قبيل انطلاق أولى جولات الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق بعهد الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، في أبريل المقبل، وضع السفير الأميركي لدى بغداد ماثيو تولر أربع أولويات للبيت الأبيض في العراق، تتمثل في محاربة تنظيم "داعش"، وكذلك مساعدة حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في محاربة الفساد ومواجهة التحديات الاقتصادية، ومواجهة جائحة "كورونا"، وأزمة تغيّر المناخ.

وأوضح تولر، خلال مشاركته في ندوة مرئية من تنظيم "معهد الولايات المتحدة للسلام"، أن "الأهداف الاستراتيجية الأميركية ثابتة رغم تغيّر الإدارات المتعاقبة في البيت الأبيض؛ لأن اهتمام الولايات المتحدة بهذا البلد الحيوي لن يتغير".

Ad

وأشار إلى أن "هزيمة داعش تظل مهمة أمنية ذات أولوية أميركية في العراق، ورغم خسارة التنظيم بشكل مادي، فإن وجود القوات الأميركية في العراق يأتي بناء على دعوة من الحكومة العراقية، للقيام بمهمة محدودة تركز على تقديم المشورة والمساعدة لقوات مكافحة الإرهاب العراقية بما في ذلك البيشمركة، لمنع تنظيم داعش من العودة".

ومن دون التطرق إلى ضغوط الأحزاب والفصائل العراقية المسلحة، المرتبطة بإيران، الرامية إلى إرغام سلطات بغداد على إخراج القوات الأجنبية والأميركية بشكل كامل، أكد تولر "مواصلة الحفاظ على هذا الوجود، ما دام ذلك ضروريا لمساعدة الحكومة العراقية في منع عودة داعش والإرهابيين لتهديد البلاد والأمن الإقليمي".

في غضون ذلك، أفاد مصدر أمني بأن هجوماً، بعبوة ناسفة، استهدف رتل شاحنات لقوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في محافظة الديوانية جنوب البلاد دون وقوع إصابات بشرية. وتداولت منصات قريبة من الأحزاب العراقية الموالية لطهران تبني فصيل يطلق على نفسه اسم "أهل الكهف" للاعتداء الذي يعد الـ38 من نوعه خلال نحو 3 أشهر.

ويوجد في العراق نحو 3000 جندي من قوات "التحالف"، بينهم 2500 جندي أميركي.

استعراض ميليشياوي

إلى ذلك، نظمت ميليشيا مسلحة تطلق على نفسها اسم "ربع الله"، ويصنفها مسؤولون أمنيون عراقيون على أنها إحدى واجهات جماعة "كتائب حزب الله"، إحدى أبرز الميليشيات المرتبطة بإيران، استعراضاً مسلحاً، أمس، لعناصرها في مناطق مهمة وسط العاصمة بغداد، إحداها بالقرب من وزارة الداخلية.

واستقدمت الميليشيا سيارات رباعية الدفع تحمل أسلحة متوسطة وقاذفات صاروخية ومعدات عسكرية مختلفة، في حين اكتفت القوات الأمنية بمشاهدة ما يجري، على غرار المواطنين الذين أغلق العديد منهم محالهم التجارية وقطعوا أعمالهم بعد إغلاق الميليشيا عدداً من الطرق الرئيسة والفرعية.

وتداول ناشطون صورا ولقطات تظهر العشرات من السيارات المحملة بالمسلحين، وهي تتجول في مناطق الكرادة والجادرية والدورة وطريق محمد القاسم وبالقرب من وزارة الداخلية، مع أسلحة متنوعة ويافطات تهدد رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، والمسؤول بوزارة الداخلية الفريق أحمد أبو رغيف، الذي يتولى التحقيق في عدد من قضايا الفساد بتكليف حكومي.

وأصدرت الميليشيا بيانا جاء فيه: "نحيي سواعد المجاهدين وبنادقهم التي جالت أرض بغداد هذا اليوم، في رسالة تهديد للأميركي وعملائه، واطمئنان وقوة للمضحين والمجاهدين من أبناء هذا البلد العزيز، ونشد على أيدي الشرفاء من أعضاء مجلس النواب المطالبين بخفض سعر الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي".

وحذر البيان جهات سياسية قال إنها "تتعمد تعطيل الموازنة من أجل الحصول على مكتسبات خاصة"، كما حذر من تسليم حصة إقليم كردستان.

وجاء في البيان كذلك: "لن نسكت طويلاً فيما إذا لم تتحقق مطالب الشعب، وخصوصاً أبناء المحافظات الجنوبية، في فقرات الموازنة".

في هذه الأثناء، ذكرت مصادر أمنية أن "ربع الله" قامت بالاستعراض في حركة استباقية ضد المسؤول الأمني أبو رغيف، الذي يستعد لشنّ حملة ضد عناصرها المعروفة لدى الحكومة، والمتورطة في عمليات قتل وخطف وقصف لـ"المنطقة الخضراء" حيث تقع السفارة الأميركية.

من جانب آخر، أكدت مصادر أخرى أن "الميليشيات تريد بين فترة وأخرى إهانة الدولة العراقية والقانون، ومن ضمن أهدافها النيل من العراقيين لصالح الجارة إيران".

ورأت أن سبب الاستعراض هو تعكير أجواء انعقاد القمة الثلاثية التي تجمع الكاظمي مع قادة مصر الرئيس عبدالفتاح السيسي، والأردن الملك عبدالله، غداً، وخلق شعور لدى القاهرة وعمان بأن بغداد غير آمنة وتسيطر عليها الميليشيات وأن الكاظمي "مغلوب على أمره".

وأشارت المصادر إلى ورود معلومات شبه مؤكدة عن انزعاج طهران من تقارب العراق مع مصر والأردن، وأنها تنظر بعين الريبة إلى الاتفاقات التي ستبرم بين الثلاثي باعتبار أنها ستكون على حساب حصتها فيما يتعلق بالتبادل التجاري والاقتصادي، ولهذا اعطت الضوء الأخضر لفصائلها بإحداث بلبلة تسبق قمة بغداد.

ولفتت المصادر إلى أن الكاظمي شدد على أنه من يختار زمان مكان توجيه الضربات للميليشيات المنفلتة لتفويت فرصة إحداث فوضى بالعاصمة.

في هذه الأثناء، دعا رجل الدين البارز مقتدى الصدر، الداعم لحكومة الكاظمي، "الحشد الشعبي" إلى معاقبة "ربع الله" أو إعلان البراءة منها.

وأضاف أن "اللجوء إلى السلاح لتحقيق المطالب أمر مرفوض يجب على الحكومة الحيلولة دون وقوعه مرة أخرى".

في سياق منفصل، منعت السلطات الأمنية الإيرانية عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد من مغادرة البلاد وزيارة المراقد الشيعية في العراق.

وفي وقت سابق، أفادت تقارير بأن نجاد كان يعتزم زيارة مدينة سامراء وكربلاء والنجف وبغداد.

وتشير تقارير إلى أن نجاد يسعى للترشح للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في الـ18 من يونيو المقبل، وسط معلومات عن رفض ترشحه من قبل مجلس "صيانة الدستور".