تحتاج زيارة وفد «حزب الله» للعاصمة الروسية موسكو، إلى فترة طويلة لتظهر حقائق المداولات التي جرت خلالها، فليس من عادة الروس ولا الحزب، الحديث عن تفاصيل المشاورات التي يقومان بها. وقد لا نصل إلى حقائق كاملة أو نتائج ملموسة، خصوصا أن «حزب الله» يشدد على أن هدف الزيارة كان للتشاور حصراً لا لاتخاذ قرارات حاسمة.
لكن ليس مصادفة أن تتزامن زيارة وفد الحزب لموسكو حيث عقد لقاءات مع وزير الخارجية سيرغي لافروف ومسؤولين في مجلس الأمن القومي الروسي، مع زيارة مسؤولين إسرائيليين وأن تأتي بعد جولة لافروف إلى دول الخليج، حيث بحث مخارج للحل السياسي في سورية.وتحاول روسيا تعزيز أوراقها في المنطقة خلال الفترة الانتقالية في واشنطن، ويشمل تقاربها مع دول الخليج، جملة ملفات سياسية واستراتيجية واقتصادية، بينها إبرام صفقات تسلح، والسعي الى توافق حول الملف السوري قبل الانتخابات الرئاسية السورية وبعدها. وفي الوقت نفسه تسعى روسيا الى الانخراط في ملفات جديدة بالمنطقة، بينها الملف اليمني، إذ حالت أمس الاول دون صدور قرار عن مجلس الأمن يدعو إلى وقف الهجوم الذي يقوم به الحوثيون على مأرب، وأيضاً الملف العراقي حيث لها حضور تاريخي.وبحسب المعلومات، فإن روسيا تسعى إلى صيغة دولية وإقليمية توافقية للحل في سورية يوقف الاستنزاف المستمر بفعل الانهيار الاقتصادي الناتج عن العقوبات الأميركية، يقوم على مبدأ بقاء بشار الأسد في السلطة، لكن في المقابل تشكيل حكومة تتمتع بصلاحيات، وتضم أطرافاً متنوعة من المعارضة والموالاة. بطبيعة الحال هذا الحل لم ينضج الآن، لكن المساعي الروسية لتأمين شروطه ستكون مستمرة. الملف اللبناني كان حاضراً على الهامش في زيارة وفد «حزب الله»، على الرغم من التأكيد على ضرورة تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري تخرج لبنان من أزمته. وكان بيان الخارجية الروسية واضحاً حول ضرورة عقد حوار وطني بدون تدخل خارجي، وهذا موقف يتطابق أيضاً بين موسكو والحزب.على العكس من ذلك، حضر ملف وجود «حزب الله» في سورية ونشاطه العسكري هناك كما في جنوب لبنان. وتؤكد مصادر قريبة من الحزب أن الزيارة لم ينتج عنها أي قرارات. ولدى سؤال هذه المصادر عن طلب الروس من الحزب إجراء إعادة تموضع في سورية، كان الجواب سريعاً أن الحزب قام بالفعل بهذه العملية قبل أشهر طويلة بعد انتهاء معظم المعارك العسكرية. في المقابل، وعلى الجانب الروسي، هناك كلام يؤكد أن البحث مع وفد «حزب الله» تركز حول قواعد الاشتباك بينه وبين إسرائيل، وهو موضع بحث دائم بين الروس والإسرائيليين منذ فترة، وسيتم التطرق اليه خلال زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي غابي اشكنازي لموسكو. الشروط الإسرائيلية واضحة، وهي أنها لا تريد استهداف «حزب الله» ولا النظام في سورية، بل القوات الإيرانية لتحجيم نفوذها ومنع تموضعها في سورية، والدليل على ذلك هو ما جرى قبل أشهر عندما سقط قتيل لـ «حزب الله» بغارة إسرائيلية، فأرسلت تل أبيب رسائل للحزب عن طريق روسيا وغيرها أنه قُتل بالخطأ، وهكذا تجنب الطرفان التصعيد. وتسعى روسيا إلى تخفيف أنشطة «حزب الله» العسكرية الاستفزازية للإسرائيليين في سورية، في محاولة لإسقاط قواعد الاشتباك السابقة، والتي كان قد وضعها الأمين العام للحزب حسن نصرالله، بأن أي استهداف للحزب في سورية سيكون الردّ عليه انطلاقاً من الجبهة اللبنانية أو السورية، وفق قاعدة فتح الجبهات وتلازمها. ورغم أن «حزب الله» لا يتبنى، حتى الآن، علناً هذا الهدف الروسي- الإسرائيلي بإسقاط قواعد الاشتباك هذه، فإن موسكو تسعى لجعل هذا المبدأ قائما بشكل عملي، وذلك لتجنب أي تصعيد إسرائيلي في لبنان قد يستدعي رداً من الحزب مما يعقد المشهد في لبنان وربما في سورية.
دوليات
موسكو تريد من «حزب الله» التخلي عن «تلازم الجبهات» بين سورية ولبنان
18-03-2021