بعد سنوات من المعاناة، والبحث عن موقف في ساحات خارجية شعارها الفوضى المرورية، مصحوبة بشعور كئيب نتيجة درجات حرارة مرتفعة تضاعف ألم عدم إنجاز معاملة أيّاً كان نوعها داخل مجمع الوزارات، جاء إنشاء الموقف الشرقي ليمثل انفراجة كبيرة طال انتظارها لمراجعي المجمع وموظفيه.

"الموقف الشرقي" نموذج فريد للمواقف، حيث صمم بأسلوب ونمط حديث ذكي وصديق للبيئة، على مساحة 27500 متر مربع، ويتسع لـ 4 آلاف سيارة، ويتكون من 3 سراديب و"أرضي" وخمسة أدوار وسطح، واستخدمت فيه ألواح خلايا شمسية لتوليد الطاقة، فضلاً عن اعتماده على أنظمة آلية تنظم عملية الدخول والخروج بكل سهولة.

Ad

شكّل الموقف الشرقي لمجمع الوزارات حلاً لأزمة استمرت سنوات وكانت تؤرق الموظفين والمراجعين على السواء.

وأكد مدير إدارة مجمع الوزارات، الوكيل المساعد لشؤون الخدمات العامة بالتكليف، م. عبدالناصر العبدالله، في تصريح لـ "الجريدة"، أن "الهدف من تنفيذ مشروع تأهيل وتطوير مبنى المجمع هو زيادة عمره الافتراضي بحيث يخدم حتى ثلاثين سنة قادمة، إذ تم تطوير البنية التحتية والخدمات الفنية، إضافة إلى تطوير الشكل المعماري داخليا وخارجيا لمواكبة التطور العمراني والحداثة في تقديم الخدمات للمراجعين والموظفين".

وأشار العبدالله إلى أن "مشروع الموقف الشرقي المصاحب لتطوير مبنى المجمع حيوي ويخدم الموظفين والمراجعين ويحتوي على 4 آلاف موقف، وتبلغ مساحته الإجمالية 27500 متر مربع، ويتكون إنشائيا من 3 سراديب ودور أرضي وخمسة أدوار متكررة وسطح، إضافة إلى أن المظلات الموجدة على السطح عبارة عن ألواح خلايا شمسية لتوليد الطاقة الكهربائية".

وأوضح أن لكل مبنى من المباني الثلاثة مداخل ومخارج للسيارات منفصلة عن المباني الأخرى، كما يضم جسرا يربط الموقف الشرقي بمجمع الوزارات على مستوى الدور الثالث، كما تم توفير ممرات مكيفة ومجهزة بمشايات وسلالم متحركة ومصاعد لضمان راحة مستخدمي المواقف، علما أنه تم تصميم هذه المواقف لتكون صديقة للبيئة، "إذ حرصنا على استخدام الطاقة الشمسية والإضاءة الطبيعية الداخلية والمواد الطبيعية في التكسية الخارجية والداخلية أيضا".

وأضاف: "روعي في تصميم الموقف الشرقي أن يكون لكل دور لون يميزه عن غيره، فعند الدخول إلى الموقف من الخارج تجد لوحة كبيرة تحدد ألوان الأدوار، وذلك بهدف التسهيل على المراجع والموظف للوصول إلى سيارته بسهوله"، مشيرا إلى أن "الموقف مجهز بتكنولوجيا حديثة جدا لمستخدميه، فبالنسبة للموظفين هناك كاميرات منتشرة من بداية دخولهم، إذ تلتقط الكاميرات رقم السيارة وتفتح لهم حواجز الدخول دون الحاجة إلى وضع البطاقة الخاصة بالدخول، وفي حال الحضور بسيارة أخرى يمكنهم استخدام البطاقة المخصصة لهم".

وتابع "أما المراجعون، فعند الدخول إلى المواقف تلتقط الكاميرا رقم السيارة، وتبقى محفوظة في النظام، وفي حال عدم قدرة المراجع على الوصول إلى سيارته يمكنه التوجه إلى مكائن الدفع المنتشرة في الموقف وبواسطة تذكرة الدخول يتم ارشاده الى مكان سيارته"، لافتا إلى أن "الموقف مجهز بمواقف خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك دورات مياه خاصة بهم، واستكمالا للاهتمام والعناية التي يحظون بها من وزارة المالية، تم إضافة مواقف خارجية لهذه الفئة داخل سور مجمع الوزارات وتوفير جميع الخدمات المساعدة لإنجاز أعمالهم بيسر".

مواقف ممتازة

من جانبه، قال عذبي الطحنون، وهو أحد المراجعين للمجمع، إن "المواقف ممتازة وتتسع لجميع السيارات وفيها أدوار كثيرة، وكنا محتاجين جدا لهذه المواقف، خصوصا أن الوضع في السابق كان غير مريح إذ نقف على مسافات بعيدة ونستقل الباصات للوصول إلى المجمع أو نسير على الأقدام".

