منذ أواخر فبراير 2020، والكويت تواجه عدواً شرساً فتك بالعالم، وغير من قواعد اللعبة، ورسم شكلاً جديداً في كل مناحي الحياة، وأحدث تحوّلات زلزالية في مجتمعاتنا والعالم، وخلف خسائر صحية واقتصادية واجتماعية ونفسية ووظيفية ضخمة جداً.

وعلى مدى أكثر من 14 شهراً، واجهت الكويت بكل قطاعاتها الحكومية والتطوعية والخاصة، وعلى رأسها وزارة الصحة، وتصدت بكل شجاعة وبسالة لمرض «كوفيد 19»، ووقع من أطقمها الصحية عشرات الشهداء ومئات الإصابات إلى جانب آلاف الضحايا من المواطنين والمقيمين.

Ad

وكانت الكويت سباقة في الإجراءات التي اتخذتها في مجابهة الفيروس منذ بدايته، فما قامت به الكويت من إجراءات تبعتها دول كثيرة بعضها متطور ومتقدم وبعد شهور من القيام به في الكويت، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر، قيام وزارة الصحة بتخصيص أرض المعارض بمنطقة مشرف لفحص المواطنين والمقيمين القادمين من الخارج.

وكانت الكويت من أوائل الدول في العالم التي تقوم بذلك، إلى جانب تخصيص عشرات المحاجر الصحية المؤسسية للعائدين من الخارج وبناء المستشفيات الميدانية، وكل ذلك كانت الكويت سباقة فيه، وقامت دول أخرى وبعد عدة أشهر باتباعه.

ودأبت وزارة الصحة على عقد اجتماعات دورية استباقية، حتى قبل وصول الفيروس إلى الكويت. ومع أول إصابة بالفيروس لمواطنة كويتية عائدة من إيران في تاريخ 23 فبراير 2020 بدأ العمل على كافة الصعد في التصدي للفيروس من جميع الجهات الحكومية والتطوعية والخاصة، وقامت الأجهزة الحكومية وعلى رأسها وزارة الصحة بكل الخطوات التي من شأنها مواجهة هذا الوباء منذ اليوم الأول في الكويت.

إجراءات سباقة

وكانت الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الكويت منذ بداية جائحة "كوفيد 19"، محل إشادة المنظمات الصحية الدولية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية التي أثنت على تلك الإجراءات في أكثر من مناسبة.

فقد أشادت المنظمة بالخطوات التي اتخذتها دولة الكويت منذ بداية الجائحة من طرق وإجراءات صحية لجميع المصابين. وثمنت المنظمة جهود الكويت في نشر مواد التوعية والتثقيف والمعلومات طوال مدة الجائحة، حيث أكدت المنظمة أن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الكويت في مجابهة فيروس "كورونا" جاءت وفقا للبروتوكولات العالمية والبرامج الوقائية لمنظمة الصحة العالمية.

وذكرت منظمة الصحة العالمية أن السلطات الصحية في البلاد طبقت تلك الإجراءات في ضوء تقييم علمي للمخاطر، لافتة إلى أن الكويت من الدول المهمة في الإقليم ومؤثرة في المحيط الخليجي والإقليمي والعالمي.

استباقية وشفافية في التعامل مع الفيروس
لم تدخر الكويت جهدا في حماية والحفاظ على أرواح جميع القاطنين على أراضيها من مواطنين ومقيمين.

وقامت بإجراءات مميزة في التعامل مع الوقاية والحد من انتشار ڤيروس كورونا، وكانت سباقة في هذا المجال وتميز نهجها بالجدية والشفافية والاستباقية في التعامل مع الفيروس لمنع انتشاره.

وتميزت الكويت في معركتها ضد "كوفيد 19" وباتت محل إشادة عالمية، وتفوقت على دول متطورة صحيا في التصدي للوباء منذ بدايته حتى الآن.

وكانت تجربة الكويت رائدة في التصدي للجائحة، واتخذت عددا من القرارات الجريئة التي أصبحت محل إعجاب دول غربية متقدمة. ومن بين هذه القرارات إغلاق المدارس حفاظا على صحة أبنائنا وبناتنا، إضافة إلى الاستجابة السريعة والحازمة للسلطات الصحية في التعامل مع الجائحة.

