في سباق مع الزمن، دخلت وزارتا «التربية» و«الصحة» في معركة التصدي لوباء «كورونا» على جبهة الطلاب والمعلمين والإداريين بالمدارس، إذ لم يتبق سوى 5 أشهر على عودة الدراسة، ويجب خلال هذه الفترة توفير 40 شرطا وبندا للتأكد من حماية العاملين في المدارس من خطر انتقال العدوى لهم أو لأهاليهم.

هل العودة محفوفة بالمخاطر أم أنها في ظل الاستعدادات والالتزام بالاشتراطات الصحية ستبقى آمنة، لاسيما أنه لا مفر من عودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة خلال الفترة المقبلة؟ وعلى الرغم من أهمية التعليم عن بعد والذي كان المنقذ للطلبة من توقف تعليمهم على مدى عام ونصف العام بسبب الجائحة، فإن التعليم التقليدي يعد السند الحقيقي للطلبة والأفضل من جهة التحصيل العلمي، لأهمية وجود تفاعل بين الطالب والمعلم الذي له دور كبير في صقل شخصية الطالب وتطوير قدراته ومعارفه.

Ad

«الجريدة» استطلعت آراء قياديي «التربية» بشأن استعداداتهم لفتح أبواب المدارس للطلبة، وكذلك المواطنين والمقيمين حول مدى تقبلهم لفكرة ذهاب أبنائهم إلى مدارسهم مطلع العام الدراسي المقبل 2022-2021، ومدى ثقتهم بإمكانية وقدرات الوزارة على تحقيق الاشتراطات التي قامت باتخاذها وتجهيزها لصحة أبنائهم، حيث أكد عدد كبير من أولياء الأمور أهمية العودة الى مقاعد الدراسة لضمان تلقي أبنائهم تعليما جيدا وتقليل الفاقد التعليمي لديهم... وفيما يلي التفاصيل:

قال المدير العام لمنطقة الفروانية التعليمية منصور الظفيري إن الوزارة اصدرت تعليماتها بالبدء في التجهيزات والاجراءات اللازمة لعودة الطلبة إلى مقاعدهم الدراسية، بعد موافقة مجلس الوزراء والسلطات الصحية في البلاد، لافتا إلى أن "تعليمية الفروانية" بدأت ومنذ تلقيها التعليمات من قياديي الوزارة اتخاذ الاجراءات الكفيلة بتجهيز المدارس والتنسيق مع وزارة الصحة لتوفير الاشتراطات الصحية اللازمة من خلال الفرق واللجنة المشتركة مع "الصحة".

وأضاف الظفيري أن "التربية"، وإن كانت قد طبقت نظام التعليم عن بعد لمساعدة الطلبة ومنع توقف التعليم، والذي أثبت نجاحه كنظام تعليمي بديل للتعليم التقليدي، إلا أن التعليم التقليدي يظل هو الأفضل من جهة التحصيل العلمي لأهمية وجود تفاعل بين الطالب والمعلم الذي له دور كبير في صقل شخصية الطالب وتطوير قدراته ومعارفه، ولأن الجائحة استمرت لأكثر من عام ونصف، ولكون الوزارة لمست فاقدا تعليميا لدى الطلبة فإن عودة الدراسة التقليدية باتت أمرا ضروريا.

وأشار إلى أن أكثر الطلاب تأثرا بإغلاق المدارس نتيجة جائحة "كورونا" هم طلاب المرحلة الابتدائية وخاصة الصفوف الثلاثة الأولى، لكونهم في مرحلة تأسيس تتطلب وجودهم في المدرسة وتلقي تعليم تفاعلي يساهم في تعزيز مهاراتهم في القراءة والكتابة.

وأوضح أن التعاون والتنسيق مع وزارة الصحة قائم منذ بداية أزمة كورونا، و"الصحة" بدأت فعليا عمل ورش تدريبية توعوية للعاملين في المناطق التعليمية والمدارس على كيفية التعامل مع الطلبة وتطبيق الاشتراطات الصحية، لافتا إلى وجود أكثر من 40 بندا تعمل "التربية" و"الصحة" على ضمان توفيرها للتأكد من حماية الطلبة والعاملين بالمدارس من خطر انتقال العدوى لهم أو لأهاليهم.

فرق فرعية

من جانبه، ذكر المدير العام لمنطقة مبارك الكبير التعليمية بالانابة محمد العجمي أن الوزارة أوعزت للمناطق التعليمية للبدء والاستعداد لعودة الدراسة التقليدية في سبتمبر، وفق ضوابط واشتراطات صحية ضرورية يتم توفيرها والتأكد من تطبيقها بشكل صارم مع انطلاقة الدوام، مضيفا ان الوزارة تعمل بالتعاون مع "الصحة"، حيث تم تشكيل فرق فرعية مشتركة بين "الصحة" و"التربية" في كل منطقة تعليمية، للعمل على وضع الضوابط والتدريب على تنفيذها في المدارس.

