في محاولة لإبقاء نافذة الدبلوماسية التي فتحها الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، بهدف إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، مفتوحة، سعت حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى تدوير الزوايا بشأن تنفيذ قانون البرلمان، الذي ينص على وقف العمل بالبروتوكول الإضافي في الاتفاق النووي، على أمل كسب الوقت من أجل التوصل إلى تفاهم أو ترتيبات مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، الذي أجرى لقاءات بطهران أمس، من أجل كبح وتبريد الخطوة المثيرة لقلق الغرب والأسرة الدولية.

وبعد أن مطت حكومة روحاني مهلة تنفيذ القانون من الأحد إلى الغد، سرت أنباء عن مطالبة وزير الخارجية محمد جواد ظريف المرشد الأعلى علي خامنئي بالتدخل شخصيا لوقف تنفيذ القانون الذي يتضمن منع التفتيش المفاجئ للمنشآت، ويوقف إجراءات الشفافية بشأن تخصيب اليورانيوم و"الكعكة الصفراء".

Ad

وبينما كان ظريف يعقد اجتماعا مع غروسي، سارعت الحكومة، التي أعلنت في وقت سابق معارضتها للقانون وتحفظها على تطبيقه، إلى نفي التقارير عن مطالبة وزير الخارجية للمرشد بالتدخل لوقف تطبيق إيران للبروتوكول الإضافي، على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زادة.

وبمواجهة ضغوط البرلمان الخاضع لهيمنة التيار المتشدد، شدد ظريف، في تصريحات أمس، على أن بلاده لن تدخل في مفاوضات جديدة قبل رفع جميع العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بعد انسحابه من الاتفاق النووي عام 2018، لكنه شدد في وقت نفسه على أن قرار طهران بوقف البروتوكول الإضافي لا يعني التخلي عن الاتفاق النووي المبرم مع القوى الكبرى روسيا والصين وألمانيا وبريطانيا وفرنسا.

ورأى ظريف أنه يتعين على واشنطن رفع العقوبات عن طهران لإنقاذ الاتفاق، وانتقد إدارة بايدن قائلا: "في واقع الأمر هم يتبعون نفس سياسة الضغوط القصوى" التي انتهجها سلفه ترامب، متابعا: "يمكن العدول عن جميع الخطوات التي اتخذناها خارج نطاق الاتفاق النووي. يجب على الولايات المتحدة العودة للاتفاق ورفع كل العقوبات. الولايات المتحدة تدمن فرض العقوبات، لكن عليهم أن يعلموا أن إيران لن ترضخ للضغوط".

وجدد ظريف تأكيد طهران أنها لا تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية، مشيرا إلى أن "السلطات الإيرانية ناقشت جميع الأمور المهمة مع غروسي"، واردف: "لن نسمح بأخذ أشرطة الكاميرات التي هي في مراكزنا النووية".

لا صفقة

وفي جانب آخر من تصريحاته، أكد وزير الخارجية الإيراني أن "طهران أبلغت المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث بأنها مستعدة للمساعدة في إنهاء الحرب باليمن"، خلال زيارته الأخيرة التي قام بها لطهران.

وقال ظريف: "لم نتلق أي مقترح بوقف دعم طهران لجماعة أنصار الله الحوثية، مقابل وقف دعم واشنطن عمليات التحالف الذي تقوده الرياض في اليمن".

بيان واحتجاجات

وتزامنا مع زيارة غروسي، الذي حاول اقناع المسؤولين بالعدول عن تطبيق تعليق البروتوكول الإضافي، أصدر أكثر من 220 برلمانيا إيرانيا بيانا جاء فيه: "يجب تنفيذ قرار البرلمان بشأن خفض الالتزامات النووية، وليس للحكومة الحق أبدا في تأخير تنفيذه".

كما نظمت منصات مقربة من "الحرس الثوري" الإيراني وقفة احتجاجية شارك فيها عدد من طلاب جامعة طهران للتظاهر أمام منظمة الطاقة الذرية الإيرانية احتجاجا على زيارة غروسي، وحمل المتظاهرون لافتات تدعو إلى "طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، و"وقف التعاون مع الوكالة"، كما رددوا هتافات مناهضة للولايات المتحدة.

كما حمل المتظاهرون، الذين كان عددهم محدودا، صورا لمحسن فخري زاده، الشخصية العسكرية والنووية البارزة في النظام الإيراني، الذي اغتيل في ديسمبر الماضي بعملية اتهمت السلطات الإيرانية إسرائيل بتدبيرها.

ولاحقا، التقى مدير الوكالة الدولية رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي قبل أن يغادر متوجها إلى فيينا.

