قالت المحكمة، في حيثيات حكمها، بعدما انتهت من إلغاء حكم محكمة الجنح المستأنفة وإحالته إلى دائرة الجنايات في محكمة الاستئناف العالي، إن قانون البلدية رقم 33/2016 يطبق بأثر فوري ومباشر على القضايا التي مازالت منظورة أمام المحكمة صاحبة الاختصاص القديم.

وكانت محكمة الجنح قضت بتغريم المتهم، وهو نائب في مجلس الأمة، بغرامة مالية قدرها 300 دينار، على خلفية تنصيبه خياماً لمقره الانتخابي دون الحصول على الترخيص من البلدية، وتم الطعن على الحكم أمام محكمة الجنح المستأنفة لعدم الاختصاص، وتأييد الحكم أمام محكمة الجنح المستأنفة إلا أن النائب طعن على الحكم أمام محكمة جنح التمييز.

Ad

الاختصاص

وقالت محكمة جنح التمييز في حيثيات حكمها، إن المقرر في قضاء هذه المحكمة، «أن الدفع بعدم الاختصاص الولائي أو النوعي يتعلق بالنظام العام، ومن ثم فإنه يعتبر قائماً ومطروحاً على المحكمة، ولو لم يدفع به أمامها، ولمحكمة التمييز أن تقضی به من تلقاء نفسها. لما كان ذلك، وكانت المادة 46 من القانون رقم 33 لسنة 2016 بشأن بلدية الكويت والصادر في 4 يوليو سنة 2016 والمنشور بالجريدة الرسمية في 12 يوليو سنة 2016 قد نصت على أنه «تنشأ بقرار من المجلس الأعلى للقضاء دائرة خاصة واحدة أو أكثر بالمحكمة الكلية تشكل من ثلاثة قضاة تختص دون غيرها بالنظر في الجرائم التي ترتكب بالمخالفة للوائح التي تصدرها البلدية، وتستأنف الأحكام الصادرة من هذه الدائرة أمام محكمة الاستئناف في دائرتها الجزائية».

ومفاد ذلك بأن المشرع قد أنشأ دائرة خاصته أو أكثر بالمحكمة الكلية ميزها بتشكيل خاص مغاير لمثيلاتها، التي كانت تنظر الجرائم الواردة بها بأن جعل تشكيلها من ثلاثة قضاة بدلاً من القاضي الفرد، وأناط بها دون غيرها النظر في تلك الجرائم، وعقد الاختصاص بنظر الاستئناف المقام عن الأحكام الصادرة من هذه الدائرة لمحكمة الاستئناف في دائرتها الجزائية.

احكام

وأضافت المحكمة في حيثيات حكمها أنه وكان القانون المذكور لم يحدد أحكاماً انتقالية لتطبيقه سواء بالنسبة للدعاوى التي عرضت على الدوائر التي كانت تنظر الدعاوى التي كانت مقامة عن الجرائم التي ترتكب بالمخالفة للوائح التي تصدرها البلدية قبل استحداث نص المادة 46 المار ذكرها وقضى فيها غيابياً أو حضورياً وكذا المطعون بالاستئناف التي تقام عن هذه الأحكام من حيث الاختصاص بنظرها بعد إعمال النص المذكور، ومن ثم فإنه لا مناص من الرجوع إلى القواعد العامة في هذا الصدد، لما كان ذلك، وكان النص في المادة 17 من قانون الجزاء على أن «تسري القوانين الشكلية على كل إجراء يتخذ أثناء سريان هذه القوانين ولو كان يتعلق بجريمة ارتكبت قبل سريانها... مفاده بأن القوانين الإجرائية تسري من يوم نفاذها على الإجراءات التي لم تكن قد تمت ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها، وأن القوانين المعدلة للاختصاص تطبق بأثر فوري شأنها في ذلك شأن قانون الإجراءات، فإذا عدل القانون من اختصاص محكمة قائمة بنقل ما كانت مختصة بنظره من القضايا طبقاً للقانون القديم إلى محكمة أو جهة قضاء أخرى، فإن هذه الجهة الأخيرة تصبح هي الجهة المختصة ولا يكون للمحكمة التي عدل اختصاصها من عمل لإنفاذ القانون سوى إحالة الدعوى المنظورة أمامها وبذات الحالة التي كانت عليها عند رفعها إلى المحكمة المختصة طالما أن الدعوى لم يتم الفصل فيها، فالقانون المعدل للاختصاص يطبق بأثر فوري ومباشر على القضايا التي ما زالت منظورة أمام المحكمة صاحبة الاختصاص القديم، ومن المستقر عليه أنه في حالة ما إذا كانت المحكمة صاحبة الاختصاص القديم قد أصدرت حكماً في الدعوى فإن هذا الحكم من حيث طرق الطعن فيه يظل خاضعاً للأحكام التي ينظمها القانون القائم وقت صدور الحكم وذلك أخذاً بعموم قاعدة عدم سريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها إلا إذا تضمنت نصاً صريحاً على سريان أحكامها على ما وقع قبل تاريخ نفاذها، وعلى ذلك فإذا كانت المحكمة صاحبة الاختصاص القديم وهي في حالتنا محكمة الجنح الجزائية بتشكيلها السابق على ما استحدثته المادة 46 المار ذكرها قد أصدرت حكماً غيابياً في الدعوى فإنها لم تستنفذ ولايتها في الدعوى قبل العمل بالقانون المعدل للاختصاص في حالة صدور حكم غيابي منها إذ يعاد طرح الخصومة أمام ذات المحكمة عند المعارضة في الحكم لتفصل فيه بحكم منه للخصومة أمام هذه الدرجة من درجات التقاضي، والمقرر قانوناً أن المعارضة تكون أمام المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي عملاً بنص المادة 187 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، ومن ثم فإن المعارضة في ذلك الحكم تكون أمام محكمة الجنح الجزائية بتشكيلها الفردي السابق على التشكيل الثلاثي المتحدث وعلى المحكمة المذكورة أن تعمل الأثر الفوري للقانون المعدل للاختصاص المعمول به بعد صدور الحكم الغيابي فيتعين عليها أن تقضي في المعارضة بإلغاء الحكم الغيابي وبعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى الدائرة الثلاثية المستحدثة، والتي انعقد الاختصاص لها بنظر الدعوى بموجب القانون الجديد.

