اليابان من أكثر المجتمعات تقدماً على المستوى التكنولوجي في العالم، لذا يهتم هذا البلد بتسهيل وصوله إلى الفضاء بقدر أي دولة أخرى، وعلى غرار الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، يحتاج الاقتصاد الياباني إلى تكنولوجيا الاتصالات الفضائية لضمان تماسك نسيج قاعدته الصناعية، ووفق بعض التقديرات، تحتل اليابان المرتبة الرابعة عالمياً من حيث عدد الأقمار الاصطناعية المدارية التي تملكها. قد لا تنشط قوات الدفاع عن النفس اليابانية ضمن نطاق جغرافي مشابه لنظرائها الأميركيين أو الأوروبيين، لكنها تحتاج رغم ذلك إلى تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية في مجال الاتصالات والمراقبة.

نتيجةً لذلك، كثّفت اليابان تدريجاً التزاماتها العسكرية المؤسسية في الفضاء، فسمحت لوزارة الدفاع بالتعاون مع "وكالة استكشاف الفضاء اليابانية" للمرة الأولى في عام 2012، كذلك، أنشأت اليابان "سرب العمليات الفضائية" ضمن القوات الدفاعية الجوية في مايو 2020، ومن المتوقع أن يصبح جاهزاً لإطلاق عملياته بحلول عام 2023. ستشمل هذه الوحدة 100 عضو عند الانتهاء من تجهيزها، إذ تشبه مواصفاتها "قيادة الفضاء للقوات الجوية" السابقة في الولايات المتحدة ومن المتوقع أن تتواصل مع المنظمات الفضائية الأميركية والألمانية والفرنسية.

Ad

وفق المعطيات الراهنة، ستكون مسؤوليات "سرب العمليات الفضائية" دفاعية في معظمها، بما في ذلك تعقب الأقمار الاصطناعية والمخلفات الفضائية لتجنب حوادث التصادم ومراقبة أي أقمار اصطناعية عدائية محتملة. لم تخضع اليابان لاختبار مضاد للأقمار الاصطناعية ولم تتّضح بعد طريقة التنسيق بين تطوير تكنولوجيا هجومية مضادة للأقمار الاصطناعية وإطار العمل الدستوري الياباني، لكن لا يزال إرث الحرب العالمية الثانية يلوح في أفق شرق آسيا ويصعب أن يتقبل الجميع إجراء اختبارات مضادة للأقمار الاصطناعية داخل اليابان أو خارجها. في المقابل، يسهل أن نتوقع حصول تعاون بين "سرب العمليات الفضائية" الياباني و"القوة الفضائية الأميركية" لتقاسم المسؤوليات بينهما بطرقٍ تضمن تحسين القدرات الفضائية الأميركية المضادة، حيث يتم التخطيط لتعزيز طريقة تقييم الظروف الفضائية بين "وكالة استكشاف الفضاء اليابانية" ووزارة الدفاع اليابانية والقوات الأميركية.

على صعيد آخر، كثّفت اليابان ضغوطها عبر بذل جهود مدنية لتسهيل وصولها إلى المجال الفضائي، وتماشياً مع التزام السياسة الخارجية اليابانية بنقل المجالات المشتركة مجاناً منذ وقتٍ طويل، أخذت اليابان المبادرة لتطوير تقنيات تهدف إلى "تنظيف" الفضاء من المخلفات التي ينتجها البشر، وتترافق هذه الجهود مع تعاون بين القطاعَين العام والخاص، حيث تُنسّق شركات عدة خطواتها مع "وكالة استكشاف الفضاء اليابانية" لتحديد كيفية استعمال تقنيات "التنظيف"، بدءاً من أنظمة الالتحام المغناطيسي وصولاً إلى الربط الكهرومغناطيسي والليزر.

قد يكون اتكال اليابان على الفضاء نقطة ضعف بحد ذاتها، لكنّ القاعدة التكنولوجية اليابانية المتقدمة قد تجعل هذا البلد قوة فضائية ضخمة، ويسهل أن تقرر طوكيو في مرحلة معينة استعراض قوتها الفضائية في ظل تطور الوضع الاستراتيجي في منطقة المحيطَين الهندي والهادئ، إذ يُعتبر "سرب العمليات الفضائية" أول مؤشر على هذا التوجه المرتقب.

روبرت فارلي - دبلومات