في عام 1992، قررت وزارة الإعلام فتح مكتب إعلامي لها في العاصمة الهندية نيودلهي، ووقع الخيار عليّ لأكون أول مدير للمكتب الإعلامي الكويتي في الهند، ويكمن سبب فتح مكتب إعلامي بالهند في أن الحكومة الهندية والإعلام الهندي كانا متعاطفين مع صدام حسين، بل كانا مؤيدين للغزو العراقي في بداية الأمر، لدرجة أن وزير الخارجية الوحيد في العالم الذي دخل إلى الكويت المحتلة هو وزير الخارجية الهندي حينذاك آي. كيه. غوجرال. وقد نقلت بعض وسائل الإعلام قوله للهنود في الكويت "انسوا الكويت فإنها لن تتحرر". وهو نفسه الذي اجتمع بسفراء الهند في أوروبا في بداية الغزو، وقال لهم كلاماً مشابهاً. ويأتي هذا الموقف الهندي من الغزو لأسباب عديدة ليس مجال شرحها في هذا المقال، ولكن يمكن القول إن العراق الصدّامي كان يعمل بجدية في كل جبهة قبل الغزو ليكسب دعم أصدقائه من الحكومات والدول ووسائل الإعلام، ولذلك ارتأت وزارة الإعلام الكويتية فتح مكتب إعلامي لمواجهة الإعلام الهندي، وتوضيح المواقف الرسمية الكويتية، والصورة الحقيقية للنزاع مع العراق. ولقد لمست ذلك بوضوح في الإعلام الهندي بعد تسلمي للمسؤولية الإعلامية في الهند، واجتهدت اجتهاداً كبيراً في التعامل مع وسائل الإعلام لتوضيح المواقف الكويتية والدفاع عنها في كل فرصة أتيحت لي. ورغم أن المواقف الهندية أثناء الاحتلال تغيرت بعد تغيّر الحكومة، فإن الإعلام الهندي كان أرضاً صلبة عبثت بها الأيادي الصدّامية لفترة طويلة حتى بعد تحرير الكويت ولعدة سنوات. خلال عملي في نيودلهي، والذي استمر من أغسطس عام 1992 حتى بداية عام 1996، عشت تجارب كثيرة في التعامل مع الصحافة الهندية المؤثرة، والإعلام الهندي الواسع الانتشار، وكانت هذه الفترة فرصة لي شخصياً لأقدم ما أستطيع لقضية بلدي، والدفاع عن وطني، وتكوين علاقات مهنية قوية مع رجال الصحافة والإعلام في الهند. وسأبدأ، من المقال المقبل، كتابة بعض الأحداث المهنية التي مرت علي وأنا في نيودلهي، ففيها فائدة كبيرة للقراء الكرام. ولكن قبل الكتابة عن الأحداث أود أن أوضح أن الصحافة الهندية تتكون من آلاف الصحف والمجلات والدوريات التي تطبع بمئات اللغات، وتنتشر في جميع الولايات، وتؤثر تأثيراً كبيراً على قرّائها. أما الإعلام المرئي والمسموع فمعظمه مملوك للحكومة الهندية آنذاك، ويعكس وجهة نظرها الخاصة. وقد كان العمل صعباً وشاقاً، لكن ما جعله سهلاً وممتعاً هو تعاون أعضاء السفارة الكويتية في نيودلهي، ووقوفهم معي ودعمي باستمرار، وعلى رأسهم سعادة السفير ضرار عبدالرزاق الرزوقي، والمستشار الفاضل متعب عثمان الرميح، والأخ العزيز فيصل إبراهيم الهولي، وغيرهم، أسأل الله أن يجزيهم خير الجزاء. كما لا أنسى دعم وزارة الإعلام، خصوصاً الأخت الكريمة أمل الحمد، الوكيلة المساعدة للإعلام الخارجي، والأخت المحترمة هالة الغانم مديرة الإدارة، وغيرهما.

Ad

باسم اللوغاني