في انفصال مدوّ يشكل رمزاً لانقسامات عميقة تمزق الحزب الجمهوري خصوصاً والولايات المتحدة عموماً، دخل الرئيس السابق دونالد ترامب في حرب مفتوحة مع زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، الذي يتهمه بأنه "مسؤول" عن اقتحام مبنى الكونغرس (الكابيتول).

وبعد التزامه الصمت شبه المطبق منذ خروجه من البيت الأبيض في 20 يناير، أصدر الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة بياناً نادراً يتضمن انتقادات حادة، معلناً قطيعة مع هذا الوضع.

Ad

وكتب ترامب، الذي يقدم نفسه على أنه أفضل رصيد لحزبه لاستعادة السيطرة على الكونغرس في 2022 أن "ميتش سياسي متجهم لا يبتسم أبداً وإذا بقي الأعضاء الجمهوريون في مجلس الشيوخ معه فلن يفوزوا بعد الآن"، مشدداً على أنه سيدعم أي منافس له يتبنى سياسته الخاصة "أميركا أولاً".

وأكد قطب العقارات أن "الحزب الجمهوري لن يتمكن بعد اليوم من أن يحظى بالاحترام أو أن يكون قوياً بوجود قادة سياسيين مثل ميتش ماكونيل على رأسه".

وطوال 4 سنوات، عمل ترامب، الذي لا يستبعد ترشيح نفسه في 2024، يداً بيد مع ماكونيل السناتور عن ولاية كنتاكي المعروف بحنكته، من تعيين مجلس الشيوخ لمئتي قاضٍ محافظ بينهم 3 في المحكمة العليا إلى إصلاح نظام الضرائب الذي شكل نجاحاً تشريعياً نادراً له.

صدمة يناير

وعلى عكس مسؤولين جمهوريين آخرين يرون أنه قوض مشاركة ناخبيه في عمليتي اقتراع حاسمتين في أوائل يناير، حمل ترامب حليفه الوثيق طوال فترة ولايته الوحيدة مسؤولية فقدان الأغلبية في مجلس الشيوخ الذي شكل صدمة في يناير.

ووفق استطلاع للرأي أجرته كوينيبياك ونُشر الاثنين الماضي، فإن ترامب ما زال يتمتع بشعبية كبيرة في معسكره، موضحاً أن ثلاثة أرباع الناخبين الجمهوريين يريدون منه الاستمرار في لعب "دور قيادي" في الحزب.

ولم يكتفِ ترامب في بيانه المطوّل بالتصويب على ماكونيل، بل وسّع نطاق هجومه ليشمل زوجته وزيرة النقل السابقة إيلين تشاو، مبيناً أن "ماكونيل لا يتمتّع بأيّة مصداقية فيما يتعلّق بالصين بسبب المصالح التجارية الكبيرة التي تمتلكها أسرته فيها".

وتشاو المولودة في تايوان عيّنها ترامب وزيرة للنقل واستمرّت سنوات وقدّمت استقالتها غداة الهجوم على مبنى الكابيتول احتجاجاً على "حدث صادم كان يمكن تجنّبه بالكامل".

وفي سبتمبر 2019 استهدف تحقيق برلماني تشاو بشبهة استغلالها منصبها الوزاري لتعزيز مصالح شركة شحن تمتلكها عائلتها، ولاسيّما في الصين.

ورغم تصويت ماكونيل لمصلحة تبرئة ترامب في محاكمة عزله، إلا أنّه اعتبره "مسؤولاً عملياً وأخلاقياً" عن الهجوم الدموي لأنصاره على الكابيتول في 6 يناير، بل ذهب لأبعد من ذلك، مشيراً إلى أن ترامب قد يواجه اتهامات الآن بعد أن ترك منصبه.

