"الزبى" جمع زبية، وهي الرابية، أي المكان المرتفع عن الأرض، واعتاد صائدو الأسود أن يحفروا حفراً في تلك القمم لصيد الأسود، ظنا منهم أن السيول لا تصل إليها وتدمرها، وإذا وصلت إليها السيول فهذا يعني أن الأمطار شديدة فيجب أخذ الحذر، ويقال هذا المثل عندما تشتد الأمور خطورة وسوءاً، ويصبح السكوت عليها يمثل خطراً، أي يجب معالجتها.

وهذا يشبه الأوضاع عندنا، فقد بلغ السيل عندنا الزبى وطفح الكيل، فأصبحنا في كل جلسة لمجلس الأمة نشهد مشادات بين الأعضاء وتبادل للشتائم وبألفاظ نابية، وأصبحنا نرى مشاهد لم نألفها سابقا، فنرى نائبا يحمل مكبراً للصوت يدخل به المجلس ويتحدث بأعلى صوته ليحدث نوعا من الفوضى، ونائبا آخر يحمل دكتوراه في القانون يجلس مع خمسة من النواب على طاولاتهم يطبّلون لإحداث فوضى في قاعة المجلس، ما هذا الانحدار السياسي والانحطاط الأخلاقي الذي أوصلتمونا إليه أيها النواب؟ ماذا عساكم فاعلون بعد كل ذلك؟ لقد آذيتم الآباء والأجداد في قبورهم وهم يرون نظامهم الديمقراطي الذي حرصوا كل الحرص على المحافظة عليه، بأن يأتي جيل من بعدهم يدمر هذا النظام.

Ad

يأمل أولئك الأعضاء من وراء إحداث تلك الفوضى أن تفقد الحكومة أو العقلاء في المجلس أعصابهم، فيردون على تلك الإساءات بمثلها، وعندئذ يمكن استغلالها لتشويه صورة الحكومة وسمعتها والتنديد بها، فقابلت الحكومة كل هذا ببرودة أعصاب فازدادوا غيظاً وهماً، فكما يقول الشاعر:

اصبِرْ على حسدِ العدوَِ

فإن صبرَك قاتلُـهْ

فالنارُ تأكلُ نفسَها

إن لم تجدْ ما تأكلُهْ

من الممكن أن تقول لهؤلاء موتوا بغيظكم فلن تنالوا شيئا، ستنتصر عليكم الدولة بمشيئة الله، فالكويت أكبر منكم ومن خداعكم وأضاليلكم، ومن هذه الأضاليل ادعاء أحدهم أنه سيجري استفتاء على الإنترنت سيسأل 100 ألف مواطن عن رأيه في الحكومة، وطبعا ستأتي النتائج حسب أهوائه، خصوصاً أنه لا يوجد رقابة على استفتائه المزعوم، ثم يدعي أن 100 ألفاً من المواطنين يؤيدون اتجاهاته، التي كما يصورها في مقالاته والتي يزعم فيها أن الحكومة صعيفة وضائعة، وهو وجماعته وحدهم القادرون على الإصلاح.

تتعرض دولتنا الحبيبة لهجمة شرسة، تقودها جماعة شريرة خبيثة تدربت على هدم الدول والمجتمعات، فأملنا كبير أن تقوم الحكومة بلجم تلك الجماعة وتحطيمها، قبل أن تهدم دولتنا، وإننا لعلى يقين بقدرة الحكومة على تحطيم تلك الجماعة، فالحكومة عارفة بأسرارها وخباياها ونقاط ضعفها وقوتها، بل إن الحكومة هي التي أمدتها بنقاط القوة وأسرفت في ذلك حتى تحولت تلك الجماعة إلى غول يريد ابتلاع الدولة.

د. عبد المحسن حمادة