يزداد المشهد السياسي في الكويت تعقيداً في ظل التأزيم المتواصل بين الحكومة وكتلة كبيرة من نواب مجلس الأمة ووصل الأمر إلى تعمد تعطيل جلسات المجلس وعدم إنجاز التشريعات التي ينتظرها المواطنون، فعلى مدار عمر المجلس الحالي الذي تشكل في ديسمبر الماضي عقدت جلسات قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة، وشهدت جدالاً وتشابكاً بالكلام والأيدي أحياناً، وتم تشويه الصورة الجميلة للديمقراطية الكويتية التي كان يضرب بها المثل في المنطقة، وأصبحت الحياة السياسية في البلاد في خطر.

وإذا أردنا تشخيص الواقع الأليم الذي وصلت إليه العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وتحديد المسؤول عن التصعيد فسنجد هناك فريقين: الأول يوجه اللوم الشديد للحكومة لأنها لا تملك رؤية واضحة أو برنامجا يلبي طموحات المواطنين، ويرفع من شأن الكويت، وأنها تمارس المكايدة السياسية مع النواب، وتصر على استخدام قوتها التصويتية في المجلس لإصدار قرارات تخدم أهدافها وتحصن وزراءها من المساءلة والرقابة البرلمانية في وقت يزداد عليها السخط الشعبي الذي لا يرى في تشكيلها تغييراً أو في برنامجها تقدماً، أما الفريق الثاني فيحمل نواب المعارضة مسؤولية تعطيل الحياة السياسية واستعجال تقييم الحكومة وعدم منحها الوقت الكافي للعمل، وبعد ذلك محاسبتها، وأنهم يستخدمون حقهم الدستوري في الاستجوابات في توقيتات غير مناسبة.

Ad

وأياً كانت الأسباب والمبررات، فالواقع يقول إن هناك أزمة تعيشها الكويت وتحتاج إلى تدخل الحكماء وإعلاء صوت العقل والجلوس على مائدة الحوار وتخفيف الخطاب التصعيدي بين الحكومة والمجلس، وأن يستمع سمو رئيس الوزراء إلى المطالب الوطنية لنواب المعارضة والتعامل معها بجدية والعمل على تحقيقها خصوصاً أنها تحظى بتأييد شريحة كبيرة من أبناء الشعب الكويتي، ويجب أن يمد الطرفان لبعضهما يد التعاون ويتبنيا مصالح الوطن والمواطنين، ويبتعدا عن التناحر والمكايدة، أما غير ذلك فهذا يعني أن الكويت ذاهبة إلى النفق المظلم، وأن عجلة التنمية ستظل متوقفة مع ضياع المزيد من الوقت والفرص والتأخير عن ركب التقدم الذي تشهده دول الجوار، ولن يرحم التاريخ كل من يشارك في هذه النكسة والتدمير للكويت، ولن يسكت الشعب أو يسامح الطامعين في الكراسي والمتصارعين على المناصب، وحفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.

مشاري ملفي المطرقّة