أكد وزير المالية وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار خليفة حمادة مساء أمس الاول، أن الوضع المالي للبلاد جيد، والأهم تضافر كل الجهود للبدء في الاصلاحات الاقتصادية والمالية للنهوض بالدولة.

وقال الوزير حمادة، في لقاء مع تلفزيون الكويت عبر برنامج "بشكل رسمي"، ان "اقتصاد البلاد يعتمد بشكل اساسي على الإيرادات النفطية، والاقتصاد المحلي يعتمد على الانفاق العام"، لافتا الى ان "التوسع في الجهات الحكومية والهياكل يؤدي الى زيادة الإنفاق الحكومي".

Ad

وذكر أن اكثر من 71 في المئة من الموازنة العامة للدولة يذهب الى الرواتب والدعوم، في حين يتوزع المتبقي على باقي بنود الموازنة العامة والانفاق الرأسمالي.

وبين ان الإصلاحات الاقتصادية يجب ان تركز على المجموعات الكبيرة في الانفاق، مؤكدا أهمية ترشيد الانفاق، لاسيما انه خلال السنوات الماضية كان هناك نمو متزايد للميزانية العامة للدولة في ظل تذبذب أسعار النفط، وانخفاض الإيرادات النفطية التي سببت عجزا في الميزانية.

دولة رعوية

وأشار إلى ان الكويت دولة رعوية، وبالتالي تقدم العديد من الخدمات والسلع المدعومة بأسعار مخفضة أقل من تكلفتها كنوع من الرعاية الخاصة بالمجتمع والافراد، موضحا ان الدعوم في الوقت الراهن موجهة لكل افراد المجتمع، ولا توجد فيها عدالة، بغض النظر عن الدخل المالي لهؤلاء الافراد، وبالتالي ليس من العدالة ان تُعطى الدعوم نفسها لكل الافراد، سواء المواطن البسيط أو صاحب الدخل المرتفع.

وقال انه في ترشيد الانفاق تمت مراعاة مستوى دخل الفرد مع ما يتلقاه من دعم، وهذا نوع من أنواع العدالة، ويوجه استهلاك السلع بالوجه الصحيح.

وعن أوجه الصرف في الميزانية العامة، اوضح الوزير حمادة ان الميزانية العامة تشتمل على العديد من الأبواب والبنود، واهمها المرتبات والدعوم والمصروفات المتعلقة بالمشتريات والانفاق الرأسمالي، والتي تعتبر مشاريع للدولة.

المكونات المالية

وأضاف "أريد توضيح مكونات المالية للدولة، وهي الميزانية العامة، وفيها الفائض والعجز المالي، كما ان هناك صندوق الاحتياطي العام وصندوق الأجيال، وفي السنوات الأخيرة كانت هناك عجوزات في الميزانية أدت الى السحب من الاحتياطي العام الذي يعتبر صندوقا او خزينة للدولة تجمع فيها الإيرادات النفطية، ففي سنة الوفر يتم الإيداع، وفي سنوات العجز يتم السحب منه لتوفير ميزانية".

وتابع ان "صندوق الأجيال القادمة عبارة عن استثمارات تديرها الهيئة العامة للاستثمار، ووفق القانون لا يجوز السحب منه، واذا كان هناك رغبة في السحب يجب ان تتقدم بقانون لمجلس الأمة للسحب من هذا الحساب".

اختلالات

وقال حمادة ان "هناك اختلالات في الانفاق الحكومي، والنمو الكبير في الميزانية السنوية، والشح في الإيرادات غير النفطية، وهذه تحديات يجب ان نواجها ونجد لها حلولا".

وعن الاحتياطي العام، قال حمادة انه الخزينة العامة للدولة التي تمول الميزانية العامة، وتصب فيها كل الإيرادات النفطية بعد استقطاع ما يخص حساب الأجيال القادمة وتوفر السيولة، لافتا الى ان استراتيجية الاستثمار في هذا الاحتياطي العام قصيرة المدى، وتختلف عن فلسفة احتياطي الأجيال ذي طابع الاستثمار طويل المدد.

الدين العام

وذكر ان تذبذب أسعار النفط في السنوات الماضية ساهم في عجوزات متكررة أدت الى سحب السيولة الموجودة في الاحتياطي العام، لذلك لجأت الدولة الى ما يطلق عليه قانون الدين العام، وهو ليس اقتراضا ماليا من البنوك، بل هو اصدار سندات حكومية كأدوات مالية ذات قيمة مالية وربحية معينة تصدرها الدول لتوفير السيولة وتنشيط الحركة المالية في الدولة محليا وخارجيا.