وأشار العجمي إلى أن إدارة منطقة مبارك الكبير التعليمية تعمل كفريق عمل واحد من أجل تنظيم عملية تجهيز المدارس والتأكد من سلامتها وتوفر متطلبات عودة الدراسة فيها، مبينا أن العمل بدأ منذ اليوم الأول لاعلان مجلس الوزراء قرار عودة الدراسة التقليدية.

الجوانب النفسية والاجتماعية

من جهته، أكد المدير العام لمنطقة الجهراء التعليمية بالانابة حمد السعيد أن العودة إلى المدارس أمر لا مفر منه، مع أهمية التأكيد على مراعاة الجوانب النفسية والاجتماعية التي تسببت فيها الجائحة والاغلاق، لافتا إلى أن عودة الحياة إلى طبيعتها مرتبطة بعودة الدراسة.

وأضاف السعيد أن "الوزارة لجأت إلى التعليم عن بعد في مرحلة بداية أزمة كورونا لأننا كنا في مفترق طرق، إما توقف التعليم أو استمراره بأي وسيلة، وكان التعليم عن بعد هو الوسيلة الوحيدة التي سعينا إلى تطويرها وتحقيق أكبر استفادة منها، لكننا نؤمن بأنه لا غنى عن التعليم التقليدي"، مؤكدا أنه عند عودة المدارس في سبتمبر سيتم تطبيق عدة اشتراطات، منها إلغاء طابور الصباح والفرص ومنع تشغيل المقصف وغيرها من الامور الضرورية لتجنب العدوى، إضافة إلى الأخذ بعين الاعتبار الطلبة ذوي الحالات المرضية الخاصة وكيفية التعامل معهم.

وأفاد بأن الطلبة وخاصة في الصفوف الابتدائية بحاجة ماسة إلى برامج تأهيل وعلاج للمهارات الاساسية التي افتقدوها خلال السنة والنصف الماضية، مشيرا الى أهمية تعزيز هؤلاء الطلبة في المواد الأساسية على الأقل من خلال حضور يومي أو جزئي للمدارس ويترك التعليم "أونلاين" لبقية المواد وحل الواجبات.

وشدد على "أهمية الاخذ بالحسبان عمل برامج تأهيل وتدريب للمعلمين الجدد الذين تم تعيينهم في الفترة الاخيرة، والذين لم يمارسوا التعليم التقليدي وانخرطوا في التعليم عن بعد منذ بداية تعيينهم، فهم بحاجة إلى برامج تأهيل وتدريب متخصصة، سنعمل على توفيرها قبل بدء الدوام واثنائه".

وأكد ضرورة اعادة النظر في قرارات الاعفاء الخاصة بالمعلمين والعاملين بالمدارس، لاسيما مع قرب عودة الدوام المدرسي، حيث إن نسبة الاعفاءات كبيرة، واذا تم تشغيل المدارس فإنه يتطلب تقليل نسبة الحاصلين على اعفاء للحاجة الماسة لهم، لافتا إلى أن قرار عودة الدراسة بحاجة لأن يدرس من جميع الجوانب التعليمية والتربوية والنفسية والمجتمعية.

مقاعد الطلاب

ومن جانب أولياء الأمور، قالت ماجدة سليم إنها من المؤيدين لعودة الطلاب الى مقاعد الدراسة في سبتمبر المقبل، لافتة إلى أنها تدعم الاجراءات التي اتخذتها التربية وتؤيدها كونها قادرة على توفير الاجهزة والمواد اللازمة لتطبيق الاشتراطات الصحية، "لكنني لا اثق بالتزام بعض المدارس بهذه الاجراءات".

من جهته، أكد ولي الامر محمد عبدالعزيز أن المهم هو الالتزام بما قررته وزارة التربية من قرارات، وحرصها على تنفيذ جميع الاشتراطات والمعايير الطبية، مؤكدا "أهمية عودة الطلبة الى مقاعد الدراسة، مع مراعاة التعليمات التي يجب الالتزام بها لصحة وسلامة ابنائنا والجميع".

وأضاف عبدالعزيز أن العودة لمقاعد الدراسة أمر مهم ومطلوب بعد غياب دام أكثر من عام ونصف، مضيفا: "طالما الضوابط والإجراءات اللازمة موجودة فعودة ابنائنا للمدارس بلا شك آمنة، خاصة مع التزامهم بالاشتراطات واللوائح الصحية، وكلي ثقة بقدرات وزارة التربية على تحقيق الاشترطات".

