حين تتحول الممارسة السياسية إلى عبث فإن أي فعلٍ ينتج عنها سيكون عبثيا ومدمرا، خصوصا عندما يستخدم السياسي نفوذه وماله وسطوته لتصفية خصومه ومحاربتهم، وهو الأمر الذي لم نره سابقاً في العمل السياسي الكويتي، ولكنه أصبح شائعاً وواضحاً خلال السنوات الأخيرة، بل أصبحت ممارسته سلوكاً سياسياً واضحاً وضوح الشمس، يلقي بآثاره المدمرة على حياة المجتمع ومصير المواطنين، ويدمر مؤسسات الدولة.

لقد أصبح العبث السياسي الذي يمارسه ساستنا نهجاً وثقافة لغالبيتهم، بل قد يتأثر به الجيل الجديد من الشباب الذين يعتقدون بهذه الممارسة أن كل من يختلف معهم فكرياً وسياسياً هو عدو مبين يجب إقصاؤه ومحاربته وفقاً لما هو حاصل في حياتنا الحالية، الأمر الذي سينشغل فيه الساسة تاركين البناء والتطوير والتنمية ومتفرغين للحروب السياسية العبثية، لذلك علينا أن ندق ناقوس الخطر من هذا العمل المدمر للوطن ولحياة البشر، وأن يعي الحكماء وأصحاب القرار خطر هذا العبث الكارثي وقطع دابره.

Ad

فحين يستخدم السياسي نفوذه وقوته وماله والقانون لتدمير ومحاربة خصومه الآخرين حتماً سينتج عنها حالة مضادة ومشابهة للكره والحقد عند الطرف الثاني، وسيتعاطف معه المجتمع الذي سيقبل أي ردة فعل مهما كانت عنيفة أو عبثية أو حالة تمرد على القانون وهي طبيعة بشرية لا يمكن إنكارها الأمر الذي سيحدث حالة من الفوضى العامة والمدمرة ستكون عواقبها غير مسبوقة، لذلك دائما يكون اختيار الساسة المحنكين والمميزين بالحكمة والذكاء، وهو ما لم نره منذ فترة، لا في معظم اختيارات الشعب لممثليهم ولا من اختيارات السلطة لوزرائها.

منذ الصوت الواحد والعبث السياسي هو سيد الموقف، وهو من يتسيد المشهد بعد أن غاب أو غيب العمل السياسي الرزين، لذلك على الجميع تحمل المسؤولية الوطنية والتاريخية في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن أمام الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن الوضع الوبائي الراهن الذي يستوجب هدنة سياسية عاجلة من أجل تخفيف الاحتقان كي تتيح للوطن ونخبه البحث عن كيفية تجاوز المخاطر التي فرضها هذا العبث الذي يبدو أنه مستمر دون الالتفات لخطورته.

يعني بالعربي المشرمح:

أيها الساسة، لقد سئم الشعب وعودكم وعبثكم وتلاعبكم وخصومتكم وصراعاتكم، وعليكم أن تعوا ذلك جيداً، فالمواطنون ليسوا سذجاً لتتلاعبوا بحقوقهم ومقدرات وطنهم، فحكموا عقولكم قبل فوات الأوان، فالشعب يريد سياسيين يحترمون أنفسهم ويحترمون شعبهم، فالوضع يزداد تأزيماً نتيجة هذا العبث، ويزداد تدهوراً لاستمرار صراعاتكم العبثية وحروبكم الكارثية، في حين يئن الوطن والمواطن نتيجة عبثكم هذا، فهل تعون وتعودون لرشدكم قبل فوات الأوان؟

محمد الرويحل