إذا كان شر البلية ما يضحك من الألم والأسى، فإن خير الأمنيات المحققة ما تبكي من الفرح ومن فرط الشكر والثناء لله سبحانه وتعالى، ففي الوقت الذي تنعم فيه شعوب بثروات أوطانها وخيرات بلادها وعطايا شيوخها لفك كروبها وحل مشاكلها، هناك شعوب تتحسر على ثروات أوطانها المبددة بتوزيعها على شعوب أخرى دون حسيب، وهناك شعوب تتألم وهي ترى بأم عينيها خيرات بلادها تتعرض للنهب والسلب من أناس توسمنا فيهم الإخلاص والحرص على الأموال العامة، فإذا بهم، وهم "اللي شايفين خير"، وأطلق على كل منهم "غني ابن غني ابن غني"، ومنهم "شيخ ابن شيخ ابن شيخ"، حتى وإن لم يكن غالبيتهم "تاجرا ابن تاجر ابن تاجر".

في بداية رمضان الجاري أطلقت في دولة قطر حملة لسداد دين الغارمين المسجونين إما بسبب قروض لم يوفوا بسدادها، أو بسبب شيكات من غير رصيد، فكانت الأحكام بالسجن، وبفضل الله سبحانه وتعالى تضافرت الجهود عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي من أجل استهداف مئة مليون ريال قطري (8.5 ملايين دينار كويتي)، ولم يتمكنوا سوى جمع 28 مليون ريال (2.3 مليون دينار)، ليأتي صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد أمير دولة قطر ليس لإكمال ما تبقى من المئة مليون ريال، ولكن ليتبرع بمئتي مليون ريال (16.6 مليون دينار) تضاف إلى ما تبرع به القطريون ليطلقوا سراح الغارمين من الرجال والنساء المسجونين على ذمم قضايا مالية ومن عليهم أوامر ضبط وإحضار للأسباب نفسها، وليكونوا مع أهليهم وذويهم قبل حلول عيد الفطر المبارك.

Ad

ونحن هنا في الكويت لا نطمح إلى إطلاق حملة تبرعات ولا لإطلاق سراح السجناء أو الغارمين ولا لغيرهم، إذ إن لنا تاريخاً أسود مع حكومة أساءت استغلال أموال تبرعات كانت مخصصة لمكافحة الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على انتشار فيروس كورونا في الكويت، بلغت أكثر من 9 ملايين دينار كويتي (30 مليون دولار) كانت قد بدأت بجمعها جمعيات خيرية كويتية بإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في نهاية مارس 2020، فإذا بجزء من هذه الأموال (1.6 مليون دينار) يوجه لشراء ذخيرة وطلقات رصاص لوزارة الداخلية (لحماية الأمن الداخلي) بدلا من حماية أهل الكويت من أخطار هذا الوباء المتنامي.

أشعر اليوم أن الكويتيين لا يرغبون في التبرع بأي فلس لأي مشروع حكومي، ليس لأن هناك من يسيء استغلال هذه التبرعات فحسب، إنما لرغبتهم بأن يقوم المتهمون المعروفون بإعادة المسروقات من أموال التأمينات الاجتماعية وأموال صندوق الجيش وضيافة الداخلية واليوروفايتر وغيرها من الصفقات المشبوهة التي قدر إجماليها بمليارات الدنانير التي نهبها من توسمنا فيهم الحرص على الأموال العامة.

سؤال: أين باقي أموال التبرعات الشعبية لمواجهة وباء كورونا؟

يوسف عبدالكريم الزنكوي