استبعد خبراء نفطيون وصول أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل بعد التوجه العالمي إلى بدائل طاقة أخرى، ورأوا أن الأسعار الحالية التي تتراوح ما بين 60 و65 دولاراً تعتبر مناسبة حالياً وسط العرض والطلب العالميين.

وأفاد الخبراء، في تحقيق لـ«الجريدة» حول مستقبل الأسواق النفطية خلال الفترة المقبلة، بأن جائحة كورونا انعكست سلباً على كل الأنشطة الاقتصادية والتنموية في جميع دول العالم، خصوصاً الأنشطة الصناعية المعتمدة على النفطـ، مشيرين إلى أن هناك بوادر أمل بعد أن بدأت أغلبية دول العالم المتضررة جراء انتشار الفيروس بتلقيح مواطنيها ضده، مما سوف يساعد على عودة الحياة إلى طبيعتها وإعادة فتح أنشطة اقتصادية كثيرة.

Ad

ولفتوا إلى أن هناك مؤشرات لتحسن النمو الصناعي الصيني للشهر الثاني على التوالي، متوقعين أن تشهد الأسعار تحسناً، وقد تصل إلى 70 دولاراً للبرميل بحلول الصيف المقبل، وفيما يلي التفاصيل:

بداية، قال الخبير النفطي يوسف القبندي، إن الأسعار لاشك تتأثر بعوامل عدة أهمها العرض والطلب العالمي نتيجة النمو الاقتصادي، إذ ظهرت أخيراً بوادر مؤشرات إيجابية للتعافي الاقتصادي من خلال تحرك الدول الكبرى والصناعية بعدة تشريعات وحزم تنشيطية لتحريك الاقتصاد قدماً، ومساعدة الشركات على إعادة العمل إلى الوضع الطبيعي، ومن أبرز هذه التشريعات هي خطة (الرئيس الأميركي جو) بايدن الاقتصادية الضخمة التي تبلغ 1.900 تريليون دولار، ونالت موافقة الكونغرس، مع توقع وصول الكثير من بلدان العالم خلال الأشهر المقبلة قبل الصيف إلى نسبة عالية من تطعيم مواطنيها باللقاح المضاد لـ«كوفيد 19» مما سوف يساعد في عودة الحياة إلى طبيعتها وإعادة فتح أنشطة كثيرة، كما أن هناك تحسناً في النمو الصناعي الصيني للشهر الثاني على التوالي والتوقعات بأن الأسعار ستتحسن وتصل إلى 70 دولاراً للبرميل بحلول الصيف المقبل.

توازن العرض والطلب

وأضاف القبندي، أن الأسعار الحالية جاءت نتيجة لتوازن العرض والطلب وأنها مازالت مناسبة لكثير من الشركات النفطية، لافتاً إلى أن بعض الشركات النفطية الأميركية الكبرى سجلت خسائر كبيرة ببياناتها المالية لعام 2020 لكنها تمتلك ملاءة قوية وتكنولوجيا متقدمة تساعدها في الاستمرار.

وأفاد بأن سعر 75 دولاراً للبرميل ستكون أكثر من مناسبة للدول المنتجة وخصوصاً دول الخليج لتكبدها خسائر كبيرة للعامين المنصرمين نتيجة انخفاض أسعار الخام دون 50 دولاراً للبرميل وانخفاض الدخل القومي للدول الخليجية نتيجة وجود مشاريع تنموية كبيرة معدة سلفاَ لخططها الخمسية، إذ تم إعداد معظم ميزانيات دول الخليج على أسعار ما بين 65 و80 دولاراً للبرميل.

وأشار إلى أن وصول الأسعار لمستوى 75 دولاراً على المدى القصير لن يؤثر حتى لو حاولت الدول المستهلكة للنفط التحول للطاقة البديلة لأن أسعار الطاقة البديلة عالية وقدراتها محدودة.

طلب قوي

وأكد أن التحول للطاقة البديلة قد يؤثر على بعض المنتجات النفطية مثل وقود السيارات على المديين المتوسط أو الطويل، لافتاً إلى أنه مع ذلك، لايزال الطلب قوياً على الوقود في استخدامات الطاقة كوقود للمصانع والسفن والطائرات، مبيناً أن الطلب على المواد البتروكيماوية مستمر في النمو لأنها تمثل العصب والشريان الرئيسي لأغلبية الصناعات المعتمدة على تلك المواد والمشتقات النفطية، والتي لايمكن للطاقة البديلة أن تحل محلها.

