في إطلالته الأولى على أنصاره منذ خروجه من البيت الأبيض في 20 يناير الماضي، لاقى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ،أمس الأول، حفاوةً بالغة في الملتقى السنوي للمحافظين الذي افتُتح الجمعة في أورلاندو.

وقال ترامب، في خطاب استمرّ 90 دقيقة بمؤتمر "العمل السياسي المحافظ"، "نحن نخوض صراعاً من أجل بقاء الولايات المتحدة كما نعرفها، وهذا صراع رهيب ومريع ومؤلم. لكن في النهاية، نحن نفوز دائماً".

Ad

وأبدى ترامب تصميمه على التأكد من أن حركته الشعبوية تحافظ على سيطرة الحزب الجمهوري الذي يكافح لإخفاء انقساماته منذ الاقتحام غير المسبوق لمبنى الكابيتول هيل، قائلاً: "الرحلة المذهلة التي بدأناها معاً، لم تنته بعد، وفي النهاية سنفوز".

ووضع الرئيس الجمهوري السابق حدّاً للشائعات حول عزمه إنشاء حزب سياسي جديد، بقوله: "لن أطلق حزباً جديداً. لدينا الحزب الجمهوري. سوف يتّحد ويكون أقوى من أيّ وقت مضى".

وألمح رجل الأعمال البالغ من العمر 74 عاماً، من دون أن يذكر ذلك صراحة، إلى أنه قد يترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2024. وتوجّه إلى حضور من المناصرين له الذين لا يزالون يرفعون أعلاماً ويضعون قبّعات ويحملون أغراضاً عليها اسم ترامب، فيما توسّط المؤتمر تمثال ذهبي له: "بمساعدتكم سنستعيد مجلس النوّاب، وسنفوز بمجلس الشيوخ، وبعد ذلك سيعود رئيس جمهوري منتصراً إلى البيت الأبيض، وأتساءل من سيكون؟ من يدري؟ ربما أقرّر أن أهزم (الديمقراطيين) للمرّة الثالثة"، في تكرار لمزاعم فوزه على الرئيس الديمقراطي جو بايدن بانتخابات 3 نوفمبر ورفضه بحزم الاعتراف بهزيمته.

وفي أمر غير معتاد بالنسبة لرئيس أميركي ترك منصبه حديثاً، انتقد ترامب خليفته بايدن وسياساته في مجال تغيّر المناخ والطاقة ونزاهة الانتخابات، مؤكداً أنّ الرئيس الديمقراطي أنهى للتوّ "الشهر الأوّل الأكثر كارثيّة" لأيّ رئيس جديد في السلطة.

وإذ اتهم بايدن، كما كان متوقّعاً، مرة أخرى بالرغبة في تحويل أميركا إلى "دولة اشتراكية"، وصف ترامب في خطابه المتشائم أيضاً، الولايات المتحدة بأنّها أرض مقسّمة، مشدّداً على أنّ "أمن وازدهار وهوّية الأميركيّين على المحكّ".

استهداف الجمهوريين

ولم يفوت الرئيس السابق الفرصة لشنّ هجوم على بعض الجمهوريّين وسمّى عشرة صوّتوا لعزله في مجلس النوّاب وسبعة صوّتوا بلا جدوى لإدانته في مجلس الشيوخ، داعياً أنصاره إلى "التخلص منهم!".

وبعد أربع سنوات أمضاها ترامب في البيت الأبيض، خسر الجمهوريّون السيطرة على مجلسَي الكونغرس وعلى البيت الأبيض.

كذلك، يحمل الرئيس السابق إلى الأبد وصمة آليّتَي عزل فُتحتا في حقّه، اتّهِم في إطار الثانية بالتحريض على التمرد وتشجيع أنصاره على الاقتحام الدامي لمبنى الكابيتول في 6 يناير الماضي.

وفي نهاية المطاف، تمت تبرئة ترامب خلال محاكمته في مجلس الشيوخ في منتصف فبراير. لكن سبعة جمهوريين صوتوا لمصلحة إدانته، وهو أمر غير مسبوق.

ولا يزال ترامب يحظى بشعبية كبيرة لدى الحزب الجمهوري وقاعدته، وفي استطلاع غير رسمي للمشاركين في مؤتمر العمل السياسي للمحافظين، أعرب 95 في المئة عن تأييدهم لاستمرار برنامجه الشعبوي و70 في المئة عن رغبتهم في ترشحه مرة ثالثة في عام 2024، لكن 55 في المئة فقط اعتبروا أنه يجب أن يكون مرشح الحزب الجمهوري القادم.

