استخدمت بعض وسائل الإعلام كلمة "حلحلة" للتعليق على خبر اجتماع سمو رئيس الوزراء المكلف بكتلة الستة عشر نائباً، والذي تمخض عنه تشكيل لجنة من الحكومة والنواب لدرس مقترحات يعتبرها جزء كبير من النواب مبادرة من سمو الرئيس لتسهيل التعامل معه في المرحلة المقبلة.

في هذا المجال لا أريد أن أحمل السلم بالعرض، بل على عكس ذلك، فأي توافق حكومي نيابي سيؤدي حكماً إلى مصلحة المواطن، لكن كتلة النواب من خلال التفاوض مع سمو الرئيس أقرت ضمناً بسوابق كان من المفترض ألا تقرها.

Ad

سمو الرئيس استقال إثر إعلان ما يفوق الخمسة والثلاثين نائباً عدم التعاون معه، وهذا التفاوض يعني أن كل رئيس وزراء قادم يستطيع أن يستبق أي نية لإعلان عدم التعاون معه بالاستقالة ليعود بعد أسبوعين ليطوي الصفحة حسب منظوره، ويشكل حكومة جديدة، أدرك هنا أن النص الدستوري ملتبس لكن المواءمة الدستورية كانت تفرض على الكتلة عدم الاجتماع مع سمو الرئيس، الأمر الآخر أن الكتلة أقرت ضمنا إثر عدم اعتراضها على سمو الرئيس نيته التأخر في تشكيل الحكومة، مما يعني عدم عقد جلسات لمجلس الأمة تقر فيها قوانين يمكن أن يستفيد منها كثير من المواطنين، وهو أمر يتنافى مع روح الدستور الذي وضع لخدمه البلاد والعباد.

قد يتحدث بعض النواب أو حتى المعلقين السياسيين من باب أن اجتماعاً كهذا قد يساهم في بعض المواضيع التي تساهم بالتنفيس عن الاحتقان المتزايد في الشارع، وهذا ما يتمناه الجميع، لكن أحداث السنوات القليلة الماضية أثبتت أن قدرة الحكومة على التأثير على هذه المواضيع محدودة جداً، فملف العفو حسب كلام سمو الرئيس ليس عنده والتشكيل الوزاري ترسمه توازنات عائلية ومتطلبات اجتماعية وتلبيات لمطالب أقطاب برلمانية ستجعل قدرة سموه على المناورة في التشكيل محدودة.

كما أن وعود الحكومة بمحاسبة من اعتدى على المال العام يدور حولها نقاش كبير، فالماليزي يقبع بالأدراج منذ ما يقارب الأربع سنوات، ولولا التحرك الجاد لوزارة الخزانة الأميركية لما تحركت حكومتنا الرشيدة، وكلنا يعرف الأسباب، وصندوق الجيش واليورو فايتر سيطول بهما المقام حيث هما للأسباب ذاتها، واسترجاع بعض المدانين بالاعتداء على المال العام من خارج البلاد ترافقه مقولة "العصفور أكبر من الفخ" وإسقاط القروض أو فوائدها سيعوقه الوضع المالي للدولة، مما يترك لنا تعديل الدوائر إلى خمس بصوتين للناخب، وهذا كان يمكن الوصول إليه من غير الاجتماع مع سمو الرئيس المكلف والتأسيس لسابقة سياسية قد ندفع ثمنها باهظاً في المستقبل.

فهل وصلت الرسالة؟ آمل ذلك!

‏‫وقيس الأسطى