كتاب مسلٍّ وظريف، قرأته في جلسة استرخاء، قدم الكتاب أ. د. محمد زكي العشماوي، عميد كلية الآداب بجامعة الإسكندرية، وهو أستاذ في مادة النقد الأدبي، وبالمناسبة درست عند هذا الأستاذ مادة أدب الرحلات، وطلب منا مادة بحث، وبدلاً من أن أقدم له المادة مكتوبة ابتكرت طريقة جديدة ورسمت له خريطة كبيرة بالألوان لرحلة ابن بطوطة، وعليها أسماء الأماكن والمسافات وخطوط الرحلة، وأعجب بها وأعطاني درجة امتياز وعلقها في مكتبه.

أما الكتاب الذي نحن بصدده فمؤلفه الأستاذ كامل حمادة، كاتب قصة مصري جاء إلى الكويت في السبعينيات للبحث عن وظيفة، ولكن للأسف لم يجد العمل المناسب لتخصصه في "قانون الضرائب"، والكويت ليس فيها أي نوع من أنواع الضرائب، وعاد من حيث أتى بعد أن أمضى ١٠٠ يوم في الكويت!

Ad

وخلال إقامته في الكويت شغل وقته في كتابة القصص، وقام بزيارات لدور الصحف لبيع إنتاجه الأدبي، وعرف أن الصحف لا تدفع أي مبالغ نقدية لنشرها القصص، ويكفي أنها تُشهر القصاصين بنشر أسمائهم وصورهم مع القصة!!

من الطرائف التي يرويها أنه شاهد مجموعات متناثرة من الشباب على امتداد شارع الخليج العربي تحت أعمدة النور، وقد افترشوا سجادات ووسائد أنيقة وبجانبهم أوعية للشاي والقهوة والمشروبات المثلجة!

وقد ظن أن جلوسهم للتسلية، بينما كان لغرض مراجعة الدروس والمذاكرة قبل الامتحانات، وشاهد بجانب كل مجموعة سيارة أو سيارتين فارهتين!!

يقول صاحب الكتاب: الشباب كانوا في غاية الأدب واحترام الضيف، وأصروا عليه ليتناول معهم سندويشات الشاورما اللذيدة. والكويتيون حقاً كرماء...!

وبينما كان مستمتعاً بمجالسة الشباب والعشاء معهم مرت سيارتان مسرعتان في سباق كلمح البصر وبسرعة جنونية، وعرف أن ما بين صاحبي السيارتين تحدي سباق، وهذه الظاهرة كانت منتشرة في ذلك الوقت لخلو الشارع من السيارات، بخلاف الوقت الحاضر...!

المؤلف يمتدح سائقي الأجرة الكويتيين، ويقول هؤلاء الوحيدون في العالم لا يتقاضون أي "بقشيش"، بل يرفضونه ويعتبرونه إهانة لهم، ويزيد على ذلك ويقول: ركبت سيارة أجرة من السالمية إلى مدينة الكويت، وحسب الأجرة المتفق عليها ربع دينار، فلم يكن معي إلا دينار، وذلك ليأخذ السائق حقه ويعيد لي الباقي، ولكنه أعاد الدينار كاملاً لعدم توافر الباقي، وقال مسموح وتوكل على الله!!

نعم هذه أخلاقيات سائقي الأجرة الكويتيين!!

الكتاب كما قلت في المقدمة ظريف ومسلٍّ، والثمن الذي وضعه على الكتاب زهيد ١٥ قرشاً مصرياً... ولهذا السبب لم يجد وظيفة مناسبة في الكويت!!