كشف مصدر في مكتب المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي لـ«الجريدة»، أن المرشد تسلم أخيراً، تقريراً أمنياً أعده وزير الاستخبارات محمود علوي، حول ملابسات الخلاف بين وزارته و«الحرس الثوري»، بشأن اغتيال العالم النووي العسكري محسن فخري زاده.

وشهدت الأيام الأخيرة فصولا ًجديدة من الخلاف العلني بين هذين الجهازين الأمنيين، بعد أن تحدث علوي بشكل علني على التلفزيون الرسمي عن ضلوع أحد منتسبي «الحرس»، علمت «الجريدة» أنه برتبه لواء، في عملية الاغتيال التي جرت في نوفمبر الماضي.

Ad

وبحسب المصدر، فإن تقرير علوي الذي أعده بطلب من المرشد توصل إلى وجود اختراقات أمنية كبيرة في صفوف «الحرس» والأجهزة الأمنية التابعة له، من قبل استخبارات أجنبية، خصوصاً الأميركية والإسرائيلية.

تحقيقات علوي الذي منح صلاحيات كبيرة من قبل المرشد لإعداد تقريره، كشفت ثغرة كبيرة تمر من خلالها جميع عمليات تجنيد العملاء، فقد تبين أن أغلبية الاختراقات جاءت في صفوف منتسبي «الحرس» الذين سافروا للقتال في الخارج، خصوصا إلى سورية والعراق ولبنان وأفغانستان، حيث جرى استدراجهم.

وقد تجنب التقرير، توجيه أي اتهامات لـ»فيلق القدس» المكلف بالعمليات الخارجية، موجهاً أصابع الاتهام إلى عناصر غير تابعة للفيلق من المتطوعين للقتال في سورية وقياديين وعناصر في «الحرس» سافروا بوتيرة غير مسبوقة الى العراق وسورية، بحجة زيارة العتبات المقدسة لدى الشيعة.

في الوقت نفسه، أشار التقرير بطريقة واضحة الى أن الاختراق الأمني نادر جداً في صفوف الجيش، نظراً الى البروتوكلات الأمنية المشددة التي تشمل عناصره.

وحســــب الـقـــوانين الإيرانية لا يحق للعناصر التابعة للقوات المسلحة الخروج من البلاد دون إذن مباشر من المرشد، وهناك قصة معروفة عندما واجه الجنرال قاسم سليماني قبل تسلمه قيادة «فيلق القدس» محاكمة عسكرية، لأنه عبر الحدود الأفغانية دون إذن خلال ملاحقة مجموعة مسلحة، لكن خامنئي أعفاه منها بأمر مباشر.

وتغير الأمر بعد التدخل الإيراني في سورية والعراق، فمنح المرشد عدداً كبيراً من منسوبي «الحرس» رخصة عامة تسمح لهم بالخروج من البلاد في مهام إلى سورية والعراق ولبنان، كما أعطى إذناً يسمح لعناصر القوات المسلحة بالخروج من البلاد والمشاركة في مراسم دينية، خصوصاً مراسم الأربعين في العراق.

وتواترت أخيراً أنباء عن خلاف بين علوي وروحاني بسبب قيام الأول بالتقرب من المرشد على حساب الرئيس وتقديمه تقاريره مباشرة الى مكتب خامنئي دون علم روحاني.

وأمس الأول أعلن محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس الإيراني، أن الأخير نبه علوي بشأن تصريحاته حول إمكانية أن تلجأ إيران إلى إنتاج قنبلة ذرية.

وكان تصريح علوي فاجأ الجميع حتى أن وكالة «تسنيم» المقربة من الحرس الثوري كانت من أبرز المنتقدين له، متسائلة إن «كان يدرك تبعات تصريحاته على المصالح العليا للبلاد».

ودخل علوي في صراع مباشر من جهاز أمن الحرس الثوري، بعد أن ظهر عبر التلفزيون الرسمي، وأعلن رسمياً مسؤولية عناصر موالية للحرس في وزارة الدفاع عن عملية اغتيال فخري زادة.

