رفض مجلس الشورى الإيراني (البرلمان)، الخاضع لهيمنة التيار المتشدد، أمس، «الاتفاق الفني المؤقت»، الذي أعلنت حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني التوصل إليه مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويسمح باستمرار تفتيش المنشآت النووية مدة 3 أشهر بعد بدء سريان قانون أقره البرلمان لوقف العمل بالبروتوكول الإضافي.

وتعهد مجلس الشورى باللجوء إلى القضاء المستعجل لوقف تفاهم الحكومة، الرامي إلى التغلب على مخاوف الغرب وإفساح المجال أمام جهود إعادة المسار الدبلوماسي بين طهران وإدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، معتبراً أن الخطوة التي تم التوصل إليها، مساء أمس الأول، التفافاً غير مشروع، على قانون وقف العمل بالبروتوكول الإضافي الذي يسمح بعمليات تفتيش مفاجئة للمنشآت الدولية.

Ad

ودعا رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، مجتبى ذو النور، الحكومة إلى التراجع عن التفاهم الذي تم التوصل إليه بين منظمة الطاقة الذرية الإيرانية ومدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ينتهك قانون «الإجراء الاستراتيجي» لرفع العقوبات الأميركية وصيانة حقوق الشعب الإيراني، مطالباً بإلغاء الخطوة في أقرب وقت ممكن.

وتابع: «يجري الآن في البرلمان التوقيع على طلب لتقديم الرئيس روحاني وكل من خالف تطبيق قانون البرلمان إلى القضاء، وعلى القضاء أن ينظر فيه خارج نظام عمله الطبيعي».

وعقد البرلمان اجتماعاً مغلقاً لبحث التفاهم المؤقت وسط انتقادات من منصات التيار المتشدد و»الحرس الثوري» للخطوة التي تعول عليها حكومة روحاني من أجل إبقاء مساحة للتحركات الأوروبية بهدف إعادة واشنطن للاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018. وصوت نواب البرلمان بالإجماع على رفض اتفاق الحكومة والوكالة الدولية. وقال رئيس المجلس، محمد باقر قاليباف إن «أي عمليات تفتيش خارج اتفاقية الضمانات ممنوعة وغير قانونية دون موافقة البرلمان».

جدير بالذكر أن 226 نائباً في البرلمان الإيراني، كانوا قد وقعوا أمس الأول، على بيان، أكد ضرورة وقف العمل بالبروتوكول الإضافي بحلول اليوم، بعد أن تسربت أنباء عن مطالبة الحكومة للمرشد الأعلى علي خامنئي بالتدخل من أجل تعطيل القانون.

دفاع وتمسك

في المقابل، تمسكت حكومة الرئيس الإيراني المعتدل بموقفها المتحفظ تجاه تطبيق القانون الذي قد يعقد مسار جهود الأطراف الأوروبية لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

ودافعت السلطة التنفيذية عن موقفها عبر تصريحات شرحت فيها منظمة الطاقة الذرية التفاهم الذي تم التوصل له خلال زيارة غروسي. وقالت إن الاتفاق اقتصر على «تسجيل وحفظ معلومات عن بعض الأنشطة النووية» لمدة 3 أشهر لدى إيران نفسها، وأن الوكالة الدولية لن تتمكن من الوصول إلى البيانات.

وأكدت المنظمة في بيان وقف تنفيذ البروتوكول الإضافي اعتباراً من اليوم، على أن تواصل إيران تنفيذ التزاماتها ضمن معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

وأوضحت المنظمة أنها اتفقت مع غروسي، على أن إيران ستسجل معلومات عن بعض النشاطات والمعدات الرقابية والمحددة في قائمة سرية، وستحتفظ بها لفترة 3 أشهر. وإذا تم إلغاء العقوبات تماماً خلال هذه الفترة، فإن إيران ستقدم هذه المعلومات إلى الوكالة الدولية، وإلا فإن هذه المعلومات ستُمحى إلى الأبد.

وأفاد المتحدث باسم وزارة الخارجية بأن طهران تدرس طلباً أوروبياً بمشاركة أميركية في اجتماع مرتقب للدول الموقعة على الاتفاق النووي.

وجدد وزير الخارجية محمد جواد ظريف، مطالبة بلاده لواشنطن بـ»إجراءات تصحيحية» لإعادة الالتزام بالاتفاق.

وكتب ظريف، عبر «تويتر»، حول المسار الذي يجب أن تعتمده أميركا للعودة إلى اتفاق 2015: «هناك طريق واحد نحو الأمام بترتيب منطقي: الالتزام ـ الإجراء ـ الاجتماع».

وأكد الوزير أن إيران سترد بالمقابل فوراً عبر وقف إجراءاتها التي انتهكت التزاماتها في الاتفاق والتي تسميها طهران «خطوات تعويضية».

وتشير تصريحات ظريف إلى استمرار معارضة بلاده الدخول في مفاوضات غير رسمية دعا لها الاتحاد الأوروبي للأطراف الأصلية بالاتفاق، روسيا والصين وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة، من أجل بحث إحياء العمل به إضافة إلى توسيعه ليشمل أنشطة طهران في المنطقة وتسلحها الباليستي.

تحركات أوروبا

وجاء احتدام الصراع الإيراني الداخلي قبيل اجتماع بحث فيه وزراء الخارجية بدول الاتحاد الأوروبي ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جهود الوساطة لحل الخلاف الأميركي ـ الإيراني حول سبل إحياء الاتفاق النووي، مع استمرار غموض موقف طهران التي بدت معزولة دولياً بمواجهة دبلوماسية بايدن.

وفي تصريحات قبيل بدء اجتماع بروكسل، أكد مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوربي جوزيب بوريل أن الاتحاد يجري اتصالات مكثفة مع كل الأطراف لبحث إمكانية عودة واشنطن للاتفاق وهو ما يلمح إلى إمكانية مطالبة البيت الأبيض بتخفيف أو إلغاء بعض عقوبات ترامب على طهران.

في موازاة ذلك، دعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس طهران للتعاون بشكل كامل وشفاف قبل أن يتضرر الاتفاق النووي الذي يصب في مصلحتها بشكل لا يمكن إصلاحه.

في غضون ذلك، دعا قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال كينيث ماكينزي إيران إلى الامتناع عن أي استفزاز. وقال قائد القيادة الوسطى «سنتكوم» خلال زيارة لسلطنة عمان، مساء أمس الأول: «أظن أن هذا وقت مناسب للجميع للتصرف بحيطة وحذر، وترقب ما سيحدث». لكنه شدّد على أنه «رغم ذلك، أظن أننا سنكون مستعدين لأي احتمال».

وحث ماكينزي خلال جولة بحرية مع رئيس الأركان العماني عبدالله الريسي بمضيق هرمز إيران على عدم القيام بأي «أنشطة شائنة»، في محاولة لإعادة بناء الثقة، قائلاً: «أظن أنهم يرغبون في أن يتم الاعتراف بهم كعضو مسؤول وعنصر استقرار في المنطقة».