أكد الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش اليوم الاثنين أن السبيل الوحيد لتحقيق السلام في اليمن هو من خلال وقف فوري لإطلاق النار على الصعيد الوطني مع مجموعة من تدابير بناء الثقة تليها عملية سياسية شاملة بقيادة يمنية تحت رعاية الأمم المتحدة وبدعم من المجتمع الدولي.

جاء ذلك في كلمة غوتيريش افتتح بها المؤتمر الدولي للمانحين حول اليمن والمنعقد عبر تقنية الاتصال المرئي بدعم من حكومتي سويسرا والسويد بمشاركة أكثر من 100 دولة ومنظمات أممية وأخرى غير حكومية.

Ad

وقال غوتيريش «أن الشعب اليمني قد أوضح ما يريده إلا وهو الدعم المنقذ للحياة من العالم والمشاركة السياسية السلمية والحوكمة المسؤولة والمواطنة المتساوية والعدالة الاقتصادية».

وحث جميع الأطراف على العمل مع مبعوثه الخاص مارتن غريفيث للتوصل إلى حل سلمي للصراع وانهاء هذا «الصراع العبثي الآن: وأن نبدأ في التعامل مع عواقبه الهائلة على الفور وأن هذه ليست اللحظة المناسبة للتراجع عن اليمن».

ولفت غوتيريش إلى أن هذا المؤتمر هو «الحدث الخامس من نوعه كفعالية رفيعة المستوى للحث على إعلان تبرعات للاستجابة للأزمة الإنسانية في اليمن»، مشيراً إلى أن «الحقيقة المرة هي أننا سنعقد حدثاً سادساً في العام المقبل ما لم تنته الحرب».

وأكد «ضرورة اغتنام كل فرصة لإنقاذ الأرواح ودرء المجاعة الجماعية وصياغة طريق نحو السلام في اليمن ذلك لأن الوضع الإنساني في هذا البلد أسوأ من أي وقت مضى».

وأعرب غوتيريش عن أسفه لانخفاض التمويل الإنساني المخصص لليمن العام الماضي حيث تلقت الأمم المتحدة 1.9 مليار دولار أمريكي أي نصف ما احتاجته المنظمة الدولية ونصف ما حصلت عليه في العام السابق.

وأشار إلى أن «هذا النقص قد تزامن مع انهيار العملة اليمنية وجفاف التحويلات المالية من اليمنيين في الخارج حيث ضرب الوباء الذي تسببت فيه الجائحة (كوفيد 19) الاقتصادات في كل مكان فخلف كل هذا تأثيراً وحشياً».

وشرح أن المنظمات الإنسانية التي تقدم الغذاء والماء والرعاية الصحية قد خفضت أو حتى أغلقت برامجها وأصبحت العائلات بلا مأوى.

وذكر المسؤول الأممي أن تقليل المساعدات الانسانية بمثابة «عقوبة إعدام لعائلات بأكملها ومع احتدام الحرب يدفع أطفال اليمن الثمن كما أن تأثير الصراع على هؤلاء الأطفال سيؤدي إلى استمرارهم في دفع الثمن الباهظ بعد فترة طويلة من صمت البنادق».

وأوضح أن «استمرار الأضرار الاقتصادية والانقسامات والمظالم لعقود سيكون له العديد من التبعات فضلاً عن أن المجتمعات التي دمرها الصراع تحمل ندوباً معنوية ونفسية لأجيال».

كما أشار إلى أن «المجاعة تثقل كاهل اليمن ما يجعل السباق مستمراً إذا أردنا منع الجوع والمجاعة من إزهاق أرواح الملايين».

وشرح أمين عام الأمم المتحدة الوضع الإنساني في اليمن بالتفيصل، مشيراً إلى أن «أكثر من 20 مليون يمني يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية وأن النساء والأطفال هم الأكثر تضرراً».

وقال في هذا السياق، إن هذا يعني أن اثنين من كل ثلاثة أشخاص في اليمن بحاجة إلى مساعدات غذائية أو رعاية صحية أو أي دعم آخر منقذ للحياة من المنظمات الإنسانية.

ولفت إلى أنه «من المتوقع أن يعاني أكثر من 16 مليون شخص من الجوع هذا العام أي ما يقرب من 50 ألف يمني يموتون جوعاً بالفعل في ظروف تشبه المجاعة وهي أسوأ حالات الجوع في المناطق المتضررة من الصراع».

وأضاف أن «أربعة ملايين شخص في جميع أنحاء اليمن أجبروا على ترك منازلهم كما يهدد هجوم الحوثيين الأخير في مأرب بتشريد مئات الآلاف غيرهم بعد أن تسبب الصراع في اليمن العام الماضي في مقتل أو إصابة أكثر من 2000 مدني وتم تدمير الاقتصاد وسحق الخدمات العامة حتى أن نصف المرافق الصحية في اليمن تعمل بالكاد بكامل طاقتها».

ولفت إلى أن «الحياة في اليمن الآن أصبحت لا تطاق بالنسبة لغالبية الناس هناك بل أن الطفولة في اليمن باتت نوعاً خاصاً من الجحيم لأن أطفال اليمن يتضورون جوعاً وفي هذا العام سيعاني ما يقرب من نصف الأطفال دون سن الخامسة في اليمن من سوء التغذية الحاد».

وبين غوتيريش «سيواجه 400 ألف من هؤلاء الأطفال سوء تغذية حاد يمكن أن يودي بحياتهم ما لم يتم توفير علاج عاجل.. أما الأطفال الذين يتضورون جوعاً فهم أكثر عرضة للأمراض التي يمكن الوقاية منها مثل الكوليرا والدفتيريا والحصبة في حين يموت كل عشر دقائق طفل بسبب مثل تلك الأمراض في اليمن».

وقال «أن هذه الحرب تبتلع جيلاً كاملاً من اليمنيين ويجب أن تتوقف.. وكان من الواضح منذ سنوات أنه لا يوجد حل عسكري في اليمن».

وأضاف أن الأمم المتحدة ستحتاج إلى 3.85 مليار دولار لدعم 16 مليون يمني على شفا كارثة، مناشداً جميع المانحين بأن يمولوا هذه الحملة بسخاء لوقف المجاعة التي تجتاح البلاد ذلك لأن كل دولار مهم وسيحدث فرقاً كبيراً وملموساً وفي كتير من الأحيان هي مسألة حياة أو موت.

وحث غوتيريش جميع الأطراف مرة أخرى على تلبية متطلبات القانون الإنساني الدولي لتيسير وصول المساعدات الإنسانية بسرعة ودون عوائق، مؤكداً أن المساعدة التي يتعهد بها المانحون اليوم لن تمنع انتشار المجاعة وتنقذ الأرواح فقط بل ستساعد في تهيئة الظروف لسلام دائم.