الترصد الفعال

ومنذ بداية الجائحة قامت دولة الكويت بتعزيز الترصُّد الفعَّال، وتطبيق التحرِّي عند الدخول على جميع المسافرين القادمين من البلدان الموبوءة، وتدريب العاملين الصحيين في الخطوط الأمامية، وتتبُّع المُخالطين وعزلهم في الحجر الصحي، وعزل حالات الإصابة المؤكدة وتدبيرها علاجيًا، وتوعية العامة.

كما أن وزارة الصحة وقبل إنتاج اللقاحات بشهور كانت على تواصل واطلاع دائم بشأن آخر وأحدث التجارب السريرية على اللقاحات، وقامت منذ صيف عام 2020 أي قبل إنتاج اللقاحات بنحو 6 أشهر، بالاتفاق مع الشركات الدوائية المرموقة عالميا للتوصل معها إلى اتفاق للحصول على اللقاح المضاد لمرض "كوفيد 19"، حيث كانت الكويت من أوائل الدول في العالم التي تحصل على اللقاحات المعتمدة من الجهات الدوائية والطبية العالمية وهي منظمة الصحة العالمية وهيئة الغذاء والدواء الأميركية وإدارة الدواء الأوروبية.

تقييم علمي

واتسمت الإجراءات الاحترازية التي طبقتها الكويت منذ بداية الجائحة ولايزال بعضها سارياً حتى الآن أنها اتخذت في ضوء تقييم علمي للمخاطر، وبناء على نتائج هذا التقييم قامت الكويت، منذ بداية الأزمة، بتعزيز الترصُّد الفعَّال في جميع نقاط الدخول إلى البلد والمستشفيات والمراكز الصحية، وتطبيق التحرِّي عند الدخول على جميع المسافرين القادمين من البلدان الموبوءة، وتدريب العاملين الصحيين في الخطوط الأمامية، وتتبُّع المُخالطين وعزلهم في الحجر الصحي، وعزل حالات الإصابة المؤكدة وتدبيرها علاجياً، وتوعية العامة.

وكانت صحة الإنسان وسلامته هما العنصر الأساس في جميع الإجراءات والتدابير التي اتخذتها وزارة الصحة منذ بداية الجائحة حتى الآن.

وخلال الأيام الأولى للجائحة واجهت الكويت ببراعة عددا من التحديات، فقد عملت على تبطيء انتشار الفيروس، حيث كان هذا أول التحديات التي واجهتها الكويت، وذلك عندما أطل الفيروس برأسه، حيث كانت الكويت على موعد مع إعلان أول حالة إصابة بفيروس "كورونا" يوم 23 فبراير الماضي، حيث أعلنت وزارة الصحة اكتشاف 3 إصابات بفيروس "كورونا" بين العائدين من إيران.

وعملت الكويت ممثلة بوزارة الصحة على الحد من انتشار الفيروس وذلك باتخاذ عدة إجراءات تتوافق وتعليمات منظمة الصحة العالمية، وكان من ضمن هذه الإجراءات، عقد مؤتمر صحافي يومي لإطلاع الرأي العام على مستجدات الفيروس، انطلاقا من مبدأ الشفافية، وذلك بتكليف من مجلس الوزراء، ثم فحص الوافدين القادمين من السفر منذ 27 فبراير في أرض المعارض بمنطقة مشرف، كما قامت وزارة الصحة بإطلاق إجراءات احترازية ونصائح توعوية.

وأطلقت وزارة الصحة من جهة أخرى نصائح صحية للمسافرين إلى الدول التي ظهر فيها المرض، منها تجنب مخالطة مرضى مصابين بأعراض تنفسية، وتجنب الاتصال بحيوانات "حية أو ميتة"، أو تناول المنتجات الحيوانية أو التواجد في أسواق تداول الحيوانات والمأكولات البحرية أو في الأماكن المزدحمة، والمحافظة على نظافة اليدين باستمرار، خاصة إذا اضطرت الظروف لمخالطة حيوانات أو مأكولات بحرية أو مخالطة مرضى بأعراض تنفسية، وارتداء الكمام الواقي عند الاختلاط بأشخاص يشتبه في إصابتهم بالمرض، والمحافظة على العادات الصحية التي تزيد من مناعة الجسم مثل الغذاء الصحي وممارسة الرياضة، وأخذ القسط الكافي من النوم والابتعاد عن الإجهاد، وغسل اليدين باستمرار بالماء والصابون لمدة 20 ثانية.

