كل المعلومات الواردة ضمن هذه المقالة مستقاة من الصحف المحلية التي حصلت عليها من مصادر رسمية موثوقة، ولهذا أتساءل: كيف يأمن الواحد منا على حياته في "بلد الأمن والأمان"، ومن حوله يحوم عشرات الآلاف من الأفراد الذين يشكلون مصدر خطر لأي مواطن أو مقيم في أي لحظة؟ فعدد الذين يحملون إجازات قيادة مزورة في الكويت يقدر بما يزيد على الثلاثين ألف إجازة أصحابها لا يستحقون الجلوس وراء مقود السيارة، وإذا كان هذا الرقم صحيحاً بنسبة 90% فهذا يعني أنك حتى لو كنت من أمهر قائدي المركبات فإنك لا تستطيع أن تؤمن لنفسك ملاذاً آمناً وحماية من أناس يحومون حولك بسيارات لا يعرفون كيف يقودونها بطريقة سليمة وآمنة.

أحد استشاريي الطب النفسي في مركز الكويت للصحة النفسية يقول إن ما يقرب من 20% من سكان الكويت (مواطنين ومقيمين) يعانون مرض القلق والاكتئاب والوسواس، وهذه النسبة تعني أن أكثر من نصف مليون مواطن ومقيم يعانون أمراضا نفسية تتطلب تعاطي أدوية للخلاص منها، وللعلم فإن بعض هذه الأدوية قد تودي إلى الانتحار، ومن بين هؤلاء، هناك 37 ألف مراجع للطب النفسي من فئة الوافدين، ولا أتحدث عن الوافدين الذين يمتنعون عن مراجعة الطب النفسي خوفاً من الإبعاد والترحيل إلى بلدانهم، ولا أتحدث كذلك عن المرضى النفسيين من الكويتيين، وتخيل نفسك وأنت تقود سيارتك على طرقات الكويت وأنت محاط بهذا الكم من المرضى النفسيين الذين قد يعتدون عليك إما بالسباب أو الضرب أو الاصطدام بسيارتك، دون أن تسترد حقوقك، لأن بعضهم يحمل تصريح عدم التعرض! ألا يشكل هذا الوضع المأساوي تهديداً مباشراً على سلامة وأمن المواطنين والوافدين ومؤسسات المجتمع؟

Ad

نقرأ في الصحف المحلية أخباراً وتحقيقات صحافية تتعلق بعدد الأحكام القضائية المتأخر تنفيذها والتي تقدر بعشرات الآلاف إن لم تكن بمئات الآلاف من مختلف الجرائم، فتشعرك وكأنك تسير وسط حي هارلم بمدينة نيويورك الأميركية، أو "داون تاون" مدينة شيكاغو الأميركية عند منتصف الليل، ولهذا فإنك في الشوارع الكويتية قد تسير واضعاً يدك على قلبك المتسارع في نبضاته خوفا من موت مؤكد، لأن من حولك مزورون لإجازات قيادة السيارة، ومخالفون للأنظمة المرورية، ومرضى الطب النفسي، ومطلوبون على ذمة قضايا قد تكون سرقة أو اغتصابا أو اختلاسا، وغيرهم من المجرمين المحكومين بشتى الأحكام القضائية.

وكثيراً ما نقرأ ونسمع ونشاهد أحياناً عدم احترام واضح للقوانين من قبل أناس أنيط بهم مسؤولية الأمن وحماية المواطنين والمقيمين، وما حادثة منطقة البنيدر الأخيرة إلا مثال فاضح للاستهتار بقوانين البلد، فكيف نقنع أنفسنا بأننا في ديرة الأمن والأمان، دون مراجعة جدية لكيفية تطبيق القوانين بحزم بعيداً عن تأثيرات المتنفذين والمصالح الخاصة؟ هذا إذا كنا بالفعل جادين في حماية الأمن الداخلي.

يوسف عبدالكريم الزنكوي