استئناف

ويطبق الأمر في حالة ما إذا كان الحكم قد صدر حضورياً من المحكمة ذات الاختصاص القديم (محكمة الجنح الجزائية بتشكيلها الفردي) فإذا كان الحكم قد صدر قبل العمل بالقانون المعدل للاختصاص فإن استئناف ذلك الحكم يكون أمام محكمة الجنح المستأنفة بالمحكمة الكلية نزولاً على قاعدة أن طرق الطعن في الأحكام تظل خاضعة للأحكام التي ينظمها القانون القائم وقت صدور الحكم وأخذاً بعموم قاعدة عدم سريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها وطالما أنه ليس من نص صريح على سريان أحكامها على ما وقع قبل تاريخ نفاذها.

وبينت المحكمة في حيثيات حكمها أنه ولا يقال في هذا الصدد أن استئناف مثل ذلك الحكم يكون أمام المحكمة ذات الاختصاص الجديد وهي محكمة الاستئناف العليا بدائرتها الجزائية إعمالاً للأثر الفوري المباشر للقانون المعدل للاختصاص، التي انعقد الاختصاص لها بعد صدور الحكم الحضوري من محكمة الجنح الجزائية بتشكيلها الفردي قبل نفاذ القانون المعدل للاختصاص فذلك مردود عليه بأنه فضلاً عما هو مقرر بالقواعد المنظمة لطرق الطعن في الأحكام سالفة البيان فإن المادة 46 من القانون رقم 33 لسنة 2016 بشأن بلدية الكويت المار ذكرها بعد أن نصت على إنشاء دائرة أو أكثر بالمحكمة الكلية تشكل من ثلاثة قضاة تختص دون غيرها بالنظر في الجرائم التي ترتكب بالمخالفة للوائح التي تصدرها البلدية، أضافت أن تستأنف الأحكام الصادرة من هذه الدائرة أمام محكمة الاستئناف في دائرتها الجزائية، بما مفاده بأن اختصاص الدائرة الأخيرة مقصور علی نظرها الاستئنافات المقامة عن الأحكام الصادرة من تلك الدائرة المستحدثة بتشكيلها الثلاثي الوارد بالمادة سالفة الذكر، وما ذلك منها إلا تطبيق للقواعد المقرة قانوناً بصدد طرق الطعن في الأحكام من حيث خضوعها للأحكام التي ينظمها القانون القائم وقت صدور الحكم، فإذا رفع استئناف عن مثل ذلك الحكم أمام محكمة الاستئناف العليا بدائرتها الجزائية فإنه يتعين عليها نزولاً على حكم المادة 46 سالفة البيان أن تقضي بعدم اختصاصها بنظر الاستئناف وإحالته إلى محكمة الجنح المستأنفة بالمحكمة الكلية، طالما أن الحكم المستأنف لم يصدر من الدائرة المستحدثة بتشكيلها الثلاثي.

أما إذا كان الحكم الحضوري قد صدر من محكمة صاحبة الاختصاص القديم بتشكيلها الفردي بعد نفاذ القانون المعدل للاختصاص فإنه يتعين على محكمة الجنح - المسستأنفة وإعمالاً للأثر الفوري المباشر للقانون أن تقضي بإلغاء الحكم المستأنف وإحالة الدعوى إلى الدائرة الثلاثية المستحدثة صاحبة الاختصاص بنظر تلك الدعاوی.