كما حددت وزارة الصحة عددا من الإجراءات لمكافحة "كورونا" في نقاط الدخول والمنافذ، حيث كانت تقوم بالمسح الحراري من خلال كاميرات المسح الحراري والترمومترات التي تعمل عن بعد "بالأشعة تحت الحمراء"، كما قامت بوضع كاميرات المراقبة الحرارية على بوابات وممرات دخول الركاب في المطار، وذلك لاكتشاف أي حالة من حالات ارتفاع درجة الحرارة، والتي سيتم تحويلها إلى العيادة لتوقيع الكشف الطبي عليها ليتم تحديد المرض والتعامل معه حسب الخطة.

المحاجر الصحية

كما اتخذت وزارة الصحة في بداية الجائحة من الفنادق الفخمة داخل الكويت والمنتزهات محاجر صحية للقادمين من السفر، وذلك بعدما تبين لها وبحسب توصيات منظمة الصحة العالمية أن مدة حضانة الفيروس تصل إلى 14 يوماً، وكذلك عدم وجود تحليل وقتي دقيق يكشف "كوفيد 19"، وكان فندق شاطئ الكوت ومنتزه الخيران ومنتزه الجون من أوائل المحاجر الصحية التي جهزتها وزارة الصحة بالاحتياطات والتجهيزات الطبية الكاملة، بعد ذلك تم تجهيز محاجر صحية أخرى ومستشفيات ميدانية للتصدي للفيروس ومن بينها محجر وزارة الأشغال والمستشفى الميداني في منطقة مشرف والمستشفى الميداني في منطقة المهبولة وجليب الشيوخ والمستشفى الميداني في نادي التضامن بمحافظة الفروانية.

مستشفى جابر

ووقع اختيار وزارة الصحة منذ بداية الجائحة على مستشفى جابر لاستقبال الحالات المصابة بفيروس "كورونا" ليتحول إلى خلية نحل في علاج الحالات المصابة، وكذلك مراقبة الحالات التي تحتاج إلى عناية مركزة. ونجح المستشفى وغيره من المستشفيات والمرافق الصحية في علاج عشرات آلاف الحالات المصابة.

كما كان هناك تحد آخر واجه وزارة الصحة خلال بدايات الأزمة هو منع تسلل فيروس كورونا إلى الجاليات الكبيرة العدد والتي تمثل نحو 70% من إجمالي عدد السكان، وكان هذا التحدي هو الأصعب. ومع أن وزارة الصحة اتخذت معظم الاحتياطات فإن تسلل الفيروس إلى الوافدين أصبح واقعاً معاشاً وأصبح التحدي الأكبر لوزارة الصحة هو إيقاف انتشار الفيروس بين الوافدين. وفي هذا الصدد اتخذت وزارة الصحة عدة إجراءات بعد إبلاغ مجلس الوزراء بها. وتمثلت هذه الإجراءات في عزل مناطق تحتوي على عدد كبير من الجاليات الوافدة، والتي ظهر بينها "كوفيد 19"، وكان العزل المناطقي لمنطقتي الجليب والمهبولة، مع التشديد في الإجراءات الصحية هناك، وقبل ذلك التوسع الكبير في إجراء المسحات على العمالة الوافدة في جميع مناطق الكويت والترصد الوبائي بين هذه الفئة.

إجلاء المواطنين من الخارج

وشكل إجلاء مواطنينا من الخارج تحدياً كبيراً أمام الجهات المسؤولة في البلاد والتي أخذت على عاتقها وبتوجيهات من صاحب السمو أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد طيب الله ثراه، ضرورة إجلاء المواطنين الكويتيين من الخارج.

وشكلت من أجل ذلك لجنة برئاسة وزير الخارجية الشيخ أحمد الناصر، وبدأت الكويت وعلى الرغم من كل الصعوبات والتحديات في إجلاء رعاياها من جميع الدول التي وصلها فيروس "كورونا" وبعد عدة إجراءات وتنسيقات قررت الكويت تنفيذ أكبر جسر جوي لنقل الكويتيين من الخارج بدءاً من 16 أبريل وحتى 25 أبريل 2020، وكانت خطة الإجلاء بعدما انتهت الحكومة من وضعها وقررت تنظيم 188 رحلة جوية لجلب 40485 ألف مواطن من مختلف دول العالم. أما وزارة الصحة فاستعدت بطواقمها الطبية والتمريضية لاستقبال العائدين وتوقيع وإجراء الكشوفات الطبية اللازمة لهم.