ويلزم القانون الحكومة بأن تعلن اقتصار عمليات التفتيش التي تجريها الوكالة على المواقع النووية المعلنة فقط، وإلغاء السماح بدخول أي موقع يعد مهما لجمع المعلومات إذا أخطرت الوكالة طهران بالأمر قبل وقت قصير، وذلك إذا لم تمتثل الأطراف الأخرى تماما للاتفاق.

ويأتي ذلك في وقت أعلنت إدارة بايدن أنها مستعدة للحديث مع إيران حول عودة البلدين للاتفاق الذي يمنع طهران من امتلاك أسلحة نووية مقابل رفع معظم العقوبات الدولية.

وتمسك البيت الأبيض بضرورة عودة إيران إلى الامتثال للاتفاق النووي والدخول في مفاوضات قبل رفع العقوبات، على أمل أن يفضي المسار إلى اتفاق أوسع يشمل تسلحها الصاروخي الباليستي وأنشطتها في المنطقة.

مفاوضات مثمرة

وأعلنت إيران أنها أجرت مباحثات "مثمرة" مع غروسي، الذي التقى أمس رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف.

وقال كاظم غريب أبادي، سفير طهران لدى الوكالة التي تتخذ من فيينا مقرا لها، "إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية أجرتا مباحثات مثمرة مبنية على الاحترام المتبادل".

وسبق لإيران تأكيد أن تنفيذ قرار مجلس الشورى لن يؤدي الى وقف عمل المفتشين بالكامل أو طردهم، وهو موقف أعاد ظريف تأكيده أمس، محذرا في الوقت نفسه من أن طهران ستواصل خفض التزاماتها ما لم يعد الأطراف الآخرون الى التزاماتهم، خصوصا رفع العقوبات.

وقال في حوار مع قناة "برس تي في" الإيرانية الناطقة بالانكليزية، إن طهران ستتحدث الى غروسي "عن احترام قواعد وقوانين بلادنا التي تعني تنفيذ قرار البرلمان (...) وفي الوقت نفسه عدم الوصول الى طريق مسدود لكي يتمكن من تنفيذ الالتزامات لإظهار أن برنامج إيران النووي يبقى سلميا".

وكان المدير العام أكد سابقا أن زيارته هدفها إيجاد "حل مقبول من الطرفين (...) لتتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مواصلة نشاطات التحقق الأساسية في إيران".

جمهوريون يتساءلون: هل سمحنا لإيران بشراء الأسلحة؟

دعا جمهوريون في الكونغرس الى فتح تحقيق عاحل بعد مبادرة الرئيس جو بايدن لالغاء طلب الرئيس السابق دونالد ترامب بتفعيل آلية الزناد في الاتفاق النووي، ما يعني عملياً التراجع عن العقوبات التي تمنع وتقيد روسيا والصين خصوصاً من بيع أسلحة لإيران.

ووصف السيناتور الجمهوري ماركو روبيو، موقف بايدن تجاه إيران بأنه "ليس أقل من كونه متهورًا". وقال روبيو في بيان "لم يمض وقت طويل على هجوم القوات المدعومة من إيران على الأميركيين في العراق، حيث يحاول الرئيس بايدن يائسا الدخول في اتفاق فاشل وتخفيف العقوبات عن النظام الإيراني. يجب على الرئيس توضيح أنه يفهم أنه لا يمكن الوثوق بمرشد إيران علي خامنئي لاحترام الاتفاقيات الدولية، وأن الولايات المتحدة لن تكون لعبة في أيدي الإيرانيين خلال السنوات الأربع المقبلة".

وكتب النائب جو ويلسون: "هذا أمر شائن وخطير. بايدن منح ضوءا أخضر للتو لفلاديمير بوتين وشي جينبينغ في بيع أسلحة لإيران.. لماذا؟".

وأجاب النائب غريغ ستيوبي، عضو في لجنتي القضاء والشؤون الخارجية في مجلس النواب: "أوافق جو. لماذا رفع بايدن عقوبات الأمم المتحدة التي تمنع بوتين من بيع أسلحة لإيران؟ يبدو أنه يستدعي إجراء تحقيق".

وأطلقت إدارة ترامب آلية "الزناد" في أغسطس، بعد فشل محاولة من قبل الولايات المتحدة لتمديد حظر الأسلحة على إيران الذي كان من المقرر أن ينتهي في أكتوبر كجزء من صفقة 2015 وحظر النظام من شراء وبيع الأسلحة من الحلفاء.

وبموجب الالية يمكن اعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة قبل الاتفاق النووي لكن الامم المتحدة رفضت الخطوة الاميركية على اساس ان واشنطن انسحبت من الاتفاق ولم تعد عضواً فيه.