الجديد؛ بهدف مواصلة مفاوضات فيينا.

ويأتي ذلك بعد اجتماع حاسم للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني تقرر خلاله عدم قبول العرض الأميركي لرفع العقوبات بالتقسيط مقابل عودة ايران الكاملة الى الالتزامات المنصوص عليها بالاتفاق، والتي تخلّت عنها تدريجيا بعد خروج إدارة دونالد ترامب من الاتفاق وفرضها عقوبات قاسية.

وبعد سلسلة من الضربات والهجمات المتبادلة ضمن ما بات يطلق عليه «حرب خفية» بين إسرائيل وإيران، تباهى القائد العام لـ «الحرس الثوري» الإيراني اللواء حسين سلامي بانفجارات و»أحداث مدبرة» وقعت في اسرائيل أخيراً، معتبراً أنها «أثبتت هشاشة النظام الأمني الإسرائيلي». وقال سلامي، في كلمة مساء أمس الأول، إن قوة «فيلق القدس»، المسؤولة عن العمليات الخارجية لـ «الحرس الثوري»، شكلت «جبهة حربية واسعة تواجه العدو في أي نقطة، وأدت إلى استنزاف قدرة أميركا في المنطقة».

وأضاف: «انفجار مصفاة حيفا وتسرب الأمونياك وتعرّض 80 شركة إسرائيلية لهجمات سيبرانية والانفجار قرب مطار بن غوريون وسقوط صاروخ قرب مفاعل ديمونا، أثبتت هشاشة النظام الأمني ونظام القبة الحديدية في إسرائيل».

وأكّد أن «أول ضربة تتعرّض لها إسرائيل ستكون آخر ضربة، وأن أي إجراء تكتيكي ضدها سيؤدي إلى إلحاق هزيمة استراتيجية بها»، مضيفاً «عملية عسكرية واحدة يمكن أن تؤدي إلى انهيار الدولة العبرية».

وأشار إلى المواجهة البحرية التي تخوضها طهران مع تل أبيب، قائلا إنه «خلال الشهرين الماضيين ثبت ضعف الملاحة الإسرائيلية في كل نقاط العالم». وأردف: «یمكن تعطيل التجارة البحرية الإسرائيلية بسهولة».

وزعم المسؤول الإيراني أن بلاده لم تنقل القدرات العسكرية إلى «حزب الله» اللبناني والفصائل الفلسطينية، لأن ذلك «غير متاح بسبب القيود والحصار»، لكن «فيلق القدس» تمكّن من تطوير قدرات في لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة للاكتفاء الذاتي.

من جانب آخر، رأى سلامي أن التحركات التي تشهدها المنطقة تؤشر إلى تآكل القوى الكبرى فيها، مؤكداً أن «واشنطن مضطرة لمغادرة منطقة الشرق الأوسط تدريجياً، وهو ما يحدث في أفغانستان والعراق حالياً تحت الضغط السياسي وضغط الرأي العام، وكذلك ضغط تيارات وفصائل المقاومة».

ورأى أن الولايات المتحدة باتت غير قادرة على التدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة بتطورات المنطقة، كما كانت الحال في السابق، وخاصة في سورية والعراق واليمن.

واعتبر أن ميزان القوى في اليمن، حيث تدعم طهران حركة «أنصار الله» الحوثية المتمردة، تغييراً ملموساً لمصلحتها على حساب «تحالف دعم الشرعية» الذي تقوده السعودية.

إلى ذلك، كشفت صور حديثة التقطتها الأقمار الاصطناعية تطوير ما يشتبه بأنه قاعدة جديدة لإطلاق الصواريخ بالقرب من منطقة «حاجي آباد» في إيران.

وقد يكون الموقع، التابع لـ «الحرس الثوري»، أول موقع إطلاق صواريخ محصن ومخصص للصواريخ الباليستية التي تعمل بالوقود الصلب في إيران، وفقاً لـ «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية».

ورغم أن إيران كشفت في السنوات الأخيرة عن عدة مجمعات مخصصة للصواريخ تم إنشاؤها تحت الأرض، فإنها لم تعلن عن منشأة «حاجي آباد» حتى الآن.