تضع معظم حكومات الدول المتقدمة نصب عينيها رعاية المشاريع الصغيرة والمتوسطة لما لها من أثر في دعم الإنتاج والاقتصاد، وذلك من خلال النظر إليها كأحد روافد التنمية الاقتصادية المستدامة، حيث أدركت حكومة دولة الكويت هذا المفهوم فأنشأت صندوقا خاصا للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، إلا أن غياب الرؤية والتوجيه كانا أحد أهم الأسباب التي أدت إلى تعثره، ناهيك عما تسببت فيه ظروف الحظر الكلي والجزئي لجائحة كورونا من خسائر مباشرة، أتت على معظم رؤوس الأموال المستثمرة في هذا القطاع.

تحريك عجلة قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة يحتاج إلى وضوح وبيان لرؤية الدولة، وإلى تحديد الدور المنوط به، وإلى فتح آفاق جديدة للمبادرين تمكنهم من النمو والمنافسة والصمود وإتاحة المجال لهم في الدخول في الشراكات الجزئية للمناقصات التي تكون الحكومة طرفاً فيها.

Ad

تمكين أصحاب المشاريع، كما ذكرت، يتطلب رعاية ودعما خاصا من الدولة كتخصيص منطقة استثمارية متكاملة الخدمات تقوم بإنشائها وتكون مملوكة لها، ومن ثم تعرضها بأسعار إيجارية عادلة لهم بدلاً من تركهم لجشع المستثمرين، وبذلك يتحقق الحد الأدنى من الدعم.

كل الدول التي تشهد نموا في اقتصادها أولت المشاريع الصغيرة والمتوسطة جل اهتمامها، فها هي دولة اليابان وبالرغم من افتقارها للموارد الطبيعية فإنها عرفت كيف تستثمر في الإنسان، وعرفت كيف توجه محركات مخرجات التعليم نحو هويتها الاقتصادية، بحيث أصبح المواطن الياباني ركناً من أركان الاقتصاد وشريكاً فيه.

قد لا يستقيم مفهوم دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة بعيدا عن التعليم، وعليه لا بد من تغيير فلسفة التعليم في دولة الكويت التي تعاني من الرتابة والتكرار لمعظم مخرجات مؤسسات التعليم العالي، حيث أسهمت تلك المخرجات خلال السنوات الماضية في تكدس القطاع الحكومي بالوظائف ذاتها دون أن تضع في اعتبارها خلال سنوات قليلة لن يكون بمقدور خريجيها الحصول على وظيفة حقيقية، ولن يكون بمقدور القطاع الحكومي احتواؤهم أو الوفاء برواتبهم ما لم تتبنَّ سياسة مغايرة تسمح بمواكبة احتياجات سوق العمل الآنية والمستقبلية في القطاع الخاص وقطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة تحديدا.

ما يعانيه الاقتصاد الكويتي من تحديات مستقبلية لم يعد من نسج الخيال، فالعالم سيتحول خلال سنوات قليلة وسيعزف عن استخدام الطاقة النفطية بعد إعلان كبرى الشركات المنتجة لصناعة السيارات عن تحويل خط إنتاجها إلى الطاقة الكهربائية.

القرارات التي ستتخذها الحكومة لدعم المشاريع الصغيرة فقدت صفة الاستباق إلى صفة العلاج، لكنها ورغم ذلك تظل ضرورية لتدارك ما يمكن تداركه.

نقطة أخيرة:

لقد استطاع قطاع المطاعم والمقاهي في دولة الكويت أن يكون ضمن أحد أهم محركات السياحة في دولة الكويت قبل جائحة كورونا، لكنه عانى كثيرا بسبب إجراءات الحظر، حيث وصلت الحال بالكثير من أصحاب تلك المشاريع إلى إعلان إفلاسهم، لذلك على الحكومة والمجلس إيجاد حلول جذرية لإنعاش هذا القطاع الحيوي من خلال الاستماع لمعاناتهم ومشاركتهم في وضع الحلول.

ودمتم سالمين.

أ. د. فيصل الشريفي