وتمت عملية الإجلاء على 5 مراحل، المرحلة الأولى من 19 حتى 21 أبريل 2020، وتضمنت الذين أتموا علاجهم ومرافقيهم، وكذلك المتواجدون بغرض السياحة أو كانوا في مهمات رسمية، أما المرحلة الثانية فكانت في 23 أبريل 2020، وتضمنت المرضى الذين يحتاجون إلى أسرة طبية، أو أجهزة دعم الحياة، فيما المرحلة الثالثة من 25 أبريل حتى الأول من مايو وشملت الطلاب والطالبات، والمرحلة الرابعة يومي 3 و4 مايو وشملت الدبلوماسيين، أما المرحلة الخامسة والأخيرة فكانت يومي 6 و7 مايو وشملت الفئات الأخرى.

وخلال عملية إجلاء المواطنين كانت وزارة الصحة جاهزة عند الوصول للتعامل مع هذه الأعداد الكبيرة من خلال فحص العائدين، وأخذ مسحة أنفية وPCR، وفحص من لديه أعراض مرضية يتم نقله إلى الحجر المؤسسي، ونقل من تظهر عينته إيجابية إلى المستشفى، أما من ليس لديه أعراض يطلب منه الالتزام بالحجر المنزلي، وفي حال ظهرت عينة إيجابية لمن هم في الحجر المنزلي يتم نقل المصاب إلى المستشفى والكشف على المخالطين.

حملة التطعيمات

وكان لإعلان شركة "فايزر بيونتيك" التوصل إلى لقاح يقي من الفيروس صدى طبي واقتصادي وعلمي كبير في جميع أنحاء العالم، ومثل هذا الإعلان بداية النهاية للقضاء على الفيروس.

وفي الكويت دشنت وزارة الصحة حملة التطعيمات ضد مرض "كوفيد 19" يوم 24 ديسمبر الماضي بلقاح "فايزر بيونتيك، وتركزت الحملة في بدايتها على تطعيم الطواقم الطبية وكبار السن، والمصابين بأمراض مزمنة، وأعقبها التوسع الكبير في جميع الشرائح والفئات، ووصل عدد المتطعمين في الكويت منذ بداية الحملة وحتى الآن إلى مليون و75 ألف متطعم بما يوازي ربع سكان الكويت.

وشهدت الأسابيع الأخيرة توسعا كبيرا في حملة التطعيمات وشملت كافة شرائح وفئات المجتمع.

وحدات متنقلة

وفي سبيل التوسع في حملة التطعيمات، قامت وزارة الصحة باستحداث 10 وحدات ميدانية متنقلة للتطعيم، في محافظات البلاد كافة.

وأنجزت هذه الوحدات والفرق المتنقلة حتى الآن تطعيم العاملين في الجمعيات التعاونية والمساجد والأسواق والبنوك والمصانع والشركات والمجمعات التجارية والأسواق الموازية وذلك لدعم حملات التطعيم في المراكز الصحية.

وتتكون الوحدة المتنقلة للتطعيم من طبيب و10 ممرضات، بالإضافة إلى مسعف ونظم معلومات.

إجراءات «الصحة» لمنع انتشار الفيروس

• عدم السماح باستقبال أكثر من 5 عملاء داخل المطاعم أو المقاهي بوقت واحد.

• إغلاق الصالونات النسائية والرجالية.

• الالتزام بترك مسافة لا تقل عن متر بين كل شخص وآخر في أماكن التجمعات.

• إغلاق مراكز وصالات الترفيه والتسلية للعب الأطفال.

• إغلاق المجمعات التجارية ومراكز التسوق والمولات والأسواق العامة باستثناء منافذ التسويق المركزية الخاصة بالمواد التموينية الغذائية.

• إغلاق صالات الأعراس بهدف منع التجمعات ودعوة المواطنين إلى عدم نقل الأفراح والتجمعات إلى البيوت.

• قرار الحظر الجزئي على البلاد من الساعة 5 مساء حتى 4 فجرا، وذلك في إطار تشديد الإجراءات لمواجهة تفشي الوباء، ثم ارتأت الوزارة بعد ذلك تمديد فترة الحظر الجزئي ليبدأ من الساعة الخامسة مساء حتى السادسة صباحاً مع فرض حظر مناطقي على منطقتي الجليب والمهبولة.

عادل سامي