وأكد الطحنون أن "الأمر المريح الآخر أن المواقف مكيفة وتستخدم فيها كي نت، في الخروج منها بدلا من الزحام أمام البوابات في الخروج والدخول، موضحا ان "استخدام الكي نت أسلوب عملي رائع يوفر الوقت والجهد، فضلا عن الابتعاد على ملامسة النقود من شخص إلى آخر في ظل الظروف الصحية الحالية وانتشار فيروس كورونا".

خطوة رائدة

بدوره، أكد مشاري عادل، وهو أحد مراجعي المجمع أيضاً، أن "المواقف بهذا الشكل المميز خطوة رائدة تستحق الثناء، لاسيما أنها ساهمت بشكل كبير في راحة المراجعين الذين يتوافدون على المجمع يومياً"، مشيرا إلى أن "الوضع السابق كان مأساوياً لمن يرغب في إنجاز معاملة بالمجمع، إذ يتعين عليه الوقوف في الساحات الخارجية البعيدة المتعبة، خصوصاً في فصل الصيف الذي تزداد خلاله المعاناة".

وأضاف عادل أن "المواقف الجديدة سهّلت الخدمة على المراجعين وقت الخروج من المجمع، بدلاً من الدفع عند الكاشير الموجود لدى بوابة الخروج في بعض المواقف المنتشرة في البلاد"، لافتا إلى أن "إنشاء هذه المواقف تأخر كثيرا، إذ يفترض أن يتم توفير مواقف المراجعين تزامنا مع إنشاء مجمع الأوقاف الذي يضم العديد من وزارات ومؤسسات الدولة التي يتردد عليها المراجعون يوميا".

وزاد: "أستغرب أنه بعد سنوات من البناء والتخطيط أن تكون المواقف مساحتها ضيقة جدا، ولو رغب أحد السائقين بالتوقف في أحد المواقف فسيضطر الجميع خلفه إلى الانتظار فترة ليست بالقصيرة"، مؤكدا ان "مواقف بعض المجمعات التجارية أفضل من حيث المساحة حتى بين السيارات المتوقفة".

بدوره، قال المواطن نايف الشمري إن المواقف الجديدة سهّلت على المراجعين عملية زيارة مجمع الوزارات وإنجاز معاملاتهم بيُسر، لاسيما عقب سنوات من المعاناة عند زيارته بحثاً عن "مصفط" قريب، أو مكان لترك السيارة بأي من الساحات المحيطة أو القريبة منه التي دائماً ما تكون ممتلئة عن آخرها، خصوصاً خلال الفترة الصباحية الممتدة من التاسعة حتى منتصف النهار.

وعدد الشمري مميزات المواقف الجديدة المتمثلة في قربها الشديد من المبنى الرئيسي، وكثرة مصاعدها وجودتها ودقة توزيعها في جميع الأماكن، فضلاً عن كثرة السلالم المتحركة وقربها من المداخل المؤدية إلى مبنى المجمع، إلى جانب الجسر المغطى ذي الممر المكيف الذي يربطها بالبوابة الرئيسية، موضحا أن هناك ميزة أخرى فريدة في المواقف تتمثل في اعتمادها بصورة شبه كلية على الأنظمة الآلية، سواء عند الدخول أو الخروج أو دفع التعرفة المقررة عن كل ساعة.

وأضاف: "رغم تأخر الدولة في إنشاء المواقف سنوات طويلة، فإنها جاءت لتحل أكبر إشكالية تواجه مراجعي المجمع"، متمنياً "إنشاء مواقف مشابهة بذات الإمكانات والمواصفات والجودة، تكون قريبة أيضاً من المجمع، للقضاء نهائياً على مشكلة المواقف هناك".

روعة وسهولة

من جهته، أشاد محمد عبده، وهو أحد الموظفين، "بروعة وسهولة المواقف الجديدة التي حلّت اشكالية ايجاد (مصافط) في محيط مجمع الوزارات ليس على صعيد المراجعين فحسب، بل على صعيد الموظفين أيضاً الذين لا يملكون مواقف بالسرداب الخاص بالمجمع".

وأبدى عبده "إعجابه الشديد بفكرة استبدال عملية الدفع العادية بالالكترونية عبر خدمة الـ (كي. نت)"، معتبراً انها "جاءت متوافقة مع الاشتراطات الصحية التي تمنع الاحتكاك، قدر المستطاع"، ومؤكدا "نجاح القائمين على المواقف في توزيع أجهزة الدفع داخلها بصورة صحيحة حتى باتت تغطيها بصورة شبه كاملة".

موقف شمالي... مستقبلاً

ذكر العبدالله أن «نظراً للظروف التي مرت فيها البلاد بسبب جائحة كورونا، تم إنجاز المشروع في نهاية سبتمبر2020، وتم التشغيل التجريبي في بداية نوفمبر 2020»، مشيرا إلى «وجود مشروع الموقف الشمالي لمجمع الوزارات الذي تم إيقاف استخدامه لأنه غير آمن للاستخدام إنشائياً، على ان يتم هدمه وإعادة بنائه مستقبلًا عند توفر الرخص اللازمة وتحسن الظروف المالية للدولة، ولكن سيظل ذلك هدفاً بعيداً يحتاج إلى دراسة متأنية».

محمد راشد وجورج عاطف