تفاعلت "الهفوة" الدبلوماسية، التي تعرّضت لها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين في أنقرة، يوم الثلاثاء الماضي، خلال استقبالها مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، من قبل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وأثارت الحادثة التي تُركت خلالها فون ديرلاين بلا مقعد بينما جلس زميلها البلجيكي إلى جانب إردوغان، وكانت ضحيتها أول امرأة تتولى أحد أرفع منصبين في الاتحاد الأوروبي، غضب العديد من المسؤولين والسياسيين الأوروبيين، الذين ربط بعضهم خصوصاً النساء، بينها وبين خروج تركيا قبل أيام من اتفاقية اسطنبول الاوروبية بخصوص العنف ضد المرأة.

Ad

وقالت رئيسة الكتلة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي، إيراتكس غارسيا بيريز، في تغريدة على "تويتر": "بداية ينسحبون من اتفاقية إسطنبول، والآن يتركون رئيسة المفوضية الأوروبية من دون مقعد في زيارة رسمية. إنه أمر مخزٍ".

ورأت العضوة في البرلمان الأوروبي، صوفي إن فيلد، أن الحادث لم يكن مصادفة.

ولم يسلم ميشال من الانتقاد، إذ تساءلت عضوة البرلمان الأوروبي الليبرالية الهولندية إن-فيلد عن سبب التزام رئيس المجلس بـ "الصمت"، بينما كانت زميلته بلا مقعد.

من ناحيتها، قالت رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو المرشحة اليسارية المحتملة للرئاسة "إنه مشهد صادم، لم يكن يفترض برئيسة المفوضية البقاء في هذا الوضع"، مضيفت: "هناك نوع من الإذلال، ونرى في ذلك أيضاً صلة مع خروج تركيا مؤخرا من معاهدة حقوق المرأة".

وذكرت رئيسة كتلة نواب الحزب الاشتراكي في الجمعية الوطنية الفرنسية فاليري رابو، أن "الإذلال الذي تعرضت له فون دير لايين غير مقبول بتاتا". وأوضحت أنه "اذا أرادت أوروبا أن تتمتع بمصداقية عليها أن تفرض نفسها أيضا كقوة عظمى وأن تؤكد قيمها. طالما لم تفعل ذلك سنجد صعوبة في اكتساب مصداقية حقيقية دبلوماسيا".

وكتب كزافييه برتران اليميني المرشح للانتخابات الرئاسية على "تويتر" أمس، "مشاهد فاضحة في أنقرة. لسوء الحظ لم يقابل الازدراء لتمثيل أوروبا بالموقف المحترم الوحيد من الجانب الأوروبي والذي كان يقتصر على مغادرة المكان".

وأعلن كليمان بون وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية "إنها صور مؤلمة! أرفض فكرة أوروبا ساذجة وضعيفة". وفي تلميح إلى أن الحادث قد يكون مقصوداً، قال بون: "الرئيس التركي يعرف قوة الصور وقيمة الرمز. وعلينا أن نكون أقوى وأكثر حزما في هذا الخصوص".

وقال الرجل الثاني في "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، جوردان باريلا: "قارتنا ممسحة له. إردوغان يستفز ويهدد لأنه يعرف سذاجة وعجز وضعف القادة الأوروبيين".

ورغم أن المجلس الأوروبي أكد أنّ لرئيسه الأسبقية على مستوى البروتوكول الدولي على رئيسة المفوضية، شدد المتحدث باسمها إريك مامر على أن "رئيسي المؤسستين (الأوروبيتين) لهما رتبة البروتوكول نفسها".

وأضاف مامر: "فوجئت الرئيسة فون ديرلاين، وقررت التغاضي وإعطاء الأولوية للجوهر، لكنّ هذا لا يعني أنها لا تولي أهمية للحادثة". وتابع: "تتوقع السيّدة فون ديرلاين أن تعامل وفقا لقواعد البروتوكول، وطلبت من مكتبها ضمان عدم تكرار هذا النوع من الحوادث في المستقبل".

من ناحيته قال الألماني، مانفريد ويبير، رئيس كتلة «الحزب الشعبي الأوروبي» اليميني المؤيد لاوروبا، إن «لقاء أنقرة كان يفترض أن يوجه رسالة حزم ووحدة المقاربة الأوروبية حيال تركيا، لكن للأسف أظهر رمز شقاق، لم يعرف الرئيسان كيف يقفان جبهة موحدة حين كان يلزم الأمر. ننتظر المزيد من السياسة الخارجية لأوروبا»، مطالباً بعقد نقاش في جلسة عامة.

من جهتها، طلبت رئيسة كتلة الاشتراكيين والديمقراطيين، الإسبانية ايراتشي غارسيا بيريز، جلسة استماع لرئيسي المفوضية والمجلس «لتوضيح ما حصل ومعرفة كيفية فرض احترام المؤسسات الأوروبية».

في المقابل، نددت تركيا أمس بـ "الاتهامات الجائرة".

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية أحمد الناصر في أنقرة أمس، انه جرى تنفيذ بروتوكول الجلوس المعتمد من الاتحاد الأوروبي.

وأوضح أنه "تم تحديد ترتيب الجلوس بما يتماشى مع الاقتراحات المقدمة من طرف الاتحاد الأوروبي. نقطة انتهى".

وزاد: "لو لم تكن هناك اتهامات موجهة ضد تركيا لما كنا سنعلن الأمر بهذا الوضوح".

وبيّن جاويش أوغلو أن هناك من يحمل تركيا المسؤولية في هذا الصدد، وأنه لا يريد الخوض في الإجراءات الداخلية للاتحاد الأوروبي.

وكانت الكاميرات وثّقت لحظة دخول المشاركين الثلاثة في هذا الاجتماع إلى غرفة تحتوي على كرسيين فقط، جلس عليهما إردوغان وميشال. وما كان على رئيسة المفوضية الأوروبية، إلا أن تجلس على أريكة مقابل وزير الخارجية التركي، الذي يحتل مرتبة أقل، وفقا للبروتوكول الدبلوماسي. ويخصص هذا المكان في العادة للمترجمين وغيرهم من المشاركين في الاجتماعات.