في زيارته الأخيرة لطهران قبل أيام، وجد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نفسه أمام جدار من الصد الإيراني، وتلقى، حسبما كشف مصدر رفيع في الحكومة الإيرانية لـ «الجريدة»، سيلاً من الانتقادات اللاذعة والقاسية من عدد كبير من المسؤولين الإيرانيين، منهم أولئك المحسوبون على «خط موسكو» في طهران.

والسبب، حسب المصدر وهو عضو في المجلس الأعلى للأمن القومي، ليس فقط أن لافروف اختار زيارة الرياض وأبوظبي قبل طهران، وليس التباينات القديمة الجديدة بين البلدين حول ملف سورية، بل هو بشكل أساسي الملف اللبناني، إذ تزايدت الحركة الروسية بشأنه بشكل ملحوظ في الشهور الأخيرة، وهو ما تجلى أخيراً في زيارة رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري لموسكو التي ستستقبل في الأيام القادمة مسؤولين وسياسيين لبنانيين من مختلف المشارب.

Ad

وقال المصدر إن التوتر حول لبنان تصاعد بعد زيارة وفد من «حزب الله» برئاسة رئيس الكتلة النيابية التابعة للحزب محمد رعد للعاصمة الروسية. ورغم أن موسكو جددت للوفد موافقتها على استمرار الوجود العسكري للحزب في سورية، وما يعطيه ذلك من دور سياسي في دمشق، فإنها ربطت ذلك بشرطين: أولهما، تنسيق جميع تحركاته في سورية مع موسكو مباشرة بدل خط التنسيق الحالي الذي يمر بطهران، إذ إن الحزب الآن يتصل بالإيرانيين الذين ينسقون عنه مع الروس.

وتريد موسكو من هذا الأمر محاولة إبعاد سورية التي تستعد للدخول في انتخابات رئاسية عن حسابات المفاوضات النووية الإيرانية، وكذلك تأمين الحد الأدنى من المطالب العربية لإعادة دمشق إلى الجامعة العربية وتطبيع العلاقات معها وأبرزها تقليص النفوذ الإيراني المباشر.

أما الشرط الثاني وهو الأهم، فقال المصدر، إن الروس طلبوا من «حزب الله» لعب دور ملموس في فتح الطريق أمام الشركات الروسية لحيازة حصة في عمليات التنقيب عن الغاز على الشواطئ اللبنانية، موضحاً أن طهران كانت اتفقت مع الصين لإنشاء شركات نفطية وغازية لبنانية ـــ صينية ـــ إيرانية مشتركة، بدعم من «حزب الله»، وأن وزير النفط السابق المكلف أنشطة الالتفاف على العقوبات النفطية في «الحرس الثوري» زار أخيراً سورية ولبنان للعمل على تسريع إطلاق هذه الشركات وقد نجا من محاولة اغتيال تسربت أخبارها إلى الإعلام لكن من دون تفاصيل حول هوية الطرف المنفذ.

ويرى الإيرانيون أن موسكو لا تنظر إلى التطلعات الإيرانية ـــ الصينية للدخول إلى ملف التنقيب عن النفط والغاز في البحر الأبيض المتوسط لأن هذا قد يتناقض مع مشاريعها الأوروبية، ولذلك عارضت على الدوام إعادة فتح أنبوب نفط العراق إلى سورية ولبنان.

وتلعب روسيا دوراً متزايداً على السواحل اللبنانية، وقد فازت بعقد لتطوير منشآت النفط في مدينة طرابلس الشمالية واستغلالها لمدة 20 عاماً، كما أنها قد تتوسط بين دمشق وبيروت بعد أن أظهر عقد للتنقيب وقعه السوريون مع شركة روسية تداخلاً في المياه الإقليمية بين البلدين.

وذكر المصدر أن موسكو طلبت من «حزب الله» اتخاذ قرار حاسم وتوضيح موقفه بشأن هذين الشرطين أو الخروج من سورية، الأمر الذي اعتبرته إيران تجاوزاً وتدخلاً في أنشطتها الإقليمية، ويعني أن موسكو تحاول إبعاد حلفائها في لبنان وسورية عنها.

وأوضح أن لافروف سمع لائحة طويلة من الاتهامات الإيرانية لبلاده، ومنها محاولة موسكو الاستئثار بكل شيء في سورية من الاقتصاد إلى السياسة، وحذف الدور الإيراني تماماً، وكذلك تنسيقها مع تركيا حصراً في الشأن السوري، إلى جانب تجاهل طهران في مؤتمري موسكو وإسطنبول بخصوص أفغانستان.

طهران - فرزاد قاسمي