واحتشد أنصار مخلصون لترامب في مؤتمر العمل السياسي للمحافظين المؤتمر في الأيام القليلة الماضية. وابتعد منتقدوه من داخل الحزب عن الحدث الكبير، الذي يقام عادة في واشنطن، لكن تم نقله إلى أورلاندو بسبب قيود فيروس كورونا المخففة في فلوريدا.

حاكم نيويورك

في غضون ذلك، تحوّل حاكم نيويورك الديمقراطي النافذ أندرو كومو من شخصية وطنية بلغت ذروتها الربيع الماضي من خلال إيجازاته الصحافية عن الأزمة الصحية وتعامله مع تفشي فيروس كورونا، إلى شخص غير مرغوب فيه متهم بالتحرش الجنسي وبات الآن في وضع هش وقد لا يكفيه -التنازل عن القبول بتحقيق مستقل في تهدئة الأجواء.

وأقرّ كومو، الذي يواجه ضغوطاً متزايدة بما في ذلك من قبل زملائه الديمقراطيين لاتّهامه للمرة الثانية بالتحرش الجنسي، بأن سلوكه "فسر بشكل خاطئ على أنه مغازلة غير مرغوب بها"، معرباً عن أسفه "حقاً إذا انتاب أحدهم هذا الشعور".

وبعد أربعة أيام من تأكيد مستشارته الاقتصادية السابقة ليندسي بويلان بأن كومو قبلها بقوة على فمها واقترح عليها أن تشارك في لعبة "بوكر التعري" و"تمادى من أجل لمس ظهرها وذراعيها وساقيها" عندما كانت تعمل لديه من 2015 حتى 2018، أكدت أيضاً مساعدته السابقة للشؤون الصحية شارلوت بينيت أنه تحرّش بها جنسياً في ربيع العام الماضي.

وقالت بينيت (25 عاماً)، لصحيفة "نيويورك تايمز" إن كومو (63 عاماً) ابلغها في يونيو بأنه منفتح على مواعدة نساء في العشرينيات وسألها إن كانت تعتقد بأن العمر يؤثر على العلاقات الرومانسية، موضحة أنه رغم أنه لم يحاول قط لمسها، إلا أنها "فهمت أن الحاكم يرغب بإقامة علاقة جنسية وشعرت بعدم ارتياح فظيع وخوف".

وأصدر الحاكم النافذ، الذي اضطر إلى القبول بعدم اختياره شخصياً للمكلف هذه التحقيقات، بياناً، أمس الأول، نفى فيه أن يكون لمس أو تحرّش بأحد، وقال: "أعتقد أحياناً أنني مرح وأقول نكاتاً بطريقة أعتقد أنها مضحكة. لا أقصد أي إساءة وأحاول فقط إضافة بعض الخفة والدعابة إلى عمل جدي جداً"، مضيفاً: "أدرك الآن أن تفاعلي لربما كان يفتقد إلى الحساسية أو كان شخصياً بدرجة كبيرة".

تحقيق مستقل

ودعا كومو، الذي اختار القاضية الفدرالية السابقة بربارا جونز للإشراف على التحقيق في القضية، إلى النظر بشكل مستقل في الاتهامات، لكن شخصيات بارزة في صفوف حزبه الديمقراطي اعتبرت أن ذلك غير شفاف بشكل كاف.

واعتبرت النائبة الليبرالية البارزة ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز أن "الشهادات المفصّلة" التي صدرت عن السيدتين اللتين اتهمتا كومو "جدية جداً ومؤلمة"، مؤكدة أن التحقيق حول تصرفاته يجب أن تشرف عليه المدعية العامة للدولة ليتيسيا جيمس وليست القاضية الفدرالية السابقة التي عينها بنفسه يوم السبت.

وتدخلت المدعية التي قد تترشح لمنصب حاكم الولاية في نهاية 2022، هي أيضاً لتطلب من كومو الذي ينبغي عليه الموافقة، تكليفها الملف "فوراً".

وفي بيان قالت مستشارة قانونية للحاكم، إن هذا الأخير الذي يتولى المنصب منذ 10 سنوات يقبل بالتراجع من دون أن يكلف مايزي جيمس التحقيق مباشرة.

وأوضحت المستشارة بيث غارفي "نريد أن نتجنب بأن يسود الانطباع بغياب الاستقلالية أو أي تدخل سياسي. لذا طلبنا من المدعية العامة في الولاية وقاضي القضاة في محاكم الاستئناف الاختيار معاً لمحام خاص مستقل من دون أي انتماء سياسي".

ودعت الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي أيضاً إلى "تدقيق مستقل بالادعاءات"، مشيرة إلى أن بايدن، الذي يعرف كومو منذ فترة طويلة، "يعتبر أنه ينبغي الإصغاء إلى كل امرأة وينبغي أن تعامل باحترام وكرامة".