قبلت المحكمة الدستورية العليا في سورية أمس ثلاثة طلبات ترشيح للانتخابات الرئاسية المقررة الشهر الجاري، والتي ستكون الثانية التي تشهدها سورية منذ النزاع الدامي في 2011، والتي يطعن الغرب في شرعيتها مطالباً بعملية سياسية ذات مصداقية.

وكما هو متوقع صادقت المحكمة على ترشيح الرئيس الحالي بشار الأسد، الذي يعتبر فوزه محسوماً، إلى جانب شخصيتين غير معروفتين على نطاق واسع، ورفضت باقي المتقدمين لعدم استيفائهم الشروط الدستورية والقانونية.

Ad

وأعلن رئيس المحكمة جهاد اللحام، في مؤتمر صحافي، الموافقة على ترشيح الأسد (55 عاماً) الذي سيفوز بولاية رئاسية رابعة من 7 سنوات، ووزير الدولة السابق (2016- 2020) والنائب السابق عبدالله سلوم عبدالله، ومحمود مرعي المحسوب على المعارضة الداخلية المقبولة من النظام.

ويتوقع أن يحسم الأسد نتائج الانتخابات بعد أكثر من عشر سنوات على نزاع مدمّر بدأ بانتفاضة شعبية لإزاحته، وتسبب في مقتل أكثر من 388 ألف شخص واعتقال عشرات الآلاف ودمار البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان.

وفاز الأسد بانتخابات الرئاسة الأخيرة في يونيو 2014 بنسبة تجاوزت 88 في المئة من الأصوات، في مواجهة مرشحين آخرين غير معروفين هما عضو مجلس الشعب ماهر الحجار، والعضو السابق في المجلس حسان النوري، وقد اعتبر ترشيحهما في حينه شكلياً.

ورفضت المحكمة باقي طلبات الترشيح، التي تقدم بها 51 شخصاً، بينهم سبع نساء، لخوض الانتخابات المقررة في 26 الجاري، والتي شككت قوى غربية عدّة في نزاهتها حتى قبل حدوثها، مشيرة إلى "عدم توفر الشروط الدستورية والقانونية".

ويحق لمن رُفض طلبه الطعن أمام المحكمة الدستورية، التي ستبت في الطعون قبل أن تعلن اللائحة النهائية للمرشحين في العاشر من الشهر الجاري.

ويتعيّن على كل مرشح أن ينال تأييد 35 عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب البالغ عددهم 250 لتقديم طلب الترشح. ونددت واشنطن والمعارضة السورية بالانتخابات المزمعة، ووصفتها بأنها تمثيلية تهدف لتعزيز حكم الأسد.

وقال مسؤولون كبار في الأمم المتحدة هذا الشهر، إن الانتخابات لا تستوفي قرارات مجلس الأمن الداعية إلى إطلاق عملية سياسية لإنهاء الصراع، ووضع دستور جديد، وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة "بأعلى معايير الشفافية والمحاسبة".

ومن شروط التقدّم للانتخابات أن يكون المرشح أقام في سورية بشكل متواصل خلال الأعوام العشرة الماضية، ما يغلق الباب أمام احتمال ترشح أي من المعارضين المقيمين في الخارج.

وتشهد سورية أزمة اقتصادية خانقة خلّفتها سنوات الحرب، وفاقمتها العقوبات الغربية خصوصاً "قانون قيصر" الأميركي، فضلاً عن الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور، حيث يودع سوريون كثر، بينهم رجال أعمال، أموالهم.

وتنظم الانتخابات بموجب الدستور الذي تم الاستفتاء عليه في 2012، في حين لم تسفر اجتماعات اللجنة الدستورية المؤلفة من ممثلين عن الحكومة والمعارضة، والتي عقدت في جنيف برعاية الأمم المتحدة، عن أي نتيجة.

مرعي والمعارضة المقبولة

ومحمود مرعي، محامٍ من مواليد 1957 في ريف دمشق منطقة القلمون، وشخصية من معارضة الداخل، وهو رئيس "المنظمة العربية السورية لحقوق الإنسان" والأمين العام لـ "الجبهة الديمقراطية" المعارضة.

ويرى مرعي، العضو في محادثات جنيف، أن الحل في سورية عبر المعارضة الداخلية لكنها ضعيفة بحسب الإمكانيات والضغط عليها في الداخل، واتهم ما أسماه الدولة بـ "الاحتكار السياسي والاقتصادي".

وكان انتقد الحكومة في مقابلة عام 2019، وقال إنها "بتشكيلتها الحالية لا تستطيع أن تحل هذه الأزمات، ولا بد من تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها السلطة والمعارضة الوطنية والجميع لتحمل المسؤوليات".

وعبدالله سلوم من مواليد عام 1956، في مدينة إعزاز بمحافظة حلب، شغل منصب وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب سابقاً، ويحمل إجازة في الحقوق من جامعة دمشق.

وانتخب عضواً بمجلس الشعب بالدور التشريعي الثامن بين عامي 2003 و2007، كما انتخب في الدور التشريعي الأول بين عامي 2012 و2016. وظهر سلوم، العضو في حزب "الوحدويين الاشتراكيين" وشغل عدة مناصب فيه منها أمين فرع ريف دمشق للحزب وعضو المكتب السياسي فيه، واضعاً صوراً للأسد على مكتبه مما أثار موجة سخرية بين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي حول جديته في المنافسة.

ورغم أن سلوم ينتمي لأحد أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية (حزب الوحدويين الاشتراكيين) لكنه ليس مرشحاً باسمها، إذ سبق أن أعلنت أن الأسد مرشحها.