حفِلَ إعلام القدماء بأطنانٍ من المجلدات الممتلئة بحكاياتٍ وأقاصيص، لعب فيه خيال الإعلام في عصوره المختلفة... وهناك في هذا الزمن، ممن يلغون عقولهم بتصديق ما يرد فيها، بل ويتحمسون لها كتراث مُقدس... كهذه الحكاية، على سبيل المثال.

***

Ad

• خرج الحجاج ذات يوم للصيد فرأى صبياً صغيراً في التاسعة من العمر، فقال له:

- ماذا تفعل هنا أيها الغلام؟

فرفع الصبي طرفه إليه وقال:

- يا حامل الأخبار، لقد نظرت إلي بعين الاحتقار، وكلمتني بالافتخار، فكلامك لي كلام جبار.

- أما عرفتني؟

- عرفتك بسواد وجهك، لأنك أتيت بالكلام قبل السلام.

- ويحك... أنا الحجاج.

- لا قرب الله دارك، ولا مزارك، فما أكثر كلامك، وأقل إكرامك.

***

• وحُمل الصبي للقصر... فسأله الحجاج:

- هل حفظت القرآن؟

- هل القرآن هارب مني حتى أحفظه؟

- هل جمعت القرآن؟

- وهل هو مُتفرق حتى أجمعه؟ ينبغي عليك القول: هل قرأت القرآن؟

- إذن... خبرني عمن خُلق من الهواء؟ ومن حُفظ من الهواء؟ ومن هلك بالهواء؟

- خُلق من الهواء سيدنا عيسى، حُفظ بالهواء سيدنا سليمان، والذي هلك بالهواء قوم هود.

- خبرني عمن خُلق من الخشب؟ والذي حُفظ بالخشب؟ والذي هلك بالخشب؟

- خُلقت من الخشب عصا سيدنا موسى، وحُفظ بالخشب سيدنا نوح، والذي هلك بالخشب سيدنا زكريا.

- خبرني عمن خُلق من ماء؟ ونجا بالماء؟ ومن هلك بالماء؟

- خُلق من ماء أبونا آدم، والذي نجا بالماء سيدنا موسى، والذي هلك بالماء فرعون.

***

وتستمر سلسلة تساؤلات الحجاج، وردود الصبي عليها لتشتمل على: العقل، والإيمان، والحياء، والسخاء

والشجاعة، والشهوة، والفضيلة... والصبي يجيب عليها بردودٍ فلسفية، ومنطقية، مقنعة... فيكرمه الحجاج، لذكائه، وفهمه، ومعرفته.

***

بالله عليكم، أليس مثل هذه الحكايات، هي أقرب ما تكون إلى أفلام الكارتون في زمننا الحاضر؟

ففي العصور الغابرة كانت مثل هذه الأساطير الخرافية، يضحكون بها على الذقون.

بينما هناك من هُم في هذا العصر، من يرى عدم التصديق بها كُفرًا وزندقة!!

د. نجم عبدالكريم