مقاعد الدراسة أفضل

أما وليد محمد فأكد ان العودة لمقاعد الدراسة ستظهر تفاوتا كبيرا بين مستويات الطلبة، وخاصة أن وجود التفاعل والمساعدة المباشرة مع المعلم تساهم بشكل كبير في استيعاب ابنائنا الطلبة للدروس التي تشرح لهم، لذلك الجلوس على مقعد الدراسة امام المعلم أهم وأفضل بكثير من التلقين عن طريق "الاونلاين".

وذكر أنه يثق بالإجراءات التي ستوفرها وزارة التربية خلال سبتمبر المقبل، الى جانب الشروط التي وضعتها كونها قادرة على تأمين متطلبات العملية التعليمية، مشددا على أنه من المهم العودة الى مقاعد الدراسة، وعدم تأخر هذا الاجراء.

بدورها، قالت ولية الأمر آية يوسف إن عودة الطلبة الى المدارس أمر مهم جدا، بعد ان اصبح التعليم عن بعد بديلا بسبب ازمة فيروس كورونا، معربة عن أملها أن تتكلل مراحل العودة بالنجاح خاصة مع التزام المعلمين والطلبة بالاحترازات والاشتراطات الوقائية، واصفة قرار "التربية" بعودة الطلبة لمقاعد الدراسة في سبتمبر المقبل بـ"الخطوة الممتازة، وكلي ثقة بالإجراءات الوقائية".

الجهل أشد فتكاً

من جانبها، أيدت سهيلة العطية قرار العودة الى المدارس قائلة: "أؤيد قرار وزارة التربية بدء العودة الى مقاعد الدراسة في سبتمبر المقبل، وفقا للاشتراطات الاحترازية والصحية، خاصة ان تأثير الجهل اشد فتكا من المرض".

وأضافت العطية ان الجلوس امام المعلم يساهم بشكل كبير في تلقي المعلومة بشكل افضل، "وأعتقد أن وزارة التربية ستجتهد في توفير البيئة الصحية المناسبة، لكن يجب على أولياء الأمور أيضا تنبيه أبنائهم بالالتزام والتقيد بالتعليمات العامة من وزارتي الصحة والاعلام والمساهمة في التنظيم الإداري مع المدرسة ومجلس الآباء"، متمنية ان يزول هذا الوباء بالقريب العاجل.

يوسف الخضر: نثق بقدرات «التربية» على تحقيق الاشتراطات الصحية

أعرب ولي الأمر يوسف الخضر عن تأييده وبشدة عودة الطلبة الى مقاعدهم الدراسية في سبتمبر المقبل، "حيث إن الوضع يحتاج منا جميعا الى التأقلم معه لكون الجائحة مستمرة وقد يطول أمدها"، متابعا: "نحن نثق بامكانيات وقدرات التربية على تحقيق الاشتراطات الصحية، كونها قادرة ولديها الامكانيات والكوادر البشرية لضمان سلامة الطلبة، مع تأكيد أهمية توعية وتثقيف الإدارات المدرسية بإجراءات تطبيق الاشتراطات الصحية وطبيعة المرحلة وحساسيتها".

موزة الجناع: مخاوف لدى بعض الأسر

ايدت موزة الجناع، وهي إحدى أولياء الأمور، عودة المدارس، خاصة ان الجائحة قد تستمر فترات طويلة، وبالتالي من غير المنطقي استمرار غلق المدارس، كما ان بعض الانشطة التجارية والاسواق ترتادها بعض الاسر، ولا داعي ان نشعر بالخوف على ابنائنا الطلبة من العودة الى مقاعد الدراسة، لكن اعتقد ان العودة ستكون شبه آمنة، حيث أكدت وزارة التربية استعداد فرقها وطواقمها، وأنها وضعت خطة آمنة بالتعاون مع الادارات المدرسية لكن يبقى التعاون والتواصل مع الاسر للعودة هو الفيصل".

وبينت الجناع أن بعض الأسر لا تزال لديها مخاوف من العودة، لكن عليهم بالمقابل أن يخافوا من التجمعات العائلية والزيارات والتجمهر على البحر والذهاب للأسواق، مشيرة إلى أن "أعضاء وزارة التربية ومسؤوليها هم في الأصل أولياء أمور لطلبة وإخوة لنا، ومن غير المقبول وغير المنطقي أن يرضوا بأن يقع ضرر على الطلبة".

فهد الرمضان ومريم طباجة