والحالة الأخيرة تتمثل في صدور الحكم من الدائرة الثلاثية المستحدثة صاحبة الاختصاص الجديد، فإن الطعن على حكمها أمام محكمة الجنح المستأنفة دون محكمة الاستئناف العالي في دائرتها الجزائية يستوجب على محكمة الجنح المستأنفة وقد حجب عنها الاختصاص بنظر الاستئناف المقام عن الأحكام الصادرة من الدائرة المستحدثة بموجب المادة 46 المار ذكرها - أن تقضي بعدم اختصاصها بنظر الاستئناف وإحالته إلى محكمة الاستئناف في دائرتها الجزائية المختصة بنظره.

التمييز

لما كان ذلك، وكانت الدعوى الجزائية قد أقيمت ضد الطاعن أمام الدائرة ذات التشكيل الثلاثي والمستحدثة بالمادة 46 من القانون رقم 33 لسنة 2016 بلدية الكويت - بوصف أنه بتاريخ 19/11/2016 أقام إعلاناً انتخابياً دون الحصول على ترخيص من البلدية، وصدر الحكم من الدائرة المذكورة غيابياً بتغريم المتهم ثلاثمئة دينار عما أسند إليه، عارض المتهم أمام ذات الدائرة فقضت بتاريخ 13/10/2019 بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة الحكم نهائياً. استأنف الطاعن الحكم أمام محكمة الجنح المستأنفة بالمحكمة الكلية بتاريخ 29/7/2020 فقضت تلك المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق التمييز، لما كان ذلك، وكانت التهمة المسندة إلى الطاعن قد وقعت بعد العمل بالقانون رقم 33 لسنة 2016 بشأن بلدية الكويت.

الدائرة

وقالت المحكمة إنه وكان استئناف الأحكام الصادرة من الدائرة الثلاثية المستحدثة بنص المادة 46 من القانون المذكور والتي يناط بها النظر في الجرائم التي ترتكب بالمخالفة للوائح التي تصدرها البلدية ومنها التهمة المسندة إلى الطاعن - قد انعقد لمحكمة الاستئناف في دائرتها الجزائية بموجب المادة 46 سالفة البيان دون محكمة الجنح المستأنفة بالمحكمة الكلية، ولما كان للطاعن قد استأنف الحكم أمام المحكمة الأخيرة بالمخالفة لقواعد الاختصاص المستحدثة، مما كان يتعين معه على محكمة الجنح المستأنفة بالمحكمة الكلية أن تقضي بعدم اختصاصها بنظر الاستئناف واختصاص محكمة الاستئناف بدائرتها الجزائية نزولاً على حكم المادة 46 من القانون رقم 33 لسنة 2016 بشأن بلدية الكويت المار ذكرها، أما وأنها لم تفعل وتنكبت الطريق القانوني الصحيح ومضت في نظر الاستئناف والحكم فيه فإن حكمها يكون قد خالف القانون بما يوجب تمییزه دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن في أي من الطعنين.

النظام العام

ذكرت «التمييز» أن واقعة الدعوى سبق وأن حصلها الحكم المستأنف، في بيان واف بغنى عن إعادة تردیدها والمحكمة تحيل إليه في بيانها وتعتبر ما ورد فيه بهذا الشأن، جزءاً متمماً لقضاء هذا الحكم.

واوضحت المحكمة أن الدفع بعدم الاختصاص الولائي أو النوعي يتعلق بالنظام العام وتعتبر مسألة الاختصاص معروضة على المحكمة ولو لم يدفع به أمامها ولها أن تقضی به من تلقاء نفسها. ولما كان الحكم المستأنف قد صدر من الدائرة الثلاثية المستحدثة بنص المادة 46 من القانون رقم 33 لسنة 2016 بشأن بلدية الكويت الصادر في يوليو 2016 والمنشور في الجريدة الرسمية في 12 يوليو سنة 2016 - بتاريخ 13/10/2019 أي في تاريخ لاحق على العمل بالقانون المار ذكره، وكان استئناف الأحكام الصادرة من تلك الدائرة إنما ينعقد الإختصاص به لمحكمة الاستئناف في دائرتها الجزائية إعمالاً لنص المادة 46 سالفة البيان.

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بتمييز الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص محكمة الجنح المستأنفة بنظر الاستئناف وإحالته إلى محكمة الاستئناف في دائرتها الجزائية لنظره وعلى إدارة قلم الكتاب تحديد جلسة لنظره وإعلان الخصوم بها.

حسين العبدالله