عشية اجتماع مهم يُعقَد اليوم بين الأميركيين والأوروبيين حول الملف النووي الإيراني، تبدو الأمور عالقة بين واشنطن وطهران عند عقدتين؛ الأولى، هي ما بات يُعرف إعلامياً بعقدة «الخطوة الأولى»، إذ تطالب إدارة الرئيس جو بايدن طهران بالتراجع عن خطوات لتخفيض التزامها بالاتفاق رداً على خروج دونالد ترامب منه، بينما يريد الإيرانيون من الإدارة الأميركية الجديدة «تصحيح خطأ» سابقتها، من خلال رفع العقوبات أولاً.

أما العقدة الثانية، فتتمحور حول توسيع الاتفاق النووي، إذ لا تزال طهران ترفض مناقشة هواجس حلفاء واشنطن في المنطقة، خصوصاً برنامج إيران البالستي، والأهم أنشطتها الإقليمية المتمثلة بدعم الميليشيات ورعايتها في العراق واليمن ولبنان وسورية وغيرها.

Ad

وفي حين تحدثت صحف أميركية عن خلافات داخل إدارة بايدن بين تيار يعتبر الملف الإيراني أولوية ويجب التحرك سريعاً لمعالجته، وآخر يدعو لعدم الاستعجال والانتظار، حتى تجري إيران انتخاباتها الرئاسية في يونيو المقبل، يبدو أن الأوضاع داخل إيران ليست أفضل حالاً، إذ لا يقتصر الأمر على التباين بين الوسطيين والأصوليين، بل يتعداه إلى خلافات داخل حكومة الرئيس حسن روحاني.

في هذا السياق، أكدت محطة «زيتون» الإخبارية التابعة للإصلاحيين المقربين من نائب الرئيس إسحاق جهانغيري، الخبر الذي نشرته «الجريدة» منذ نحو شهر عن وجود اتصالات غير رسمية خلف الكواليس بين حكومة روحاني وإدارة بايدن، تحت إشراف روحاني نفسه، وبإدارة محمد نهاونديان المساعد الاقتصادي للرئيس ومدير مكتبه سابقاً عبر نجله محسن نهاونديان المقيم بالولايات المتحدة.

وكشف مصدر مطلع لـ «الجريدة»، أن وزارة الخارجية الإيرانية بقيادة محمد جواد ظريف، كانت تجري اتصالات مع الأميركيين عبر مجيد تخت روانشي سفير إيران بالأمم المتحدة، بالتنسيق مع المرشد الأعلى علي خامنئي وروحاني نفسه، لكن يبدو أن جماعة نهاونديان، سرّبوا معلومات عن اتصالات روانشي المقرب من ظريف، لدفعه إلى وقف اتصالاته، وهو ما حصل فعلاً، في حين أن روحاني ونهاونديان كانا يجريان اتصالات دون علم ظريف، وبعد أن وصلت الاتصالات إلى مرحلة من الضروري إبلاغ خامنئي بها، قام روحاني بذلك شخصياً دون إعلام ظريف أو وزارة الخارجية.

وقال إن تصرف روحاني بهذا الشكل سببه ابتعاد ظريف ووزراء آخرين، بينهم وزير الأمن والاستخبارات محمود علوي، عنه، وتقربهم من خامنئي، ربما لحفظ مواقعهم بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، أو للحصول على مباركة المرشد لترشح ظريف للانتخابات، مما أغضب روحاني الذي يريد أن يبقى في الصدارة بعد الانتخابات، ويعتبر نفسه المرشح الأوفر حظاً لخلافة المرشد.

إلى ذلك، قال المصدر إن وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن، الذي زار طهران قبل أيام، حمل معه رسالة للمسؤولين الإيرانيين تحثهم على التريث وعدم التصعيد النووي، والتمسك بالعودة إلى الاتفاق، وهو الاتجاه الذي يدعمه ظريف، الذي اقترح خطوات متزامنة ورفعاً تدريجياً للعقوبات، في حين أن روحاني يريد رفعاً شاملاً وسريعاً لتحقيق مكسب.

وكشف أن إدارة بايدن عرضت على طهران، عبر وسطاء، تخفيف ضغوط العقوبات، دون الإعلان رسمياً عن ذلك، مقابل تعليق طهران وقف تنفيذ تعهداتها في الاتفاق، لكن روحاني رفض وشدد على ضرورة أن يكون هناك إعلان رسمي عن رفع العقوبات، قائلاً إنه في حال أرادت واشنطن رفعاً تدريجياً للعقوبات فإن طهران ستقابل ذلك بعودة تدريجية عن انتهاكات التزاماتها.

في سياق منفصل، أكد مصدر مقرب من الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي أن الأجهزة الأمنية كانت وراء عدم مشاركة الأخير في أول اجتماع لـ«جبهة الإصلاحيين»، مساء الأحد الماضي، والذي شهد محاولة لتوحيد صفوف الإصلاحيين لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو المقبل. وتذرعت قوات الأمن بوجود خطر أمني يهدد الرئيس السابق.

وبحث اجتماع الأحد توحيد تنظيمات «الحرس القديم» مع التيارات الجديدة، وتم انتخاب بهزاد نبوي رئيس حزب «مجاهدي انقلاب إسلامي».

وسُجن نبوي خمس سنوات، بعد احتجاجات 2009، ومنع من ممارسة العمل عشر سنوات انتهت العام الماضي.

طهران - فرزاد قاسمي