استمرار العديد من الهيئات القضائية؛ المدنية والتجارية والجزائية، في محكمة أول درجة في عقد الجلسات والنطق بالأحكام بغرف المداولة أمر يتنافى مع مبدأ علانية الجلسات والنطق بالأحكام، الذي نصَّت عليه المادة 165 من الدستور، والمادة 13 من قانون تنظيم القضاء، والمادتان 115 من قانون المرافعات و176 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية.

ولا يغيب عن ذهن السادة القضاة والمستشارين أن مسألة عقد الجلسات في غرف المداولات مقيدة بتوافر جملة من الضوابط المتصلة بالقضايا ذات البُعد الخاص بالآداب العامة والقضايا ذات البُعد الأسري، وهو أمر لا يمتد بطبيعة الأحوال إلى جواز عقد الجلسات في غرف المداولة، ليشمل جميع القضايا، مهما بلغ نوعها، لأن في ذلك إهدارا للمبادئ الدستورية والقانونية، التي أكدت مبدأ علانية الجلسات وإصدار الأحكام، وهو المبدأ الذي تنبهت له كثيرا الدوائر في محكمة الاستئناف والتمييز، بضرورة النطق بالأحكام علانية، بعد التزامها بمبدأ عقد الجلسات على نحو علني، وخاصة أن عقد الجلسات وإصدار الأحكام في غرف المداولة ينفيان تلك العلانية ويوصمهما بالسرية.

Ad

كما أن عقد الجلسات في المحاكم بصورة علنية، علاوة على أنه يؤكد مبدأ الشفافية في التقاضي، فإنه يبعث الاطمئنان في نفوس المتقاضين والجمهور بخصوص الشكل الذي تُعقد به الجلسات، فضلاً عن تقريره لمبدأ الالتزام بشكل عقد الجلسات وبأحكام القوانين الإجرائية المنظمة لها.

وهذه الشفافية جعلت العديد من الدول تتبنى فكرة لتسجيل الجلسات بالصوت والصورة، لضمان توثيق ما يدور فيها، وللرجوع إليها حال عدم إثبات المحاكم لأي طلبات أو أقوال يمكن الرجوع إليها، تحقيقاً لمبدأ شفافية العدالة، التي تحرص الدول على تبنيها وتحقيقها، رفعة لحق التقاضي.

ومثل ذلك التوثيق للجلسات بالصوت والصورة لما يدور بها في جميع المنازعات التي تُعرض على المحاكم يأتي استكمالاً لحق التقاضي وعلنية الجلسات والأحكام، الذي أشارت إليه المادتان 165 و166 من الدستور الكويتي.

أخيراً، ما أتمناه أن توجه الجمعية العمومية لقضاة المحكمة الكلية، أو أن يُصدر الأخ المستشار رئيس المحكمة الكلية تعميماً للسادة القضاة في المحكمة الكلية، بضرورة عقد كل الجلسات علانية، وعدم اللجوء إلى عقدها في غرف المداولة، والتي لا تليق إلا للتداول في الأحكام، فيما عدا قضايا الأسرة أو القضايا ذات البُعد المتصل بالآداب أو الحياء العام وعلى نحو ضيق.

حسين العبدالله