وصرح ماكونيل أن مثيري الشغب تحركوا بهذه الطريقة "لأن أقوى رجل في العالم غذاهم بالأكاذيب"، مؤكداً أن "ترامب وحده" كان بإمكانه وقف الحشد وبدلاً من ذلك كان يشاهد التلفزيون، سعيداً سعيداً أثناء الفوضى". ثم حرص على التأكيد مرة أخرى أنه يمكن مقاضاة رجل الأعمال الذي أصبح من جديد "مواطناً بسيطاً"، مشدداً على أنه "لم يفلت من شيء بعد".

وقال ميتش ماكونيل إن إتاحة المجال لترامب في الانتخابات المقبلة غير وارد، مؤكداً أنه هو الذي سيؤثر على اختيار المرشحين الجمهوريين.

وقال لموقع "بوليتيكو" "قد يكون البعض أشخاصاً يحبهم الرئيس السابق والبعض الآخر قد لا يكونون كذلك. الشيء الوحيد الذي يهمني هو أن يتمكنوا من الفوز".

وبينما يعلن عضو مجلس الشيوخ المخضرم عن قطيعة، يقدم آخرون الولاء لترامب في مقر إقامته الفخم في ولاية فلوريدا.

فقد سمح زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب كيفن مكارثي بتصويره مبتسماً في صالونات مارالاغو الذهبية في نهاية يناير.

وأعلن السناتور ليندسي غراهام الوفي للرئيس السابق، الأحد أنه سيقوم بزيارته هذا الأسبوع، معتبراً أنه ما زال "أقوى قوة" في الحزب الجمهوري وحركته في حالة جيدة.

وبعد طي محكمة العزل، قدّم النائب الديمقراطي بيني تومسون شكوى أمس الأول لمحكمة فدرالية في واشنطن ضد ترامب ومحاميه رودي جولياني ومجموعتي اليمين المتطرف "براود بويز" و"أوث كيبرز" لدورهم في الهجوم الدامي على مقر الكونغرس، مستنداً لقانون صدر في 1871 لحماية حقوق الأميركيين السود بعد إلغاء العبودية (1865)، خصوصاً ضدّ مجموعات متطرفة على غرار جماعة "كو كلوكس كلان".

وكتب تومسون، الذي يشغل منصب رئيس لجنة الأمن الداخلي، في الشكوى أن "المتهمين تصرفوا بالتنسيق لتدبير وإطلاق هجوم على الكابيتول، عبر التشجيع على التجمع للمشاركة في حركة عنيفة أو التلويح بالتهديد بذلك، ما عرّض للخطر المدّعي وأعضاء آخرين من الكونغرس"، معتبراً أن الهجوم الذي أدى إلى مقتل 5، نشأ من "مشروع مشترك كان المتّهمون يواصلون (العمل عليه) منذ الانتخابات الرئاسية".

وفي أول لقاء تلفزيوني جماهيري تجنبت فيه شبكة "سي إن إن" طرح أي أسئلة محرجة له، تحدث بايدن أمس الأول من مدينة ميلووكي بولاية ويسكنسن حول "الإحساس المرتبط بالتاريخ" الذي يشعر به باعتباره مقيماً جديداً في البيت الأبيض. وأكد أنه تحدث مع الرؤساء السابقين باستثناء ترامب، الذي انفرد برفض المشاركة في حفل تنصيب خليفته ولم يستضف عائلته بالبيت البيض لأول مرة في تاريخ أميركا الحديث.

وأوضح بايدن، الذي توجه مباشرة للدفاع عن خطته لإنقاذ الاقتصاد البالغة قيمتها 1900 مليار دولار في مواجهة تداعيات وباء كورونا، لمراسل "سي إن إن" أندرسون كوبر أنه أجرى "محادثات خاصة مع جميع أسلافه الأحياء باستثناء واحد".

وإذ وصف أسلافه مثل أبراهام لينكولن وفرانكلين روزفلت وجورج واشنطن، بـ"البشر الخارقين". أبدى بايدن ارتياحه الكبير عندما يرى نفسه قريباً من الرؤساء السبعة السابقين الذين تعرف عليهم شخصياً.