فقدت الحركة الوطنية في الكويت بوفاة الأخ والصديق المرحوم الأستاذ الدكتور عبدالمالك خلف التميمي أحد رجالاتها، كان رجلا شجاعا وصلبا ومقداما منذ أن كان شابا، التحق بوهشام في ريعان شبابه بصفوف حركة القوميين العرب أثناء دراسته الثانوية في الكويت، وفي عام 1968 قاد بوهشام مع المرحوم الدكتور أحمد الربعي الانشقاق اليساري الذي حدث في حركة القوميين العرب عندما جمعا شباب حركة القوميين العرب في الكويت على شاطئ عشيرج، واتخذ المنشقون قرارا بعزل القيادة التاريخية لحركة القوميين العرب وأسسوا الحركة الثورية الشعبية التي تم تعديل مسماها بعد ذلك إلى الحركة الشعبية الثورية في عمان والخليج العربي. كما أشرف بوهشام على إصدار نشرة داخلية اسمها "المناضل" محصورة التداول بين أعضاء الحركة الشعبية الثورية في الكويت، كذلك كان بوهشام قياديا بارزا في الحركة الطلابية الكويتية سواء في الساحة المحلية أو أثناء دراسته في القاهرة والمملكة المتحدة، وتمثل هذا النشاط في عضوية الاتحاد الوطني لطلبة الكويت فرع القاهرة وفرع بريطانيا، في عام 1978 حصل على درجة الدكتوراه من Durham University متخصصا بالتاريخ الحديث للخليج العربي وكانت أطروحته للدكتوراه تدور حول "التبشير في منطقة الخليج العربي"، في العام نفسه التحق بجامعة الكويت كعضو هيئة تدريس في قسم التاريخ وتدرج في السلم الوظيفي حتى أصبح في عام 1981 رئيس قسم التاريخ، وفي عام 1985، مساعد العميد للشوون الأكاديمية كلية الآداب. وكان بوهشام حريصا على أن يكون مشاركا في أهم اللجان الأكاديمية سواء على مستوى القسم أو الكلية مثل لجنة التعيينات والترقيات والبعثات والتي تعد العمود الفقري للجان الأقسام العلمية في الجامعة التي أخذت من وقته الكثير، حيث منع تمرير أي تجاوزات تخالف القوانين واللوائح الجامعية، وكان يصر على إعطاء كل ذي حق حقه التزاما بالقوانين واللوائح الجامعية الملزمة، وليس عن طريق الواسطة والمحسوبية، وبسبب محاربته للواسطة والمحسوبية ناله من المضايقات ما ناله، ورغم هذه المضايقات استمر في الدفاع عن الحق حتى تقاعده من الجامعة. كما كان الراحل وراء تنظيم العديد من اللقاءات بين الدكاترة الكويتيين والذين كان هدفهم إصلاح التعليم في جامعة الكويت وإبعاد الجامعة عن الواسطة والمحسوبية والطائفية والقبلية والعائلية، وبعد تقاعده جسد بوهشام معاناته أثناء عمله في الجامعة في كتابه الصادر عام 2016، "سيرة أستاذ جامعي" الذي يحكي فيها مسيرته الأكاديمية، بجانب هذا كان بوهشام يحمل فكرا مستنيرا تصدى بقلمه لقوى التخلف داخل الجامعة وخارجها التي جثمت على صدر هذا البلد منذ الستينيات من القرن الماضي، وبجانب دوره في الحركة الوطنية والحركة الطلابية وفي جامعة الكويت، كان بوهشام باحثا متميزا له العديد من الكتب والأبحاث أثرت المكتبات في الوطن العربي، وترأس تحرير العديد من المجلات العلمية المحكمة مثل مجلة عالم الفكر، ومجلة العلوم الإنسانية ومجلة التاريخ والآثار، حتى بعد تقاعده استمر في البحث وكتابة المقالات في الصحافة المحلية، ولم يتوقف عن الكتابة حتى أنهك جسمه المرض. لقد فقدت الكويت بوفاة المرحوم بوهشام قامة علمية لها حضور واسع على الصعيدين المحلي والعربي، رحمك الله يا أباهشام رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته والله يصبر عائلتك الكريمة وأصدقاءك ومحبيك بفقدانك و"إنا لله وإنا إليه راجعون".
مقالات
المرحوم عبدالمالك التميمي فارس المواقف الصلبة
06-05-2021