كما كشف أن وزارته رصدت تحركات مشبوهة في موقع الاغتيال، وأبلغت الأجهزة المعنية وطلبت شخصياً من فخري زادة التحوط، لكن تحذيراتها قوبلت بالتجاهل من «الحرس».

اجتماع باريس

في سياق آخر، تتجه الأنظار إلى باريس، حيث عقد وزراء خارجية الدول الأوروبية الكبرى اجتماعاً مهماً مع نظيره الأميركي انتوني بلينكن، تمحور حول كيفية إنقاذ عملية إعادة إحياء اتفاق 2015 المبرم مع إيران بشأن برنامجها النووي، وذلك قبل أيام من انقضاء مهلة نهائية حددتها طهران ستفرض من بعدها قيوداً على عمليات التفتيش الأممية.

واستضاف وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان نظيريه الألماني والبريطاني في باريس، بينما انضم إليهما بلينكن عبر الفيديو.

وفي تشديدها على الطريق الصعب المقبل في هذا الصدد، أعربت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عن «قلقها» حيال فشل إيران في الإيفاء بالتزاماتها خلال اتصال هاتفي أجرته مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، مساء أمس الأول.

وقالت ميركل إن «الوقت حان لصدور مؤشرات إيجابية قادرة على خلق الثقة وزيادة فرص التوصل إلى حل دبلوماسي».

إلا أن الرئاسة الإيرانية قالت إن روحاني «انتقد» خلال الاتصال «أداء أوروبا» في ما يتعلّق بالتزاماتها، بعدما انسحبت واشنطن من الاتفاق.

وبينما يحدد المرشد الأعلى السياسة الإيرانية في نهاية المطاف إلا أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية المرتقبة في يونيو تفاقم الضغط من ناحية الوقت. ومن المنتظر أن يغادر روحاني، المدافع عن الدبلوماسية مع القوى الكبرى، منصبه بعد انقضاء ولايتيه، وهو الحد الأقصى الذي يمكن أن يقضيه أي رئيس في المنصب. ويتوقع أن تخلفه شخصية أكثر تشدداً.

وقبيل الاجتماع، أجرى بايدن ليلا محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ناقشا خلالها «التهديد الإيراني والتحديات الإقليمية».

ويتوجه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي، غداً إلى طهران لعقد محادثات مع السلطات الإيرانية تهدف إلى إيجاد حل يمكّن الوكالة من مواصلة عمليات التفتيش في إيران، بحسب الهيئة الأممية.

وفي واشنطن، صرّح المتحدّث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس أن على إيران أن «تتعاون بشكل كامل وفي الوقت المناسب» مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقال «على إيران التراجع عن خطواتها والامتناع عن اتّخاذ خطوات أخرى من شأنها التأثير على تطمينات الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي لا تعتمد عليها الولايات المتحدة وحلفاؤنا وشركاؤنا في المنطقة فحسب، بل العالم بأسره»، مشيرا إلى أن بلينكن يرى أنه بإمكان الاتحاد الأوروبي أن يلعب «دورا مهما».

على صعيد آخر، نقل موقع «أكسيوس» الأميركي عن مسؤولين قطريين قولهم، إن بلادهم تحاول تسهيل الحوار بين الولايات المتحدة وإيران، وتدعو الجانبين إلى العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 وتخفيف التوترات.

وأشار الموقع الأميركي إلى أنه «على عكس عام 2012، يعرف الكثيرون في إدارة الرئيس جو بايدن نظراءهم الإيرانيين وكيفية الاتصال بهم، لذلك قد لا تكون التسهيلات القطرية ضرورية».

ودعا روحاني، في تصريح أمس، الرئيس الأميركي لـ«الخضوع» للقرار 2231 الذي تبنى الاتفلاق النووي.

ورأى أن «الاستسلام للقانون ليس خطأ أو محرجاً، والاستسلام للقوة أمر سيئ، ويجب على المرء دائماً الاستسلام للقانون».