من يقرأ ويتابع ما يكتب في الكويت في الصحف أو في وسائط التواصل الاجتماعي من تجريح وقذف وإساءة لمكونات الشعب الكويتي لا بد أن يهلع ويخاف على مستقبل البلد، فلم يعد النقد يركز على الشخص أو المجموعة التي خالفت إنما يتمادى ليشتم قبيلة بأسرها أو طائفة أو فئة كاملة من شعب الكويت بجرم فرد أو عدد محدود من الأفراد، فيصف كل الشيوخ بالفساد أو قبيلة بأسرها بالتسلط، أو بجعل ولاء طائفة لغير الكويت، أو أن كل التجار يمثلون الدولة العميقة، أو يتهم كل الكويتيين بالكسل أو أن كل البدو همهم المكاسب وهكذا.

إن مثل هذا التعميم جريمة ليست بحق هذه الفئة أو تلك إنما هو خطر على الوطن ووحدة ناسه، فإن أخطأ فرد فاللوم والنقد والشكوى تكون ضد هذا الفرد، ولا علاقة لعائلته أو أصحابه أو منطقته أو أصوله بما عمله، إن التعميم الذي نشاهده ونقرأه ونسمعه يخرب ما تبقى من وحدتنا الوطنية، ويؤدي بالكويت إلى مهاوي الردى.

Ad

لنسمِّ الأسماء بأسمائها ولنوجه كل النقد لمن يثبت تطاوله على المال العام أو الخاص أو الإساءة للبلد بأي شكل كان، بل إن القانون يحتم عليك مقاضاة المسيء للوطن، لكن لا دخل لهذا الفرد بأهله أو أصله وفصله.

لنتق الله في وطننا فلم يبق ركن من أركانه لم يتعرض للتجريح، ولم يبق مكون لم تتم الإساءة له بدون ذنب، أو بذنب فرد تافه أو مجرم لا يمثل إلا نفسه، وعندنا ظاهرة غريبة عجيبة في علاقتنا بالوافدين فنحن نصنفهم حسب جنسياتهم، فإن أخطأ وافد فإن كل الوافدين من جنسيته مجرمون، ويجب طردهم، ونحن نتعامل مع الوافدين بتعال بغيض، وفي الوقت نفسه نطلب منهم الولاء والطاعة والسكوت على الإهانة، وإن تجرأ أحد منهم وعبر عن استيائه فإنه وبلده وشعبه الذي يبنتمي إليه يصبح ناكراً للجميل وكافراً بالنعمة، وكأن الوافدين يقفون أمام المساجد يتلقون المساعدات من الناس، وليسوا أناساً مكافحين يساعدوننا في بناء بلدنا، وقد ذكرت سابقا كيف أننا هاجمنا كل فئات الوافدين بالتتابع وحسب مزاج هؤلاء المعمِّمين.

وهذه الظاهرة توسعت الآن لتشمل فئات الشعب الكويتي وكل مكوناته، حتى أصبح لكل مكون مغردوه وكتابه الذين يتكفلون بالرد على من يهاجم فردا منه، ثم يحولون القضية إلى حرب ضد مكونات الشعب الكويتي الأخرى.

إن استمرار هذه الظواهر سيفتت وحدة هذا الشعب وسيدمر بلدنا الذي يحتاج إلينا موحدين ومجتهدين وفاعلين في بنائه وتطويره، احترام كل الناس مواطنين ووافدين والتعامل بأمانة وتواضع وتقدير سيبعد الكويت عن الفتنة ويحميها من شرورها.

علي محمد البداح