أصدرت محكمة فدرالية بلجيكية قبل أيام حُكمها في قضية الدبلوماسي الإيراني المرموق أسد الله أسدي بتهمة الإرهاب، وحُكِم على أسدي بالسجن عشرين سنة، لكنّ السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو التالي: ما الرد المناسب من الحكومات الغربية على جانبَي الأطلسي؟

حوكم أسدي، وهو ثالث مستشار سابق في السفارة الإيرانية في فيينا، إلى جانب ثلاثة متورطين آخرين على صلة بخطة تفجير تجمّع للمغتربين الإيرانيين والداعمين الدبلوماسيين لهم من تنظيم "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية". اعتقلت السلطات البلجيكية اثنَين من هؤلاء المتورطين حين كانا يحاولان نقل مئات الغرامات من متفجرات بيروكسيد الأسيتون الشديدة الانفجار إلى الموقع المستهدف، أما المتورط الثالث، فقد تم اعتقاله بعد وصوله إلى ذلك الموقع على مسافة قريبة من باريس، فقد اعتُقِل أسدي من جهته في ألمانيا قبل أن يتمكن من العودة إلى مقرّه في النمسا حيث يحظى بحصانة دبلوماسية.

Ad

تثبت الأدلة التي كشفتها هذه القضية إلى أي حد توسّعت الشبكة الإرهابية الإيرانية، حيث سلّم أسدي شخصياً مبالغ نقدية إلى عملاء إيران في 11 دولة أوروبية على الأقل. ضُبِطت إيصالات تثبت دفع تلك المبالغ في سيارته عند اعتقاله، ومنذ ذلك الحين، اتّضح دوره المزدوج كدبلوماسي ومدير الخلايا الإرهابية النائمة التابعة للنظام الإيراني، فكان المتهمون البلجيكيون الإيرانيون الآخرون يقيمون في أوروبا الغربية منذ سنوات من دون التسبب بأي حوادث كبرى، لكن تجددت نشاطاتهم لاحقاً لتنفيذ مهام قد تقتل بسهولة مئات أو حتى آلاف المدنيين والنواب والسياسيين في أوروبا وبريطانيا والولايات المتحدة.

تعطي إدانة أسدي فرصة للمسؤولين الغربيين لإحداث تغيير بالغ الأهمية في سياساتهم الحكومية المرتبطة بالجمهورية الإسلامية. خلال فترة طويلة جداً، كانت تلك السياسات تميل إلى إطلاق مبادرات تصالحية لدعم فريق "معتدل" ووهمي داخل الأوساط الثيوقراطية الإيرانية. ترسّخت تلك النزعة في عام 2015 تزامناً مع إبرام الاتفاق النووي، وسرعان ما أصبح الحفاظ على ذلك الاتفاق أشبه بهوس أحادي الجانب لدى عدد كبير من السلطات والدبلوماسيين في أوروبا.

يأتي المخطط الإرهابي في باريس بعد سنتين ونصف على تنفيذ "خطة العمل الشاملة المشتركة"، مما يثبت حجم التضليل في هذه المصالحة الغربية. أدت تلك المبادرة بكل بساطة إلى زيادة جرأة النظام الإيراني وتشجيعه على اتخاذ تدابير تُهدد المصالح الغربية مباشرةً وتطرح المخاطر على حياة المواطنين الأوروبيين أيضاً.

شكّل الحُكم الصادر بحق أسدي أول تحد بارز لفرضية إيران المرتبطة بعدم تعرّضها للمحاسبة مهما فعلت لأنه أول دبلوماسي إرهابي تابع للنظام يواجه تُهَماً بسبب نشاطاته الشائكة. لكن لن تكون محاكمته، ولا حتى إدانته، كافية.

تكلم أكثر من 20 مسؤولاً أوروبياً بارزاً في الأسبوع الماضي عن ضرورة محاسبة وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، نظراً إلى دوره المثبت في التخطيط لتفجير تجمّع سلمي في قلب أوروبا، وطالب هؤلاء أيضاً الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بوضع وزارة الاستخبارات الإيرانية والحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب ومحاكمة العملاء والمرتزقة التابعين لهذه الجهات في الدول الأوروبية ومعاقبتهم وترحيلهم.

بعد صدور الحُكم بحق أسدي واعتباره مذنباً، تقع مسؤولية اتخاذ خطوات إضافية من هذا النوع على عاتق صانعي السياسة في أنحاء الغرب، حيث يمكنهم أن يبدؤوا بتحمّل تلك المسؤولية عبر إضعاف العلاقات بين حكوماتهم والجمهورية الإسلامية، ثم يؤكدوا ظهور عواقب أخرى إذا رفضت طهران تفكيك شبكتها الإرهابية في أوروبا، ويطالبوا إيران بتقديم أدلة مقنعة لإثبات عدم حيازتها الإمكانات اللازمة أو عدم استعدادها لتنفيذ مخطط إرهابي آخر في أوروبا.

يجب أن يفكر المجتمع الدولي جدّياً بإغلاق السفارات الإيرانية سريعاً وقطع العلاقات الدبلوماسية بالكامل إذا رفض النظام الإيراني الامتثال. لقد أصبحت قوة القادة السياسيين الغربيين للتعامل مع التهديد الإرهابي الإيراني في الشوارع الأوروبية تحت الاختبار. يترقب العالم أجمع تحركاتهم المقبلة.

بوب بلاكمان - كاب إكس