مناسب للأسواق

من جانبه، قال الخبير النفطي كامل الحرمي، إن سعر برميل النفط عند 60 دولاراً يعتبر مناسباً للأسواق النفطية حتى الآن، إذ لا توجد ثقة كاملة في نمو الطلب العالمي على المدى القريب.

وأضاف الحرمي أن قرار المملكة العربية السعودية بتأجيل ضخ مليون برميل نفط يومياً للشهر الرابع علي التوالي هو بمنزلة عدم ثقة المملكة في أي مؤشرات إيجابية بأن الأسواق بحاجة إلى المزيد من الإنتاج في الوقت الحالي، موضحاً أن قرار السعودية يأتي رغم خسائرها اليومية جراء قرارها تأجيل ضخ مليون برميل بنحو 60 إلى 65 مليون دولار يومياً.

أمر مستبعد

وعما إذا كان سعر برميل النفط من الممكن أن يصل إلى 75 دولاراً، الأمر الذي قد يضر بالدول المنتجة خاصة دول الخليج لأن بعض الدول المستهلكة قد لا تتحمل هذه الأسعار وتضطر إلى مصادر أخرى بديلة للطاقة، رأى في هذا الإطار أن وصول الأسعار إلى تلك المستويات أمر مستبعد، مبيناً أن مايحدث حالياً هو نوع من أنواع المضاربات، وأن الأسعار الحالية تعتبر أعلى من الأسعار المستقبلية لأن الأسواق غير مستقرة بسبب فيروس كورونا الذي أوقف معظم الأنشطة خصوصاً المتعلقة بالسعر، فضلاً عن إغلاقات بعض الدول الأوروبية، ولا توجد بارقة أمل على النمو العالمي هذا العام.

وشدد الحرمي على أن أسعار النفط لن ترى مستوى 100 دولار للبرميل مرة أخرى بعد التوجه العالمي إلى بدائل أخرى مثل السيارات الكهربائية والوقود البيئي، موضحاً أن بدائل الطاقة قد تظهر خلال السنوات العشر المقبلة.

أسعار فعلية

من ناحيته، قال عضو المجلس الأعلى للبترول الأسبق محمد حمود الهاجري، إن الأسعار الحالية للنفط بلاشك هي فعلية حسب احتياجات الأسواق، لافتاً إلى أن السعر الحالي الذي يتراوح مابين 60 و65 دولاراً للبرميل هو أكثر واقعية من الأسعار المتدنية التي شهدتها الأسواق مع بداية ازمة فيروس كورونا.

وأضاف الهاجري أن تلك الأسعار الحالية لا تستطيع أي جهة التحكم فيها سواء بالارتفاع أو الانخفاض مادام أن هناك طلباً فعلياً على الخام.

الدول المستهلكة

واعتبر أن مايقال عن وصول أسعار النفط إلى ما يفوق 75 دولاراً للبرميل يكون في غير مصلحة الدول المنتجة خصوصاً دول الخليج لأن ذلك قد يضطر الدول المستهلكة للتحول إلى طاقات بديلة، هو أمر سابق لأوانه الحكم فيه.

وأشار الهاجري إلى أن جائحة كورونا انعكست سلباً على كل الأنشطة الاقتصادية والتنموية في كل دول العالم خصوصاً الأنشطة الصناعية المعتمدة على النفط.

انطلاقة واسعة

وتابع أن فترة مابعد كورونا ستشهد انطلاقة واسعة في الطلب على الخام خصوصاً مع عودة الحياة الطبيعية لكافة الدول المستهلكة للخام، مؤكداً أن الحفاظ على الأسعار فيما بعد كورونا يعتمد على مستويات الإنتاج والعمل على توازن الأسواق وعدم السماح بزيادة المعروض كي لا تتعرض الأسعار لهزات مرة أخرى.

وقال الهاجري إن استخدام الطاقات البديلة مثل السيارات الكهربائية والقطارات وغيرها مازالت طور التجهيزات والتطوير وأمامها وقت طويل، موضحاً أن تلك الطاقة تعد نوعاً من أنواع الترف ولا يمكن الاستغناء بشكل نهائي عن استخدام الوقود.

وأضاف أن الاعتماد على الطاقات البديلة كبديل للنفط يحتاج الي نحو 20 عاماً، مستطرداً أن النفط عموماً لا يمكن الاستغناء عنه خصوصاً أنه يدخل في معظم أنواع الصناعات وبنسب عالية.

أشرف عجمي