وأوضح انه في الدين العام يجب ان تصدر السندات حتى تتمكن الدولة من توفير السيولة لمواجهة الانفاق الموجود، وهذا الأسلوب ليس من الإصلاحات الاقتصادية، بل وسيلة لحين إتمام الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة، ثم بعد ذلك يتم تمويل الميزانية من ضمن الإيرادات المحققة.

وأكد انه لا قلق على الوضع المالي للدولة، فلا يزال متينا، ولكن الوقت مناسب للبدء في عمليات الإصلاح وترشيد الانفاق وتنويع مصادر الدخل من خلال اشراك القطاع الخاص بدور فاعل في الاقتصاد المحلي، وبدء الدولة بالانسحاب والتخلي عن هذا الدور، وبالتالي يدخل القطاع الخاص ليخلق نشاطات كبيرة في السوق تحت رقابة الدولة، وبشراكة بين القطاعين.

وعن قلق المواطنين حيال صرف الرواتب، قال حمادة: "لا تزال أسعار النفط جيدة ولا داعي للقلق فيما يخص الرواتب، والأمور مستقرة، ولكن الوضع يتطلب مشاركة الجميع للوصول الى الإصلاحات المنشودة، وتنويع مصادر الدخل حتى يتم التخطيط للمدى البعيد".

وبالنسبة الى تكلفة تأجيل اقساط القروض، افاد الوزير بأن تأجيل هذه الاقساط في المرحلة الأولى كانت مبادرة من البنوك، اما فيما يتعلق بالقانون الأخير فسيتم حساب كلفته بعد اغلاق باب التسجيل في طلبات الرغبة في التسجيل للتأجيل من المواطنين.

وعن امكانية فرض الضرائب مستقبلا، قال: "لدينا قانونان للضرائب تم التقدم بهما الى مجلس الامة في فترة سابقة ضمن اتفاقيات مجلس التعاون الخليجي، كالضريبة الانتقائية التي تفرض على التبغ والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة وضريبة القيمة المضافة، وهما يختلفان اختلافا كليا عن ضريبة الدخل التي تعتبر مستبعدة تماما".

وأشار الى أن "المواطن العادي لن يشعر بضريبتي القيمة المضافة والانتقائية، لأنهما تفرضان على سلع ضارة إما بالصحة او بالبيئة، أو السلع ذات الطابع الكمالي كشراء سيارة قيمتها أكثر من 50 ألف دينار".

وبين أن "الإجراءات الضريبية ليست ضرائب، بل هي تبسيط وتحديث لمنظومة الضرائب في الدولة مثل الشركات الأجنبية او الزكاة، لذلك ارتأينا وضعها بقانون حتى تعطي الدولة حجية في المطالبة، ولكنها ليست ضريبة قائمة بل إجراءات".

ولفت الى عدم وجود ضرائب مباشرة على المواطن، بل مجرد اتفاقيات مع دول مجلس التعاون الخليجي، سواء في الضرائب الانتقائية او القيمة المضافة، وهناك إجراءات الضريبة الموحدة وهي إجراءات تنظيمية.

خطة ملزمة

وبشأن الخطة الملزمة للحكومة في الاستفادة من مشروعي السحب من احتياطي الأجيال القادمة والدين العام، قال حمادة انه نتيجة لشح السيولة في الاحتياطي العام لجأت الدولة لقانونين تقدمت بهما الى مجلس الامة: الدين العام بإصدار سندات حكومية محلية او عالمية، كما تقدمت بقانون السحب المنتظم من احتياطي الأجيال القادمة وفقا لقيمة محددة.

وذكر ان المذكرة الإيضاحية اشترطت البدء في الاصلاحات الاقتصادية والمالية المطلوبة، ومنها برنامج الاصلاح المالي والاقتصادي الذي تقدمت بها الحكومة 2016، وتم تعديله في 2017 وفي 2019، ثم تم إدراجه في برنامج عمل الحكومة الحالي، وهو عبارة عن عدد من البرامج التي تحقق تنوعا في الدخل، وتقلل الانفاق والقدرة على استدامة الدولة في تقديم خدماتها.